تتجه العلاقات المصرية الأمريكية والمصرية - الأوروبية إلى الدخول في نفق مظلم بعد أن تحفظت الإدارة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية على توجيه دعوات رسمية إلى المسئولين المصريين لزيارة هذه الدول في المرحلة القادمة خصوصا بعد التجاوزات التي شابت الانتخابات البرلمانية الأخيرة ، تأتي هذه التطورات في الوقت الذي تنامى فيه الحديث في الصحافة الأمريكية حول ما سمي بالصفقة بين نظام الرئيس مبارك وجماعة الإخوان المسلمين تتعلق بدعم الجماعة لاتجاهات التوريث للسلطة في مصر من أول دعم الحزب الذي يرتب له جمال مبارك وانتهاءا بحسم انتقال السلطة في السنوات الست المقبلة ، مقابل السماح للجماعة بحرية الحركة والعمل السياسي انتهاءا بمنحهم حزبا سياسيا . وكشفت مصادر دبلوماسية أن التحفظ من قبل الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوربي على توجيه دعوات رسمية لمسؤولين مصريين يعد اعتراضا من الإدارة الأمريكية وعدد من دول الاتحاد الأوروبي على تباطؤ النظام المصري في إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تنهي حالة الاحتقان السياسي والاقتصادي التي تعاني منه البلاد ، مشيرة إلى أن هذه الدول باتت على يقين بأن النظام سيتعمد عرقلة هذه الإصلاحات للاستمرار في السلطة. وأوضحت المصادر أن واشنطن أصبحت تربط بشكل كبير بين توجيه الدعوات للمسئولين المصريين ، بما في ذلك الرئيس مبارك ، وبين المضي قدما في إجراء إصلاحات في جميع المجالات في مصر يقلل من قبضة النظام على الأوضاع السياسية في البلاد ويخفف القيود التي يفرضها النظام على مؤسسات المجتمع المدني التي يرفض النظام بشكل حاد تقديم أي تنازلات حيالها. وشددت المصادر على أن الطريقة التي تعاملت معها مصر مع وفد المراقبة التابع للاتحاد الأوروبي وتجاهل السلطات المصرية التعاطي معه بإيجابية وتأكيدات أحمد أبو الغيط وزير الخارجية بأن مصر لم توجه دعوة له قد زاد من السخط الأوروبي على النظام ، الأمر الذي ظهرت بوادره في إصرار قادة الاتحاد الأوروبي المشاركين في قمة برشلونة على فتح ملف الإصلاح في مصر وهو ما دفع بالرئيس مبارك لإلغاء مشاركته في القمة في اللحظات الأخيرة. وأشارت المصادر من أن هناك استياء لدى النظام المصري من هذا التجاهل الغربي ، وهو جعل القيادة السياسية تقصر في زيارتها للدول العربية حتى لا تعطي انطباعا للرأي العام بأنها تعاني من عزلة. وترى المصادر أن هناك إصرار وتشددا من العديد من الدول الأوروبية حول هذا الأمر وأنها خاطبت النظام بأنها لا تستطيع توجيه دعوات رسمية للقيادة السياسية المصرية إلا إذا أقدمت على إصلاحات سياسية جادة خصوصا أن الرأي العام في أوروبا مستاء جدا من التجاوزات وأعمال العنف والبلطجة التي تورط فيها النظام للحفاظ على أغلبيته . وتوقعت المصادر أن يكثف النظام جهوده في المرحلة القادمة لفتح نوافذ حوار مع الدول الأوروبية والتركيز على خصوصية المجتمع المصري وأن الإصلاح بأسلوب الصدمة سيضر بالاستقرار وبالمصالح الغربية في مصر. جدير بالذكر أن العديد من القادة الأوروبيين قد ألغوا زيارات كانت مقررا قيامهم بها إلى مصر وكان أخرهم الرئيس شيراك وهو ما يعد أعنف رد أوروبي على أعمال البلطجة التي شهدتها الانتخابات الماضية. وكان صحفيون أمريكيون مثل ستيفن هيرست ، بالواشنطن بوست ، وميجان استاك ، في لوس أنجلوس تايمز ، قد نشروا خلال الأيام الماضية سلسلة تقارير كشفوا فيها عن تدهور العلاقات بين النظام المصري والإدارة الأمريكية ، مشيرين إلى أن إدارة الرئيس بوش قررت التعامل بحسم مع النظام المصري فيما يتعلق بقضايا الإصلاح ، بعدما اكتشفت عدم جديته في عمليات الإصلاح والديمقراطية وتوجهه نحو توريث السلطة . وحذرت التقارير من أن ذلك يهدد بانفجار شامل للأوضاع بمصر ، مما قد يلحق أضرارا فادحة بالمصالح الأمريكية بالمنطقة ككل ، خاصة حصول واشنطن على معلومات بأن حركة الإخوان المسلمين اتفقت مع النظام علي صفقة تسمح بتوريث الحكم لجمال مبارك في عام 2011 ، مقابل السماح للجماعة بحرية الحركة والعمل حتى ذلك التاريخ ، على أن يتم إعطاء الإخوان المسلمين حزبا سياسيا بعدما يثبتون دعمهم لحزب الإصلاحيين الذي يشكله مبارك الابن الآن . وأوضحت التقارير الأمريكية أن الإدارة الأمريكية حاولت قطع الطريق على هذه الصفقة من خلال فتح حوار مع الإخوان عبر نوابهم في مجلس الشعب ، حيث نقلت إليهم تحذيرات من مخاطر عدم تحول مصر لدولة ديمقراطية . ولفتت الصحف الأمريكية إلى أن الرئيس مبارك اخرج الإخوان كفزاعة لأمريكا لكي يضرب عصفورين بحجر واحد ، الأول أن يستخدم الإخوان المسلمين في القضاء علي التيار الليبرالي والذي صعد بقوة في الآونة الأخيرة ، والثاني استخدام صعود الإخوان كرسالة لواشنطن بأن الإخوان موجودون ولو أتيحت لهم الفرصة سيقفزون للسلطة . وأشارت التقارير الأمريكية إلى أن المفاجأة التي كانت تنتظر مبارك هو رد الأمريكيين والذين أكدوا له بأنهم من الآن فصاعدا سيتعاملون مع البرلمانيين الإخوان ويحاورونهم كقوي سياسية رئيسية في مصر ، وأنه ليس لدى البيت الأبيض أية تحفظات لو وصل الإخوان للحكم . ورأت الصحف الأمريكية فيما يفعله النظام الحاكم بالقاهرة مع ايمن نور زعيم حزب الغد المعارض دليلا علي معاداته للحرية بجانب ما قام به من إضعاف لقوي المعارضة خلال الأعوام الماضية .