أبدت مصادر سياسية رفيعة المستوى استياءها من عدم تدخل النظام الحاكم لحل المشاكل التي تعاني منها مصر في الآونة الأخيرة، وكثرة سفريات الرئيس مبارك إلى الخارج في مرحلة يعيش الشارع المصري فيها حالة من الغليان. وأوضحت أن هدف القيادة السياسية من وراء جولاتها الأوروبية في الأسبوع الماضي وزيارتها الحالية لأسبانيا هو إيصال رسالة ضمنية للغرب، مفادها: سيطرة النظام على الأوضاع الداخلية بشكل صارم ، وأن الصراع فيما يخص القضاة هو شأن داخلي بالقضاء لا علاقة للنظام به . وأشارت إلى أن النظام بدأ يدرك أن حلفاءه الغربيين لم يعد لهم أدنى اهتمام بقضية الإصلاح أو الديمقراطية، وأن ما يعد يهمهم هو الاستقرار في مصر، وضمان انتقال سلس للسلطة من الرئيس مبارك إلى من يخلفه حتى لو كان نجله جمال، مادام هذا يمنع حدوث اضطرابات سياسية في مصر قد تؤثر بالسلب على المصالح الغربية. واعتبرت المصادر أن إصرار الرئيس مبارك على القيام بهذه الزيارات المتتالية لدول أوروبية يعكس وجود حالة من الانفصام بينه وبين ما يجرى على الساحة السياسية، وعدم اهتمامه بأي استياء شعبي من ترك الأوضاع تتفجر في الساحة الداخلية. كان الرئيس مبارك أكد في تصريح لرؤساء تحرير الصحف المصرية مؤخرًا أنه لا يهتم كثيرًا بما يوجه إليه من انتقادات من قوى المعارضة، حتى لا يؤثر ذلك على اهتمامه بتحقيق مصلحة المواطن. من جهته، قال الدبلوماسي السابق السفير أمين يسري إن الجوالات السياسية المتعاقبة للرئيس مبارك في الساحة الخارجية تهدف إلى إيصال رسالة للخارج تؤكد على أن النظام في مصر لا يزال قويًا وأن ما يحدث من خلافات مع القضاة وقوى المعارضة المستاءة بشدة من تجديد العمل بقانون الطوارئ لن تؤثر بأي شكل من الأشكال على إمساك النظام بتلابيب السلطة وبشكل أكثر هيمنة ، على حد تعبيره . وأشار يسري إلى أن النظام أصبح يدرك مدى العزلة التي يعاني منها في مصر ، وأن سعيه للحصول على تأييد المواطنين لقضية التوريث قد تحول إلى سراب، ومن ثم فإن الضامن الوحيد له هو الحصول على التأييد الدولي لهذا الأمر.