ذكرت صحيفة "الجارديان"البريطانية أن سياسات الغرب تجاه سوريا، والتي ترمي إلى ضمان عدم فوز أي من طرفي النزاع سواء كان الثوار أو النظام الحاكم، مهدت الطريق أمام صعود الحركات الجهادية وتقوية شوكة الرئيس السوري بشار الأسد بدلا من المعارضة. وأوضحت الصحيفة - في مقال افتتاحي أوردته على موقعها على شبكة الإنترنت اليوم السبت - أن النهج الغربي الذي تتزعمه الولاياتالمتحدة في التعامل مع أزمة سوريا الطاحنة لم ينجز سوى "الغرق في الحالة من الجمود والشلل" يتحمل معاناتها أبناء الشعب السوري وحدهم. ولفتت الصحيفة إلى أنه برغم من أن بعض الدول الأوروبية أبدت استعدادها لتسليح المقاومة في سوريا،إلا أن هذه الخطوة لم تعد كافية في نظر العديد من رموز المعارضة السورية الذين يرون أنها يجب أن تكون ضمن استراتيجية واضحة المعالم تستهدف الإطاحة بنظام الأسد وتمهيد الطريق أمام مرحلة انتقالية تخلو من أي مظاهر للعنف. ورأت "الجارديان" أن الدعم المتواصل من قبل روسياوإيران إلى نظام الأسد واستخدام النظام مؤخرا لصواريخ سكود قد قلب المعادلة لصالحه على حساب الثوار برغم الإنجازات الميدانية التي حققوها على مدار الأشهر الأخيرة. ودعت الصحيفة في هذا الصدد إلى سرعة التحرك من قبل الغرب، محذرة من أن العام الجاري والذي يمثل العام الثالث من عمر الثورة سيشهد تحولات جذرية في الأزمة تمتد خارج نطاق حدود البلاد إلى دول الجوار وتشكل تهديدا سيكون هو الأخطر على استقرار المنطقة منذ الحرب العالمية الأولى. واعتبرت صحيفة "الجارديان"البريطانية أن لبنان سيكون أول المتضررين مما يحدث في سوريا نظرا لقرب الحدود بين البلدين، فضلا عن تورط لاعبين سياسيين في الداخل اللبناني في معطيات الصراع السوري على رأسهم جماعة حزب الله التي لا تزال تدعم الرئيس السوري بشار الأسد سياسيا ولوجيسيتا،فيما تسعى أطراف لبنانية أخرى إلى التعبير عن دعمها لثوار سوريا في نضالهم ضد نظام مستبد. وأضافت "وفي الوقت الذي سيكون فيه لبنان أول المتضررين، سيكون صراع سوريا أشد فتكا بالعراق، حيث بدأت مؤشرات ذلك تلوح في الأفق ويتمثل أبرزها في التظاهرات التي تخرج حاليا في مدن ومناطق يقطنها سنة وأكراد ضد حكومة رئيس الوزراء الشيعي نورى المالكي الداعم لنظام الأسد". وتابعت "ونظرا إلى أن العراق لم يتعاف بعد من ويلات الحرب الأهلية التي مزقته في أعقاب الغزو الأمريكي للبلاد،فسيقع فريسة سهلة لمستويات غير مسبوقة من العنف في ضوء ذلك المزيج بين الاحتقان الداخلي وحرب أهلية مشتعلة في الجوار السوري". وحذرت "الجارديان" من أن غرق العراق في بحر العنف الطائفي من جديد سيزج بأطراف إقليمية أخرى مثل إيران وتركيا ودول الخليج كونه يمثل الروح الأصيلة والحقيقة للعالم العربي، فضلا عن الموارد النفطية الغنية التي يمتلكها. ورأت الصحيفة أنه كي يتدارك الجميع هذا المصير القاتم للمنطقة، يتعين على الولاياتالمتحدة إعادة ترتيب أولوياتها من جديد ولتعمل على تمكين ثوار سوريا من الإطاحة بنظام الأسد،مؤكدة أن التذبذب في المواقف الأمريكية حيال قضية تسليح الثوار سيخلف نتائج كارثية .