عندما أسندت مهمة التشريع "المؤقت" إلى مجلس الشورى، نصحنا حينها المجلس ألا يتوسع فى سن القوانين.. خاصة التشريعات الكبيرة التى تمس مفاصل الدولة الأساسية. الرئيس مرسى نفسه، قال فى ذلك الوقت، إن مهمة الشورى محدودة، وهى تكاد تكون محصورة فى مهمة واحدة، وهى وضع قانون مجلس الشعب.. علشان الدنيا تمشى، على حد تعبيره. غير أن ذلك لم يحدث، وشعرنا جميعًا وكأن الرئيس خدع الناس، بعدما شهدنا "ماسورة" المقترحات بقوانين داخل المجلس تنفجر على نحو أصاب كل القوى ب"القرف". كانت المخاوف تتنامى من تحول المجلس إلى أداة لإعادة هندسة الدولة على مقاس السلطة الجديدة.. واستهداف المفاصل التى يمكن أن تمسى أدوات بطش لتأديب الخصوم السياسيين وإرهاب المعارضة. المجلس على هذا النحو لم يعد عبئًا على الدولة وحسب، بل بات "العدو" الأول لدولة العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان والتداول السلمى للسلطة.. وكانت أية عملية سواء قانونية أو شعبية لكف أذاه عن الدولة، تعد عملاً وطنيًا كبيرًا.. وكنا فى أحاديثنا الخاصة، نقول إن المحكمة الدستورية العليا، ستسدى للبلد معروفًا تاريخيًا وجميلاً لن ينساه التاريخ الوطنى المصري، لو أصدرت حكمًا ببطلان هذا المجلس "المسيء" لمصر و لبرلمانييها منذ تأسيس أول برلمان فى البلد فى الثلث الأخير من القرن التاسع عشر فى عهد الخديوى إسماعيل. كان إحساسًا بشعًا أن تتحول المجالس التشريعية إلى مؤسسات خطرة.. تعدل مواصفات "مسجل خطر" فى ثقافة القانون الجنائي.. وحين تتحول إلى "وحش تنظيمي" يندفع نحو "وضع البلد" فى "كرش" جماعة سياسية معينة بلا رادع من ضمير وطنى أو حتى إنساني. المحكمة الدستورية يوم أمس 2/6/2013.. قطعت الطريق على "قطاع الطرق" وقضت بأنه "مجلس باطل".. وتركته "رأفة" ب"الفراغ التشريعي" مؤقتًا ليقوم بدور صغير وبسيط وهو وضع قانون تجرى عليه انتخابات مجلس الشعب القادمة، ثم غلت يد "الصغار" من التطاول على "الكبار".. إذ كيف يقرر مجلس باطل.. مستقبل السلطات الماسة بحقوق الناس وحماية البلاد والعباد من تغول سلطة مرتبكة ويلتبس علينا ما إذا كانت تعمل للوطن أم لآخرين لا علاقة لهم به! حكم الدستورية أمس أبرق رسالة إلى "الخبثاء" وإلى "الجهلاء" وإلى "الخدم" من ترزية القوانين الهواة و"الكسر".. بأن البلد أكبر منهم، وأن مؤسساته الوطنية التى تتعالى وتترفع عن العمل إلا فى خدمة الوطن.. الوطن وحسب.. ستبقى عصية عليهم وستظل محتفظة بطهرها المهنى وبنقائها الوطني.. وأن القضاء المصرى رغم كل التحفظات التى تؤخذ عليه يظل هو الملاذ الأخير والباقى ضد الطغاة.. وكسر شوكة "فتوات" السياسة سواء فى السلطة أو فى المعارضة. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.