منذ أصدرت المحكمة الدستورية حكمها بفساد قانون الانتخابات الجديد ومباشرة الحقوق السياسية، وقد تجاهل الإعلام الرسمى وتوابعه الكارثة الحقيقية فى الحكم، وهو أن هناك ثلاثة عشر عوارًا دستوريًا شاب هذا القانون، تركوا اثنى عشر عوارًا دستوريًا فاضحًا وفجًا، وبعضه من عمل "ترزى فاجر" من فرط فجاجة التفصيل القانونى، والذى يؤكد عينى عينك الرغبة فى إجبار المحكمة الدستورية على رفضه، ومن ثم تعليق الانتخابات البرلمانية إلى أجل غير مسمى، الكل تجاهلوا اثنى عشر عوارًا دستوريًا ورد فى حكم المحكمة، وراحوا يثيرون الغبار الكثيف حول بند واحد فقط، وهو المتعلق بتصويت العسكريين فى الانتخابات، ثم خرج الدكتور محمود حسين أمس الأول لكى يناشد الجميع العمل على سرعة إنجاز الانتخابات وإزالة معوقاتها، وهو تصريح من بدأ يشعر أن "على رأسه بطحة"، ثلاثة عشر عوارًا دستوريًا فى قانون واحد، يعنى أن هؤلاء الذين يزعمون أنهم يملكون سلطة التشريع لا يصلحون لهذه المهمة "المحترمة"، وأنهم يدفعون البلاد إلى الفوضى، ومن رحمة الله بهذا الوطن أن الدستور الجديد جعل الولاية للمحكمة الدستورية على قانون مباشرة الحقوق السياسية والانتخابات قبل إصداره والعمل به، وإلا فلو كانت الولاية لاحقة فإننا سنكون أمام خسارات كارثية، سياسيًا واقتصاديًا، لأنك تجرى انتخابات بكل نفقاتها وصخبها وتوتراتها وتشكل برلمانًا وتقيم على أساسه حكومة ووزارات، ثم ينتهى كل ذلك بالبطلان، ويتم هدمه، لأن القانون الذى بنى عليه كان باطلاً دستوريًا، فكان أن مثلت عملية نقل الولاية اللاحقة إلى السابقة، مثلت مظلة حماية للوطن من الجهلة والمتفيهقين فى مجلس الشورى، وبدلاً من أن يحمدوا للمحكمة رقابتها وتصويبها للعمل وحمايتها للوطن من هذه الخسارات الفادحة، تراهم يشنون عليها الغارات الإعلامية الفاجرة لإرهاب قضاتها وتخويفهم على طريقة ما يسميه العامة "خدوهم بالصوت...". ومرة أخرى أؤكد أن الاحتجاجات على منح العسكريين الحق فى التصويت ذهبت إلى العنوان الخطأ، الاحتجاجات ترسل إلى من وضعوا الدستور ولم يحكموا نصوصه، ولا ترسل إلى من طبقوا نصوص الدستور على القوانين الجديدة، وكل الذين استغرقوا فى شرح العواقب التى رأوها وخيمة على السماح للعسكريين بالتصويت، وبعضها مبالغ فيه جدًا، لكن على كل حال كل هذه الشروح للعواقب توجه إلى من كتبوا الدستور وليس إلى المحكمة، كما أسأل كل الذين غرقوا فى مسألة تصويت العسكريين عن رأيهم فى اثنى عشر عوارًا دستوريًا نص عليها حكم المحكمة، من باب الأمانة، يتحتم عليهم أن يعقبوا أيضًَا على تلك الفضائح، ويسألوا من وضعوا هذا القانون الذين رسبوا فى الامتحان مرتين خلال ثلاثة أشهر. وأعود لأؤكد أن الثلاثة عشر عوارًا تكشف بوضوح كاف أن الإخوان يتعمدون عرقلة الوصول إلى الانتخابات البرلمانية، وأنهم يفتعلون كل هذه الأخطاء الفادحة والساذجة لكى ترفضها المحكمة الدستورية ثم ندور فى المتاهة من جديد، فالإخوان يعيشون هاجسًا يصل إلى حد الهلاوس من أن تأتى الانتخابات البرلمانية بغالبية غير إخوانية تشكل من ائتلافها حكومة جديدة، ويكون رئيس الوزراء من غير الجماعة ومواجهًا لنفوذ رئيس الجمهورية، خاصة أن الدستور الجديد يمنح رئيس الوزراء صلاحيات تكاد تعادل رئيس الجمهورية، وقد سمعت ذلك بنفسى من بعضهم، هم الآن يملكون السلطة التنفيذية، يشكلون الوزارة ويعينون الوزراء أو يعزلونهم بمزاجهم، ويصنعون سياساتها ويوجهون رئيس الوزراء والوزراء يمينًا أو يسارًا بمزاجهم، ويعينون المحافظين أو يعزلونهم بمزاجهم، ويضعون القوانين والتشريعات أن يلغونها بمزاجهم، ويرتبون الدولة ومؤسساتها وأجهزتها على مزاجهم ومقاسهم بدون أى مزاحمة من أى قوة أخرى أو رقابة برلمانية حقيقية، فما الذى يضطرهم إلى الدخول فى مغامرة أو مقامرة الانتخابات غير مأمونة العواقب الآن، خاصة أن جميع التقارير تؤكد لهم تدنى شعبية الجماعة، وهو ما يجعل فى حكم المؤكد أن الانتخابات البرلمانية إذا أقيمت فستأتى بحكومة ائتلافية مستقلة عن الإخوان، لذلك هم يعطلون مسار الانتخابات، ويتعمدون وضع قوانين معتلة وفاسدة، وعلى مسؤوليتى الكاملة لن يكون هناك انتخابات فى مصر هذا العام وربما العام المقبل، إلا أن تأتى صدمات مفاجئة وقاسية من رحم الغيب لم يكونوا يحتسبونها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.