لا أدري من أين جاء الادعاء الشائع بين الإسلاميين الآن، بأن سقوط مرسي يعني سقوط "المشروع الإسلامي"؟! هذا الكلام هو أكبر إدانة للإسلاميين، وربما يعطي مصداقية للتهم التي ما انفكت تطاردهم بأنهم "اختطفوا الثورة".. لأنه لم يكن من مطالب ثورة يناير إقامة "دولة الخلافة" أو إحياء "المشروع الإسلامي".. فيما يظل الأخير مصطلحًا مبهمًا لا يكاد يعرف أحد فحواه ومعناه، حتى هؤلاء الذين يلوكونه آناء الليل وأطراف النهار. الثورة كانت تطالب ب"المشروع الإنساني".. والذي لخصته في كلمات بسيطة: عيش حرية، كرامة وعدالة اجتماعية. نحن نملك الإسلام، ولا نملك حريتنا.. كانت تلك هي الحقيقة التي حركت الملايين في الشوارع والميادين.. لم يكن من بين مشاكلنا مع مبارك "الإسلام".. ولم نتبادل معه الاتهامات بالتكفير.. لم تكن مشكلة المصريين الأساسية البحث عن "خليفة المسلمين".. فكيف اخترع الإسلاميون حكاية أن مرسي يجسد "المشروع الإسلامي"؟! اتفاق "فيرمونت" الذي أبرم بين مرسي والقوة الوطنية المصرية، يتكون من ستة بنود ليس من بينها أن يُكلف الرئيس بإنجاز المشروع الإسلامي.. كلها كانت تتحدث عن مشروع وطني مدني.. فكيف انقلب الإسلاميون على "مدونة " الثورة؟! حكاية المشروع الإسلامي.. حكاية مريبة لأنها تعني أن الإسلاميين استخدموا الديمقراطية للوصول إلى السلطة وأنهم لن يتنازلوا عنها أبدًا.. لأن التنازل عنها يعني التنازل عن "الإسلام".. عن "الحكم الإسلامي".. عن "دولة الخلافة".. وقد يتطور الأمر ويغالي البعض ويتجهون نحو "تكفير" المعارضة. لقد "كفر" داعية إخواني شهير، يعيش بإحدى الدول الخليجية طريدًا.. الأستاذ جمال سلطان لمجرد أنه انتقد الأداء السيئ للرئيس، وتغول الإخوان في مفاصل الدولة.. لأن مرسي بات في الخيال المريض لبعض المهووسين بالحكم الإخواني "نبيًا"، كلامه "وحي" وأحلامه "نبوءة".. وأنه رئيس يقود "الضالين" عن هديه وسنته وجماعته إلى الجنة!! إنها "الكوميديا" التي لا يريد بعض الإسلاميين الاعتراف بأنها باتت من أدوات التسالي وتمضية الساعات في "الحكي" عنها أمام محطات الوقود الخالية من السولار والبنزين. الناس لا تدرك خطورة الاعتقاد المتنامي داخل الضمير الإخواني وحلفائهم بأن خروج مرسي من الحكم، يعني خروج مصر من الإسلام.. إنها في فحواها الحقيقي، دعوة إلى "تأبيد" الرئيس على المقعد الرئاسي، ولو بالعنف وقطع الرقاب وإخضاع البلاد والعباد له بحد السيف، بوصف ذلك "عبادة" و"تقربًا" إلى الله.. و"جهادًا" في سبيله. إن هذا الانحراف في العقيدة السياسية لغلاة الإسلاميين المقربين من الإخوان.. عشية التحضير ل" ثورة" 30 يونيه.. تعني أن خروج مرسي من السلطة "دونه الموت"، وأنه لن يسلم المشروع الإسلامي "المزعوم" من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم! فهلا ينتبه العقلاء إلى خطورة هذا الادعاء على مدونة الثورة؟.. وقبل أيام من 30 يونيه الجاري؟! عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.