مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    رئيس إنبي: من الصعب الكشف أي بنود تخص صفقة انتقال زياد كمال للزمالك    عاجل.. حلمي طولان يصب غضبه على مسؤولي الزمالك بسبب نهائي الكونفدرالية    "أرمي العوامات بسرعة".. الفيديو الأول لحظة غرق فتيات معدية أبو غالب بالجيزة    تاون جاس لأهالي البساتين: لا تنزعجوا من رائحة الغاز اليوم    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    جيش الاحتلال يبدأ عملية توغل بري نحو مركز رفح وسط اشتباكات عنيفة (فيديو)    بيكلموني لرامي جمال تقترب من 9 ملايين مشاهدة (فيديو)    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    وزير التنمية المحلية ومحافظ الغربية يتفقدان مركز سيطرة الشبكة الوطنية ووحدة المتغيرات المكانية    نائب محافظ بنى سويف: تعزيز مشروعات الدواجن لتوفيرها للمستهلكين بأسعار مناسبة    اليوم.. مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة يختتم عروضه ب«سر الأريكة»    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    ضميري يحتم عليّ الاعتناء بهما.. أول تعليق من عباس أبو الحسن بعد حادث دهسه سيدتين    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    أوكرانيا: دمرنا آخر سفينة صواريخ روسية في شبه جزيرة القرم    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    روسيا: إسقاط طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلجورود    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    السفير محمد حجازي: «نتنياهو» أحرج بايدن وأمريكا تعرف هدفه من اقتحام رفح الفلسطينية    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    ملف يلا كورة.. إصابة حمدي بالصليبي.. اجتماع الخطيب وجمال علام.. وغياب مرموش    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    دعاء في جوف الليل: اللهم ألبسنا ثوب الطهر والعافية والقناعة والسرور    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    «معجب به جدًا».. جوميز يُعلن رغبته في تعاقد الزمالك مع نجم بيراميدز    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    قبل اجتماع البنك المركزي.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22 مايو 2024    شارك صحافة من وإلى المواطن    ما هي قصة مصرع الرئيس الإيراني وآخر من التقى به وبقاء أحد أفراد الوفد المرافق له على قيد الحياة؟    عاجل - نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة الجيزة.. رابط نتيجة الصف الثالث الإعدادي الترم الثاني Natiga.Giza    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    محمد حجازي ل"الشاهد": إسرائيل كانت تترقب "7 أكتوبر" لتنفيذ رؤيتها المتطرفة    مواصفات سيارة BMW X1.. تجمع بين التقنية الحديثة والفخامة    وزير الاتصالات: خطة لتمكين مؤسسات الدولة من استخدام «الحوسبة السحابية»    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    أخبار × 24 ساعة.. ارتفاع صادرات مصر السلعية 10% لتسجل 12.9 مليار دولار    "مبقيش كتير".. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024    حجازي: نتجه بقوة لتوظيف التكنولوجيا في التعليم    وزير الري: إيفاد خبراء مصريين في مجال تخطيط وتحسين إدارة المياه إلى زيمبابوي    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقه المعاصر للحسبة/2- 2
نشر في المصريون يوم 14 - 05 - 2013

كان المقال السابق توطئة لهذا المقال، فقد كان حديثنا عن الحسبة في العصور الإسلامية الماضية، وقد آن أن نحدثكم عن الحسبة في زماننا، فقد ضمرت الحسبة في كثير من الدول الإسلامية إن لم تكن قد اختفت، وعلى الرغم من أن وظائف الحسبة تقوم بها جهات أخرى كالبلدية والصحة.. إلا أنه من الملاحظ أن الحسبة أو (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) مفهوم واسع وشامل يدخل في قضايا كثيرة، فمصطلح المعروف يدل على كل خير ومصطلح المنكر يدل على كل شر، فكل خير من الأقوال والأعمال والمشاريع والأخلاق.. يجب أن نحرص عليه، وكل منكر من الأقوال والأعمال والمشاريع والأخلاق يجب أن نتطهر منه، وبذلك نضمن الخيرية في المجتمع والبعد عن كل منكر، فالإسلام هو النسخة النهائية الخاتمة للدين الإلهي وقد أوجد آلية للتغير والإصلاح لما يحدث في المجتمع من فساد ومن سلبيات، ولذلك ابتكر هذه الوسيلة لتغيير الفساد الذي يطرأ على المجتمع، فضمن بذلك بقاء المجتمع نظيفًا طاهرًا.
ومنطقي أن يتطور عمل جهاز الحسبة الإسلامية بتطور عمران المجتمعات الإسلامية نفسها، وهو إنما يميل بنا إلى أن نقرر أن ثمة آفاقًا جديدة ورحبة يملكها هذا الجهاز بطبيعة تكوينه بما هو ذراع في يد الشريعة لتصحيح مسيرة حياة المجتمع الإسلامي.
ومن المجالات الحديثة التي تدخل فيها الحسبة ما يسمى بالمنكرات البيئية، فهناك شكوى من إفساد البيئة وتلويثها، وأصبح ذلك منكرًا عالميًا، تنكره المنظمات والهيئات الدولية، وأصبح خطرًا يهدّد حياة الإنسان.
ولا شك أنّ التلوث البيئي قد أصبح من أخطر المشاكل الصحية، إذ تشير الإحصائيات العالمية إلى ازدياد مطرد في نسبة الإصابة بالسرطان نتيجة التوسع في دائرة استخدام المبيدات الحشرية والأسمدة الكيماوية، ومكسبات الطعم واللون، بالإضافة إلى سوء تخزين المواد الغذائية، وخاصة الحبوب، والذي ينتج عنه بعض السموم الفطرية، ويصطلح على تسمية هذه السموم بالمسببات السرطانية.
وقد جاءت شريعتنا بإنكار كل ما يهدّد البيئة ويلوثها، واعتبرت ذلك منكرًا عظيمًا يجب التحذير منه، وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك في قوله تعالى: { ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي الناس } فأصبحت الكرة الأرضية اليوم مشغولة بهمومها، فالحرارة تلهب ظهرها، وتغيرات المناخ تهدد جوّها، والمبيدات الحشرية قد أفسدت أرضها.
وقد نهى الله عن إفساد البيئة فقال: { ولا تعثوا في الأرض مفسدين} ؛ بل قد خصص الله بالذكر ذلك النوع من الفساد الذي يستأصل النبات والحيوان؛ فقال: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ}.
لقد أرست الشريعة الإسلامية مبدأ سد الذرائع إلى الفساد أيًا كان نوعه تقييدًا للتعامل مع البيئة بما يدرأ عنها المفسدة وذلك تحت قاعدة ( درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة ).
إن هذا الموقف يجعلنا أكثر ثباتًا حينما نتحدث عن التلوث البيئي، ويظهر المبادئ العليا والسامية لديننا، فنحن حينما نعلن موقفنا من التلوث البيئي نعلنه من منطلقات ديننا المتحضر، وهذا لا يكون إلا حينما نفهم نظام الحسبة فهمًا عصريًا.
ومجال الحسبة مجال شامل يدخل فيه أمور معاصرة كثيرة، ولو ذهبنا نحصيها لطال بنا الحديث، ولكن حسبنا أن نضرب أمثلة واقعية ليقتنع القارئ بذلك، وكما قلنا إن الأمر بالمعروف يقتضي الدخول في كل مجال يحقق الخير ليس للمسلمين فقط؛ بل للإنسانية جمعاء، وأن النهي عن المنكر يقتضي محاربة كل فساد وشرّ، ليس للمسلمين فقط؛ بل للإنسانية جمعاء.
والمجالات التي تدخل فيها الحسبة كثيرة، فمثلًا في مجال الأمراض ومقاومتها يمكننا أن نساهم في إنشاء مراكز علمية مهمتها مقاومة الأمراض الجديدة، والتي تفتك بالبشر كالسرطان والإيدز ....، وفي مجال نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة يمكننا إقامة مراكز علمية واجتماعية لهذا الغرض، وإقامة مراكز بحثية لمقاومة الإباحية والتحلل الأخلاقي.
وفي مجال الحروب والأسلحة المدمرة يمكننا أن ننشئ مراكز عالمية للمساهمة في التقليل من الحروب، ومراكز أخرى لمحاربة انتشار أسلحة الدمار الشامل، مثل ما هو معمول به في أوروبا حينما أنشأوا منظمات لذلك مثل منظمة الخضر أو جماعات السلام الأخضر.
وفي مجال لتعايش بين الشعوب يمكننا أن نظهر حرص الإسلام
الحضاري على ثقافة التعايش ونشرها بين الأمم والشعوب، فإن من المنكر ما يقع بين الشعوب والدول من حروب مدمرة، تأكل الأخضر واليابس.
وفي مجال محاربة الفقر يمكننا أن نساهم في إنشاء المراكز البحثية التي تهتم بمحاربة الفقر، فقد أمرنا ديننا بذلك، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الفقر، وكان يقول : ( كاد الفقر أن يكون كفرًا ) ويقول الإمام علي : (لو كان الفقر رجلًا لقتلته).
ومجال آخر يمكن أن تدخل فيه الحسبة وهو مجال حماية الحيوانات والنباتات من الانقراض، فقد اهتم الإسلام بحفظ النوع والسلالة في الإنسان، والأنعام، والأشجار، وجميع المخلوقات الحية، ومما يفيد حرمة إتلاف الحيوانات قول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من قتل عصفورًا عبثًا عجّ إلى الله عزّ وجل يوم القيامة يقول: يا ربّ، إنّ فلانًا قتلني عبثًا، ولم يقتلني لمنفعة)، وكثير من النصوص التي جاءت تنهى عن إتلاف الحيوانات والنباتات لغير منفعة، ويمكن في هذا المجال أن ننشئ مراكز لحماية الحيوانات والنباتات من الانقراض.
ومن المنكرات التي يجب إنكارها ومحاربتها الكوارث والزلازل والأعاصير التي تفتك بالبشرية في كل عام، فيجب أن نساهم في إنشاء المراكز العلمية لدراستها ومكافحتها ووقاية البشرية من أضرارها.
ما ذكرته ما هي إلا نماذج لدخول الحسبة في مجالات كثيرة في الحياة المعاصرة، وبذلك نستطيع تفعيل مبدأ الحسبة تفعيلًا عصريًا، ونستطيع أن نكون مواكبين للعصر مع التزام بمبادئ ديننا، هذا هو الفهم الصحيح للدين، فديننا بما يملك من مبادئ وقيم وتشريعات وأخلاق يستطيع أن يواكب الحياة العصرية.
إننا في حاجة ماسة إلى فهم الإسلام فهمًا عصريًا، لنستطيع العيش في القرن الواحد والعشرين بكل راحة، نعيش فيه مع الالتزام بقواعد الدين وأخلاقياته، وهذه مهمة العلماء والفقهاء، بأن يجددوا الدين، أي يجعلونه صالحًا لكل عصر، متجددًا في كل زمان، وهذا ما عناه الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدد لها دينها).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.