في مستشفى من مستشفيات القاهرة كانت ترقد هي على إحدى الأسرّة ذات الشراشف البيضاء بداخل غرفة العناية المركزة تملك وجهاً شاحباً و لوناً مصفراً , هزيلة , كما لو أن اليوم هو الأخير بالنسبة لها , جسدها الضئيل متصل بأجهزة عديدة , هذا جهاز للتحكم في نبضات القلب و ذاك آخر للتنفس الإصطناعي , و أجهزة أخرى كثيرة استعان بها الأطباء لكي ينقذوها و يحافظوا على حياتها . اليوم إستأذن أبناؤها من الأطباء لزيارتها , ولج الأبناء إلى داخل غرفة العناية المركزة ليجدوها مسجاة على سريرها فهربت من عيونهم دموع الحسرة و الألم على حالها البائس . نظرت إليهم و شاهدت الحزن يكسو ملامحهم و دموعهم تملأ وجناتهم , هم أيضاً في حالة مزرية , وجوههم شاحبة , أجسادهم هزيلة يعتصرهم الألم . هي تعلم حقاً أنهم فعلوا كل ما بوسعهم لأجل أن تعيش و بذلوا من أجل ذلك كل غالي و رخيص . العبرات تنهمر من عيونهم راجين من الله أن يمن عليهم بمعافاتها و إعادتها إلى الحياة مرة أخرى . دخل عليهم الطبيب و استشعر ما بهم من من حزن و قال بصوت منخفض : إنها الآن في عداد المتوفين إكلينيكياً . نظروا إلى بعضهم البعض و هم يشعرون في حلوقهم بالمرارة . كانوا يرعونها لترعاهم لكي يشعروا بقيمتهم الحقيقية. ولدت في يوم 25 يناير 2011 , ولدت برّاقة مشعة , لم تجد الدنيا مليئة بالورود و التفاؤل , رعاها من رعاها و عاداها من عاداها و تعرضت لمحاولات وأد كثيرة و سرقة أيضاً , كل ما أرادته أن تجد من يحقق لها مطالبها . تسلمها أناس ليتولون رعايتها بعدما أسمعوا أولادها الكلام المعسول و المطمئن عن كيفية الإعتناء بالثورات , و لكنهم أساءوا التعامل معها فأنهكوها إلى أن وصلت لهذه الغرفة بلا أي بريق . أولادها ينظرون إليها الآن مشفقين على أنفسهم قبل أن يشفقوا عليها و يتساءلون هل ستعود إلى الحياة من جديد أم ستبقى في غرفة العناية المركزة ؟ أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]