بدأت مساعي مكثفة داخل مجلس الدولة للبحث عن حل للأزمة المشتعلة حاليا، على خلفية تصميم رئيسه المستشار محمد أحمد الحسيني على المضي قدما في تعيين الإناث دفعة 2008/2009 وإصداره للقرار الخاص باستكمال إجراءات تعيين من تقررت صلاحياتهم من بين المتقدمين لشغل وظيفة مندوب مساعد، رغم تصويت الجمعية العمومية والمجلس الخاص والحالي ضد هذا القرار الذي فجر موجة جدل عارمة في مصر خلال الأيام الماضية. واستبق عدد من شيوخ المجلس حملة توقيعات لعقد جمعية عمومية طارئة للمجلس لإلغاء القرار واتجاه نادي قضاة المجلس لرفع دعوى قضائية ضده الحسيني، وطرحوا صيغة توافقية تقضي بتجميد العمل بالقرار المثير للجدل لأجل غير مسمى، على أن يتم إخضاع القرار لمناقشات مستفيضة من قبل المجلس وعدم تصعيد الخلاف بين الطرفين حتى لا يسيء ذلك لصورة القضاة أمام الرأي العام. وأكد عضو بمجلس نادي قضاة مجلس الدولة- رفض نشر اسمه لحساسية موقعه- أن هناك مساعي لتسوية الأزمة بين مختلف أطرافها انطلاقا من انتماء جميع أعضائها لأسرة مجلس الدولة، وذلك من أجل عدم إفساح المجال لتدخل جهات خارجية ترغب في إثارة البلبلة والفتن داخل المجلس، غير أنه نفى قيام النادي بسحب دعواه القضائية قبل موافقة المستشار الحسيني على الصيغة المطروحة من بعض شيوخ مجلس الدولة. من جانبه، أبدى المستشار معتز كامل مرسي الأمين العام لمجلس الدولة ل"المصريون" ترحيبه بالجهود الرامية إلى تطويق الخلاف بين أطرف الأزمة، باعتبار أن استمرارها وانتقالها لوسائل الإعلام والفضائيات يخالف تقاليد المجلس، إلا أنه أكد عدم تراجع المستشار الحسيني عن قرار الاستمرار في إجراءات التعيين وتنفيذ البند الأول من القرار الذي وافق عليها المجلس الخاص في نوفمبر الماضي. إلى ذلك، علمت "المصريون" أن الدكتورة فرخندة حسن الأمين العام للمجلس القومي للمرأة أجرت اتصالات مع المستشار محمد الحسيني استهدفت تحفيزه على الاستمرار في موقفه المؤيد لتعيين الإناث في المجلس ، بالمخالفة لرغبة غالبية آراء أعضاء مجلس الدولة الذين صوتوا ضد القرار، وأبلغته تأييد قيادة المجلس القومي للمرأة وشخصيات رفيعة المستوى له واستمرار دعمهم له في معركته ضد أعضاء المجلس الخاص والجمعية العمومية، وأكدت له بشكل واضح أن جهات سيادية ستتدخل في الوقت المناسب لدعمه وحسم الأمر عبر عديد من الوسائل لم تحدد لإجبار أعضاء المجلس الخاص على التراجع عن قرار الرفض. في غضون ذلك، تشهد لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس الشعب خلال الأيام القادمة اقتراحا بمشروع قانون مقدما من النائب الدكتور جمال زهران يقضي بتحديد نسبة من التعيينات في الوظائف القضائية المختلفة للإناث، حيث يتضمن إضافة مادة جديدة توجب بتعيين 10 % على الأقل من الإناث في الوظائف القضائية المختلفة (مجلس الدولة هيئة قضايا الدولة النيابة الإدارية القضاء)، على أن تكون النسب للنيابة العامة والقضاء العالي في غير أدنى درجات النيابة العامة أو في غير درجات النيابة العامة والقضاء العالي. ويقترح إضافة المادة الجديدة إلى كافة قوانين الهيئات القضائية كمادة منفصلة جديدة وهي قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1974 وقانون مجلس الدولة 47 لسنة 1972 وقانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 لتنظيم النيابات الإدارية والمحاكمات الإدارية وقانون هيئة قضايا الدولة رقم 75 لسنة 1963. ويطالب زهران بضرورة الانتهاء من مناقشة مشروع القانون خلال الدورة البرلمانية حماية وصيانة للدستور المصري الذي أقسمنا جميعا على حمايته وتنفيذه مع استطلاع رأي هذه الهيئات القضائية حفاظا على استقلالية القضاء وفقا للدستور الذي نص على المساواة وتكافؤ الفرص في مادته 40 والمادة الأولى منه التي تنص على المواطنة. وأضاف: من غير المقبول في ظل المواد الدستورية أن تكون الوظائف حكرا على الذكور مثلها مثل وظائف الجامعة التي أثبتت المرأة كفاءتها مثل بقية الوظائف استنادا إلى كونها مواطنة إقرارا لحقوق المواطنة، وإقرارا لها يجعلها في المساواة وخضوعها لنفس الفرص والظروف مقارنة بالآخرين سواء كانوا ذكورا أو إناثا في ظل تكافؤ الفرص. وأكد أنه في ضوء الخلافات الواضحة حول تعيين المرأة داخل الجمعية العمومية لمجلس الدولة فقد بات لازما تدخلا تشريعيا يقضي بإلحاق المرأة صراحة في الوظائف القضائية المختلفة وبنسبة محددة البداية إلى حين استقرار هذا الأمر في ضمير المجتمع، وتجنبا للآراء التحكمية التي تعوق ذلك من خلال التيار المحافظ الذي لا يزال يقف حائلا أمام تنامي دور المرأة وحراكها السياسي والمجتمعي بل والوظيفي، والذي يهدر طاقات وجهود يمكن في ظل التطورات الايجابية الداعمة لوجود المرأة في خريطة المجتمع الدولي، وتواجدها في مختلف الوظائف، وفي التمثيل النيابي والمشاركة السياسية والمجتمعية.