لاشك أننا نجلّ ونحترم ونوقر علماء ديننا الحنيف جميعًا، وبخاصة رجال الأزهر الشريف، ولكننا في الوقت نفسه نتفق على أن مناقشة الأمور الفقهية «الدقيقة» و«الخلافية» التي اختلف حولها الفقهاء والعلماء والأئمة لا تكون أمام عدسات الفضائيات، وشاشات التليفزيونات، فالغالبية العظمى من المشاهدين ليسوا علماءً ولا باحثين فيما اختلف عليه من أمور الدين، ومهما اتسعت مداركهم العامة، وثقافاتهم، فثمة أمور في الدين لا يجب أن يتناقش فيها سوى العلماء المتخصصين.. المتبحرين في الدراسات، المطلعين على مختلف آراء الأئمة. لذلك يستحق «الإمام الأكبر» شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب كل تقدير واستحسان عندما يأمر بتشكيل لجنة من كبار علماء الأزهر الشريف، مهمتها متابعة البرامج الدينية بالقنوات الفضائية والتليفزيون المصري الرسمي، والقنوات الدينية ورصد ما يتم تداوله على شاشاتها من قبل علماء الأزهر والأوقاف، والتحقيق الفوري مع من يخالف منهم وسطية الأزهر الشريف، أو يصدر فتوى تخالف تعاليمه. وحسب بيان الأزهر فإن هذه اللجنة ستتلقى أيضًا استفسارات وشكاوى وتعليقات المواطنين حول ما يدور في البرامج الدينية وغيرها على لسان أساتذة الأزهر وعلمائه، وتصل العقوبات التي ستوقعها اللجنة إلى حد تقديم البلاغات إلى النيابة العامة باسم الأزهر الشريف لإيقاف البرامج المخالفة. وأعتقد أننا الآن في شدة الاحتياج في مصر والعالم الإسلامي إلى استعادة الأزهر لدوره المرتقب والمنتظر في ضبط إيقاع البرامج الدينية، والسيطرة على فيض الفتاوى الدينية التي يصدرها المرخص لهم بالفتوى وغير المرخص لهم، وإنقاذ «العامة» و«البسطاء» وغير المتبحرين في أمور الفقه من الفهم الناقص أو الخاطئ لفتاوى وآراء دينية بعينها، وبخاصة مع «الانفتاح» المقبل على إيران وعلى الفكر «الشيعي» الذي يضم العديد من الأمور التي لم يعتد عليها المصريون. وقبل أيام قرأت خبرًا عن قيام أحد أعضاء هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف هو الدكتور أحمد طه ريان بتقديم شكوى لمجمع البحوث الإسلامية ضد الدكتور سعد الهلالي رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر، والمرشح السابق لمنصب مفتي مصر، متهمًا إياه بإصدار فتاوى تبيح شرب الخمر وزواج المتعة، ما أثار بلبلة في الشارع المصري والإسلامي تذكرنا بما أثارته فتاوى «إرضاع الكبير»، وإباحة جماع الرجل زوجته المتوفاة، وتحريم أكل «السمبوسة» لأنها مثلثة الأضلاع تشبه أضلاع الثالوث المقدس المسيحي، وتحريم زواج بنات المسلمين من «الفلول» الذين يؤيدون الرئيس المخلوع، وتحريم أكل المرأة الموز والخيار والكوسة وما شابهها بدعوى عدم الإغواء!! وإباحة أكل لحم الجن إذا أمسكنا به، وعدم استخدام المرأة للإنترنت.. إلا بمحرم!! .. مرحبًا بعودة الأزهر الشريف للقيام بدوره المرتقب، للحفاظ على وسطية مصر، وسماحة أهلها. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy6