أثارت نائبة الحزب الوطني (المُعينّة) جورجيت قليني، عاصفة من الجدل أمس أثناء مناقشة مجلس الشعب تقريرًا أعدته لجنة برلمانية مشتركة حول أحداث نجع حمادي، عندما شنت هجومًا على التقرير بشأن الحادث الذي أسفر عن مقتل ستة أقباط وشرطي مسلم في هجوم عقب أداء قداس عيد الميلاد في السادس من يناير، زاعمة أنه "ليس حادثًا فرديًا" جاء كرد فعل انتقامي على واقعة اغتصاب طفلة مسلمة على يد شاب قبطي في فرشوط في نوفمبر الماضي. يأتي ذلك بعد أن أصدر مجلس الشعب أمس بيانا عبر فيه عن استنكاره لحادث نجع حمادي واعتبره حادثا فرديا وهاجم الفضائيات واعتبرها مسئولة عن إشعال نار الفتنة وصب مزيد من الزيت على النار، وتضمن المجلس في تقريره عددا من التوصيات لتفادي وقوع مثل هذه الحوادث في المستقبل. لكن هذا لم يرض قلليني التي اعتبرت أن مضمون التقرير أعد على طريقة: "كل شيء تمام يا فندم"، وهاجمت مجددا محافظ قنا اللواء مجدي أيوب الذي حملته المسئولية عن أحداث نجع حمادي استكمالا لهجومها في جلسة سابقة، وقالت "ما كانش ينفع أني أخاف من مواجهة هذا المحافظ القبطي لمجرد أني قبطية، وأنا حلفت أن أرعى مصالح الشعب وليس مصالح هذا المحافظ". وأضافت: "أهالي نجع حمادي حملوني مسئولية ما يتعرضون له من قهر وخوف ونقله إلى المجلس وذلك بعد أن طلع المحافظ الساعة الثامنة صباحا ليقول كل شيء تمام بينما بهجورة تحترق"، في إشارة اتهام إلى الدولة بالتواطؤ في إحراق منازل المسيحيين كما تزعم، وهو ما قوبل بالهجوم عليها من نواب الحزب "الوطني" حيث صاح عبد الرحيم الغول النائب عن نجع حمادي قائلا لها: "احترمي نفسك". وثار الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس متهمًا إياها باصطناع بطولة زائفة، قائلا لها: "أنت لا تتحدثين وحدك عن نجع حمادي لكن كل المجلس. أرجوكِ لا تدعي بطولة زائفة وكل هؤلاء النواب أبطال مثلك"، ليدخل معها في حوار حول ملابسات الهجوم ودوافعه من خلال استدعاء عدد من الحوادث السابقة. لكنها لم تقتنع برؤية سرور للحادث حين اعتبره حادثًا فرديًا ردًا على اغتصاب طفلة مسلمة على يد قبطي في فرشوط، فعندما سألها: "أليس حادث نجع حمادي فردي انتقامي"، ردت بالنفي: "مش فردي.. إزاي يبقى فردي وهو وقع بجوار المطرانية"، وذلك في محاولة لتصوير الأمر على أنه مخطط لاستهداف المطرانية أثناء أداء قداس عيد الميلاد. وواصل سرور حواره معها متسائلاً: "أليس حادث اعتداء مسيحي على طفلة مسلمة حادث فردي أم لا؟"، فردت قلليني: "هو حادث زي كل حوادث الاغتصاب التي تحدث للمصريات لكن حادث يقتل فيه 6 مسيحيين أزاي يبقى حادث فردي"، وصاح سرور مجددا: "لما واحد مجنون يعمل كده مش دي تبقى حادثة فردية"، وأشار إلى أن "الحادث فردي أيا كان مرتكبه وأيا كانت دوافعه سواء كانت جنائية أو عقائدية، وعندما نقول هذا الحادث فردي فإنه يعبر عن رأي صاحبه وليس عن رأي المجتمع وأيا كانت بواعثه". وانضمت النائبة "القبطية" ابتسام حبيب للهجوم على التقرير، وقالت إنها حزينة وغاضبة لما شاهدته من أحوال أسر الشهداء المسيحيين، وأضافت: ليس من المنطق أن يقال إن مرتكب الحادث مجرد مجرم ليس له أي دوافع دينية، وذكرت أن هناك عدد من الأسر القبطية هجرت منازلها خوفا من الانتقام وطالبت الأمن بتوفير الحماية لهم. وكانت لجنة تقصي الحقائق في أحداث نجع حمادي طالبت في توصياتها بضرورة الاهتمام بالخطاب الديني الذي يدعو إلى التسامح والإخاء والمحبة بين الديانات المختلفة، وطالب بإنشاء هيئة لإدارة الأزمات الطائفية لوضع أسس لحل أي أزمة قبل وقوعها أو احتوائها بعد حدوثها، ودعت أجهزة الإعلام إلى التحلي بروح المسئولية والتصدي للمحاولات المشبوهة لسكب الوقود على النار، وعدم الانسياق وراء الشائعات المفروضة التي تستهدف زعزعة أمن وأمان الوطن والوقيعة بين أبنائه. كما طالبت بعدم إقحام الدين في السياسة ودعوة كافة الطوائف والأحزاب التكاتف لسرعة التدخل لحل المشكلة من جذورها، واقترحت إنشاء لجنة تسمى لجنة المواطنة أو مجلس أعلى للمواطنة يكون دائما ومشكلا من أعضاء مجلس الشعب والشورى والمجالس المحلية وقيادات الأمن بالمحافظة ورجال الدين المسيحي والمسلم لحل أي مشكلة بالمحافظة، ونشر ثقافة حقوق الإنسان. وأكدت على ضرورة تكريس ثقافة المواطنة والدولة المدنية، باعتباره المدخل الطبيعي للحفاظ على وحدة الوطن، وضرورة تعزيز قيمة المواطنة، وحظر التمييز بين المواطنين، وسرعة المحاكمة الجنائية لهؤلاء الجناة بداية من حادث فرشوط في نوفمبر إلى حادث عيد الميلاد المجيد لوأد الفتنة. إلى ذلك، قرر البرلمان الأوروبي عقد جلسة خاصة في 21 يناير الجاري لمناقشة الأحداث الطائفية التي شهدتها مدينة نجع حمادي، وذلك بعد انتقادات شديدة وجهها عدد من نواب البرلمان الأوروبي للحكومة المصرية واعتبروا تكرار الحوادث الطائفية دليلاً على عدم اتخاذ الحكومة المصرية الإجراءات الكافية لحماية الأقليات الدينية والانتقاص من حقوقهم. وأثار ذلك تنديد الدكتور فتحي سرور معبرا عن رفضه لقيام البرلمان الأوروبي بتخصيص جلسة لمناقشة أحداث نجع حمادي، واعتبر ذلك تدخلا في الشأن المصري الداخلي، وقال في مستهل الجلسة: "لقد دهشت من عزم البرلمان الأوروبي مناقشة أحداث الفتنة الطائفية التي جرت في نجع حمادي مما يعتبر تدخلا في الشأن الداخلي المصري"، وأضاف أن حادث نجع حمادي قد يحدث بين أخوين يعيشان في بيت واحد وعلى باقي العائلة تدارك هذه الأحداث. وانضم عدد من النواب له في الرأي، وقال الدكتور عبد الأحد جمال الدين زعيم الأغلبية البرلمانية: "باسم الحزب الوطني نرفض تدخل البرلمان الأوروبي أو أي برلمان آخر ونحن مستعدون لمناقشة هؤلاء الناس من البرلمان الأوروبي وتعريتهم وتعرية مواقفهم العنصرية وكشف ادعاءاتهم حول حرية الرأي وعليهم الالتفات إلى مجتمعاتهم الغربية التي تموج الآن بالإسلاموفوبيا". أما النائب محمد عبد الفتاح عمر فصاح قائلا: "بئس البرلمان الأوروبي وبئس ما تفعله أوروبا وأمريكا وكل من يريد أن ينال من مصر"، وطلب سرور شطب هذه العبارات من المضبطة، وقال له "أرجو أن تكون موضوعيا لأننا برلمان متحضر نناقش الحجة بالحجة". يذكر أن الدكتور سرور التقى الوفد البرلماني الأوروبي الذي قام بزيارة غزة أمس.