يقول الله تبارك وتعالى فى كتابه العزيز فى سورة يُونُس: ) قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ * وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ *). صدق الله العظيم. إن مصدر حقوق المرأة وواجباتها التي جاءت بها الشريعة الإسلامية مصدرها شيء واحد، هو عبودية المرأة لله عز وجل، وفى هذا لا فرق بين الرجل والمرأة. ولاشك أن كلًا من الرجل والمرأة مملوك لله عز وجل، فاطر كل شيء. ومن ثم فإن عبوديتهما لله واحدة في حقيقتها وقدرها، ولا مجال لفهم أي تفاوت ما بين الرجل والمرأة فيها. والنتيجة التي تتفرع عن ذلك، تتمثل فى أن الواجبات التي كلف الله بها عباده الرجال هي نفسها التي كلف بها النساء. إن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، قيمة سامية من قِيم الإسلام، وغاية نبيلة، يسعى الجميع لتحقيقها ، ذكرًا أو أنثى، إلا أنها أصبحت سلاحًا ذا حدين، يستخدمه أعداء الإسلام وأعداء المرأة في الداخل والخارج، حيث جعلوا منها أداة لخدمة أهدافهم غير النبيلة، تحت شعارات حقوق الإنسان وحقوق المرأة، لهدم القِيم الإسلامية والأسرة العربية والمسلمة، وإعادة صياغة أنماط السلوك والأفكار والثقافة في المجتمعات الإسلامية على الطريقة الغربية وإخراج الشريعة الإسلامية من الحياة. فتعالت صيحاتهم مطالبة بما يلي: -1تحرير المرأة من كل القيود الدينية والاجتماعية، وإطلاق حريتها لتفعل ما تشاء، متى تشاء، وكيفما تشاء! وما لهذا خلقت المرأة، وما هذا دورها في المجتمع! -2 تعليم المرأة على قدم المساواة مع الرجل، في أي مجال ترغب فيه أو تهفو إليه نفسها، دون نظر إلى ما ينفعها بوصفها امرأة، لها رسالة خاصة في الحياة، ولها مهمة عظيمة يجب أن تُعّد لها. -3 أن تعمل المرأة مثل ما يعمل الرجل، تحت أي ظرف وفي أي مجال، دون النظر-أيضًا- لما يتناسب مع طبيعتها الأنثوية وتكوينها الجسمي والنفسي. -4 مساواة المرأة للرجل في الحقوق المالية، فطالبوا بأن يتساوى نصيبها في الميراث بنصيب الرجل، مع ما في ذلك من مخالفة صريحة لشرع الله، ودون نظر إلى تبعات الرجل المالية من نفقة وغيرها، مما يتناسب مع زيادة نصيبه في الإرث. والأصل أن ننظر في الإرث بما قسم الله وقضى، لأنه - سبحانه- هو المشرع له، والعالِم بحكمته فيما قضى وقدر، دون ظلم لأحد، ولم ينظر القائلون بالتسوية في ميراث الإخوة من أم، فميراث الذكر مثل ميراث الأنثى، وربما زاد نصيب المرأة أحيانًا عن نصيب الرجل. *هذه أمثلة من دعاواهم، ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب؛ لأنهم لم يدركوا معنى حرية المرأة والمساواة التي يطالبون بها، وما تجره آراؤهم على المرأة من ويلات هي في غِنًى عنها، كما لم يدركوا ما أعطاه الإسلام للمرأة من حقوق وامتيازات، فجهلوا أو تجاهلوا وضع المرأة قبل الإسلام في مختلف المذاهب والحضارات، وما آل إليه وضعها في ظِلال الإسلام. ولاشك فى أنه توجد شبهات أخرى باطلة يثيرها أعداء الإسلام حول المساواة بين الرجل والمرأة فى مسائل أخرى مثل شهادة المرأة وتعدد الزوجات والطلاق، لا يتسع المقام للخوض فيها، وقد تكفل علماء المسلمين بالرد على تلك المزاعم وتفنيدها. ومؤخرًا صدرت عن مركز المرأة بالأممالمتحدة وثيقة الأممالمتحدة لمناهضة العنف ضد المرأة. إن العنف ضد المرأة مرفوض بجميع صوره ولكن ما جاء في هذه الوثيقة هو ''هدم'' للأسرة المصرية و''تخريب'' للبيوت، كما أنها تضرب منظومة الأحوال الشخصية في مصر وتنكر الوظيفة البيولوجية للمرأة والتي حباها الله سبحانه وتعالي بها، ويتضح منها أن الغرب يريد أن يساوي بين الرجل والمرأة في جميع الأمور وهو أمر مخالف للدين ولوظيفة المرأة التي خُلقت من أجلها. فعلى سبيل المثال، فإن بنود هذه الوثيقة المتعلقة بالعنف الأسري والجنسي ضد المرأة، فهي جميعها بنود لا تعترف بحق الزوج على زوجته كما هو منصوص عليه في الشريعة الإسلامية وتبيح للمرأة أن تتهم زوجها بتهمة ''الاغتصاب أو التحرش''!! نحن فى مصر بل وفى البلاد الإسلامية كافة لسنا بحاجة إلى هذه الوثيقة أو أي وثائق أو معاهدات أخرى لتعريفنا بحقوق المرأة وواجباتها، فشريعتنا الإسلامية هي دستورنا، وهذه الوثيقة لها أهداف خبيثة واضحة وتخالف الشريعة الإسلامية مخالفة صريحة ومتعمدة، وهي دعوة للرِدة عن الإسلام. إن المادة الأولى من الدستور المصري لعام 2012 تقضى بأن الإسلام دين الدولة، والمادة الثانية تقضى بأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، والمادة الرابعة تقضى بأخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الأمور المتعلقة بالشريعة الإسلامية، والمادة 219 بيّنت المقصود بمبادئ الشريعة الإسلامية، والمادة رقم 145 حظرت على مجلسى النواب والشورى إقرار أى معاهدة تخالف أحكام الدستور. إننا ندعو الأزهر الشريف إلى تعريف الشعب والعالم الإسلامي بمخاطر مثل تلك الاتفاقيات وفضحها وبيان أوجه مخالفتها للشريعة الإسلامية من خلال التوعية الإعلامية، بالاشتراك مع وزارة الأوقاف من خلال خطباء المساجد، وندعو علماء المسلمين والدعاة والمؤسسات التعليمية كافة للقيام بدورهم في هذا الشأن حفاظًا على الهوية الإسلامية للأمة.. من الواضح أن الهدف الأساسي لهذه المؤتمرات هو فرض النموذج الاجتماعي الغربي على العالم تكملة لنجاحه في فرض النموذج السياسي والاقتصادي وهذه النماذج التي لا تراعي في تشريعاتها القانونية اختلاف العقيدة أو تباين الثقافة بين المجتمعات بل هي تسعى لفرض نمط حضاري موحد على العالم تلتزم به الدول كلها. لهذا لا يجدر بالمرء أن يستخف بهذه الاتفاقيات مطمئنًا إلى سلامة المجتمعات الإسلامية من أي خروقات لأن الواقع يدعو إلى التخويف من الأمر للأسباب التالية: 1- استخدام استراتجية النفس الطويل في تحقيق الأهداف والرضا بالمكاسب المحددة في كل مرحلة حتى تتنامى النتائج وهذا يفسر المؤتمرات الدورية المتتابعة وتبعًا لذلك تجاوزوا مرحلة الأفكار والرؤى إلى آليات التنفيذ والفرض وتغطية ذلك بمرجعية دولية قانونية ملزمة قد تصل مع الوقت إلى المقاطعة بطريقة ما، لكل دولة تتحفظ على هذه الاتفاقيات أو بعض بنودها. 2- نجاح هذه المؤتمرات في خرق مجتمعاتنا العربية والإسلامية بواسطة الجمعيات الأهلية غير الحكومية. لهذه الأمور كلها، إضافة إلى استخدام المؤيدين لهذه الاتفاقيات أسلوب النفس الطويل من أجل الوصول إلى أهدافهم فإنه يجب علينا نحن المصريين العمل على حماية مجتمعنا مما يخطط له والعمل على الحفاظ على الهوية العربية الإسلامية للأمة لمنع هؤلاء من الوصول إلى أهدافهم. وعلى ضوء ذلك فإننا ندعو السيد رئيس الجمهورية إلى عدم إبرام هذه المعاهدة، وندعو السادة أعضاء مجلس الشورى إلى عدم الموافقة عليها، وندعو الشعب المصري والشعوب الإسلامية كافة في جميع أنحاء العالم إلى رفضها. إنها وثيقة للرِدَّة عن الإسلام.