بعد فترة التهميش التي أعقبت انكساره في معركة اليونسكو ، وبعدما أدرك فاروق حسني أن المؤسسة الحاكمة أدارت له ظهرها ، رغم ما نسب للرئيس من قوله له : ارمي ورا ضهرك ، حيث اختفت أخباره وصوره لقرابة شهرين ، عاد وزير الثقافة من جديد يحاول أن يطل على المشهد السياسي والثقافي ، من خلال الإعلان عن التحضير لمؤتمر المثقفين المصريين المزمع إنجازه في مايو المقبل ، فاروق حسني صب جام غضبه في حديثه مع الصحفيين على ما أسماه "التيار السلفي" وهذه أول مرة يهاجم فيها وزير في الحكومة المصرية "التيار السلفي" بعد أن كان دارجا مهاجمة "المحظورة" والإخوان المسلمين ، أعرف ويعرف قراء صحيفة المصريون من يقصدهم فاروق حسني بالسلفيين ، ونذكر ما قالوه عن صحيفة المصريون بعد أن احتاروا في تصنيفها قومية أو اسلامية أو سلفية بأنها "الذراع الإعلامي للجماعة السلفية"!! وردد هذا الكلام سيد القمني فص ملح وذاب وجابر عصفور وصلاح عيسى وبقية الشلة ، وهو كلام مضحك وتصنيف مثير للشفقة ، لكننا نعتبر أنه من دواعي بهجتنا وفخرنا في المصريون أن يشتم فاروق حسني صحيفة المصريون دون أن يجرؤ على ذكرنا بالاسم ، والجماعة الثقافية في مصر كلها تعرف أننا كسرنا أنفه وأذللناه وفضحناه وكنا سببا جوهريا في طرده من اليونسكو ، وكانت الصحف الفرنسية والألمانية وغيرها تنقل عن المصريون بياناتها وتقاريرها ضد فاروق حسني ، ثم اعترف هو نفسه في حواراته بعد ذلك مع عدد من الصحف المصرية "الخاصة" بقوة حملتنا وتأثيرها عليه ، ولذلك كله عندما يشتمنا فاروق حسني ويقول في تصريحاته أمس : إن التيارات السلفية هى أكبر أسباب التخلف للشعب المصرى ، فإن هذا الكلام الذي يعكس آلام الهزيمة نعتبره انتصارا لنا في المصريون ، وإعلانا متجددا عن عمق إحساس فاروق حسني بالمرارة من الهوان الذي ألحقناه به ، وهو جدير به لجرائمه في حق الشعب المصري ، ولكن المثير للدهشة أن حسني بعد هذا الكلام الخائب فاجأ الجميع بقوله أنه سيدعو جميع التيارات الإسلامية لحضور مؤتمر المثقفين المقبل ، وهذه أول مرة يفكر فيها فاروق حسني منذ اثنين وعشرين عاما ، منذ دخوله وزارة الثقافة ، في أن يعتبر أبناء الحضارة الإسلامية والفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية جزءا من ثقافة مصر ، تخيلوا ، الآن تذكر هذا فاروق حسني ، وكأنه طوال هذه السنين كان وزير ثقافة استالين أو إيهود أولمرت ، وليس وزير ثقافة مصر قلب العروبة والإسلام وحصن الإسلام والثقافة الإسلامية التاريخي ، تصريحات فاروق حسني تكشف عن أن "جهة ما" أخضعته للتجريس وحققت معه وعنفته على الكارثة التي أفاقوا عليها وهي أنه فرض العزلة على وزارة الثقافة ، فانفصلت عن المجتمع وأصبح هو وزبانيته وجمعية المنتفعين وخنازير حظيرته في واد ، والشعب في واد آخر ، هذا ليس كلامي ، ولكنه كلام فاروق حسني نفسه الذي صرح به للصحفيين وهو يتحدث عن مؤتمره المقبل حيث قال بالنص عن هدف المؤتمر أنه : (دراسة ظاهرة عدم التواصل بين الشعب المصرى ووزارة الثقافة وما تطرحه من أفكار وأعمال وبرامج) ، فضيحة ، أليس كذلك ، على كل حال ، لا يشرفنا دعوة فاروق حسني لهذا المؤتمر أو أي من نشاطات الوزارة ، لأننا على قناعة بأن "بيئة الفساد" التي تشكلت وتعمقت واتسعت في عهده لن يتم تطهير الوزارة منها إلا بخروجه ، ونحن على ثقة من أن هذا الخروج "المهين" قريب ، وحينها يمكن الحديث عن ميلاد جديد للمؤسسة الثقافية الرسمية في مصر ، وعصر جديد من التواصل بينها وبين المجتمع والشعب المصري . [email protected]