شهدت عدة مدن ومحافظات مصرية، اليوم الأحد، تصاعدا لاحتجاجات نظمها معارضون للنظام، واشتباكات متفرقة أوقعت 3 قتلى (مجندين ومدني) ومئات المصابين من الجيش والشرطة والمحتجين. وكانت محافظة بورسعيد الاستراتيجية الواقعة على المدخل الشمالي لقناة السويس أشد بؤر التوتر اشتعالا بمصر اليوم، حيث سقط بها جنديين بقوات مكافحة الشغب قتيلا بإطلاق نيران، فيما اصيب أكثر من 400 ، بينهم ضابط جيش برتبة كبيرة، و11 آخرين من أفراد الجيش والشرطة، بحسب حلمي العفني وكيل وزارة الصحة بمدينة بورسعيد المصرية، وبيان للجيش. وذكر بيان رسمي للجيش المصري مساء اليوم أن "المناوشات بين المتظاهرين وعناصر وزارة الداخلية في بورسعيد أسفرت عن إصابة قائد قوة التأمين التابعة للقوات المسلحة بطلق ناري في الساق واستشهاد جندي من قوات الأمن بطلق ناري في الرقبة، نتيجة إطلاق النيران بواسطة عناصر مجهولة"، عير أن العفني أعلن بعد منتصف ليل الأحد عن مقتل جندي ثان من قوات الأمن بمكافحة الشغب (الأمن المركزي) بطلق ناري أصيب به خلال الأحداث. ونفى البيان ما تردد عن وقوع اشتباكات وتبادل للنيران بين عناصر من وزارة الداخلية وآخرين من الجيش في بورسعيد. وأكد الجيش على عدم صحة تلك المعلومات، قائلا إن "عناصره الموجودة بالمنطقة تؤمن مبنى المحافظة وتحاول الفصل بين المتظاهرين وعناصر وزارة الداخلية". ويأتي نفي الجيش المصري لتبادل إطلاق نار بينه وبين الشرطة في بورسعيد، بعد تقارير إعلامية مصرية قالت إن جنودا بالجيش قاموا بإطلاق نار على عناصر للشرطة بعد دهس مدرعة شرطة جنديا من قوات الجيش بطريق الخطأ. وناشدت القوات المسلحة أهالي بورسعيد بعدم الاقتراب من أو مهاجمة مبنى المحافظة أو المنشآت التي تؤمنها عناصر الجيش الثاني الميداني حفاظاً على أرواحهم والممتلكات العامة للدولة . وفي سياق متصل اقتحم المئات من أعضاء رابطة مشجعي النادي المصري البورسعيدي المعروفة باسم "جرين ايجلز" مساء اليوم، رصيف ميناء بورسعيد السياحي على البحر المتوسط، بحسب شهود عيان. وأكد الشهود لمراسلة وكالة الأناضول للأنباء أن المحتجين توجهوا لرصيف الميناء الرئيسي وظلوا به لنحو 30 دقيقة، ثم قاموا بمغادرته بعدما أشعلوا النيران في إطارات سيارات ألقوها فوقه. وقال اللواء أحمد نجيب شرف رئيس هيئة موانيء بورسعيد للأناضول إن قوات الجيش تدخلت لفض مظاهرة المحتجين وتم إخلاء رصيف الميناء. وشدد على أن "الرصيف كان خاليا من وجود أية سفن به، بينما كانت هناك سفن متواجدة بميناء غرب بورسعيد ولكن الاحتجاجات كانت بعيدة عنها ولم تؤثر عليها" . ويحاكم 72 متهما، منهم 63 مدنيا، و9 من قيادات الأمن بالمحافظة (محتجزين في مكان خاص بالعسكريين) في القضية المعروفة إعلاميا ب"مجزرة استاد بورسعيد"، والتي جرت أحداثها في فبراير/ شباط 2012، وأسفرت عن مقتل 74 من مشجعي النادي الأهلي. وقضت محكمة مصرية في 26 يناير/ كانون ثان الماضي بتحويل أوراق 21 متهما في القضية ذاتها إلى المفتي، تمهيدا لإعدامهم، الأمر الذي أعقبه اندلاع أعمال عنف احتجاجي واسعة في المدينة أسفر عن مقتل العشرات بينهم رجلي شرطة. ومنذ ذلك الوقت تشهد مدينة بورسعيد دعوات للعصيان المدني والمطالبة بمحاسبة المسئولين عن وقائع قتل أكثر من 40 محتجا في هذه الأحداث. وعلى قناة السويس أيضا، وإلى الجنوب من بورسعيد، أغلق العشرات من الناشطين السياسيين وأعضاء تيارات معارضة في محافظة الإسماعيلية عددا من المصالح الحكومية بأقفال حديدية لمنع العاملين بها من الدخول ودفعهم للانضمام إلى دعوة العصيان المدني التي طالبت تلك القوى المعارضة بتنفيذها اليوم. كما قطع المحتجون خط السكك الحديدية بالمحافظة لأكثر من ساعتين تقريبا صباح اليوم ما أدي لتوقف حركة القطارات القادمة من العاصمة ومحافظة الشرقية (دلتا النيل) والمتجهة إلى الإسماعيلية وبورسعيد، مؤقتا. ونظم المحتجون مظاهرة أمام مبنى ديوان عام محافظة الإسماعيلية بوسط المدينة، وقطعوا الطريق المواجه لها وأوقفوا حركة المرور به تماما، فيما طوقت قوات الجيش المدعمة بالمركبات مبنى المحافظة لمنع المحتجين من اقتحامه. وقال اللواء جمال امبابي محافظ الإسماعيلية لمراسلة الأناضول إن "موظفي المصالح الحكومية بالمحافظة حطموا الأقفال التي وضعها المحتجون، وتمكنوا من الدخول إلى مقار أعمالهم وتسيير العمل بانتظام داخل مديريات الزراعة والضرائب العقارية والقوى العاملة" . ومن جانبه قال محمد محمدين، رئيس جامعة قناة السويس (التي يتواجد مقرها الرئيسي بالإسماعيلية)، للأناضول إن "العملية التعليمية بالجامعة منتظمة من جانب الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والجهاز الإداري، ولم تتأثر بدعوى العصيان المدني ". ومساء، شهدت المدينة هدوءا نوعيا، فيما توافد العشرات من الناشطين إلى ميدان الممر بوسط الإسماعيلية للتظاهر والدعوة للمشاركة في فعاليات اليوم الثاني للعصيان غدا. وقالت القوى المعارضة إن أعدادا من العاملين بالمصالح الحكومية من المقرر أن تبدأ الاثنين المشاركة في العصيان، تتضمن موظفين بمدارس ثانوية ومصانع بالمنطقة الحرة ومديريات خدمية بمراكز المحافظة المختلفة . وفي وسط العاصمة القاهرة تواصلت الاشتباكات مساء الأحد لليوم الثاني على التوالي بمحيط ميدان التحرير، حيث مقر السفارتين الأمريكية والبريطانية. وبحسب مراسل وكالة الأناضول للأنباء أطلقت قوات الأمن المكلفة بتأمين السفارتين البريطانية والأمريكية قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين الذين قطعوا طريق كورنيش عند جسر قصر النيل بالاتجاهين الواصلين بين شمال وجنوب القاهرة. وتبادل الجانبان التراشق بالحجارة لفترة من الوقت، قبل أن تبدأ قوات الأمن باستخدام قنابل الغاز لتفريق المحتجين الذين أطلق عدد منهم الخرطوش (طلقات نارية من أسلحة يدوية الصنع) على الشرطة، ما أدى لسقوط مصابين من طرفي الاشتباكات. وتراوحت أعمار أغلب المحتجين الذين اشتبكوا مع الشرطة بمحيط التحرير بين 13 و25 عاما. وكان محتجون عاودوا، مساء اليوم الأحد، إغلاق ميدان التحرير بعد أن فتحته الشرطة، لساعات قليلة، أمام حركة المارة والسيارات. جاء ذلك عقب تجدد اشتباكات وتراشق بالحجارة عصر اليوم، بين نحو مائتي متظاهر وقوات الأمن المصرية بزي مدني، في الميدان، ما أدى لانسحاب القوات الأمنية منه، كما أشعل المحتجون النار في سيارتين إحداهما تابعة للشرطة أمام مبنى المتحف المصري بالميدان. وبدأت هذه الاشتباكات بعد ساعات من نجاح الشرطة في إعادة حركة المارة والسيارات وفتح الميدان الذي ظل منذ نوفمبر/ تشرين ثان الماضي مغلقا على أيدي معتصمين معارضين للرئيس المصري محمد مرسي. ومن جانبها قالت وزارة الداخلية المصرية في بيان، حصل مراسل الأناضول على نسخة منه، إنه "مساء اليوم قامت مجموعة من الأشخاص حاملي العصى والأسلحة البيضاء بمهاجمة الخدمات المعينة لتنظيم حركة المرور بمحاور ميدان التحرير الذى تم فتحه صباح اليوم استجابةً لرغبة المواطنين والتي لاقت استحسانهم وترحيبهم". وأضاف البيان أن المهاجمين "تمكنوا من غلق منافذ الميدان أمام حركة السيارات، وقد صدرت تعليمات وزارة الداخلية بسحب الخدمات المرورية من الميدان تجنباً لتصعيد أحداث العنف وأعمال المواجهة في ظل ما يشهده الشارع من حالة الاحتقان السياسي الذى تحاول أجهزة الشرطة أن تنأى بنفسها عن الدخول في حساباته". وكانت قوات الأمن المصرية أزالت فجر اليوم الحواجز التي وضعها عشرات المعتصمين على مداخل الميدان، والخيام وأكشاك الباعة الجائلين المنتشرة في أرجائه، فيما أبقت على خيام المعتصمين المنصوبة بالجزيرة الوسطى فقط، ليعود الميدان مفتوحًا أمام المارة والسيارات بعد أن ظل مغلقًا. وتأتي هذه الخطوة من قوات الأمن صبيحة اشتباكات مساء أمس السبت مع عشرات المعتصمين في الميدان، أسفرت عن اعتقال 74 شخصًا، بحسب تصريحات مسؤولين أمنيين لمراسل الأناضول. وسادت الميدان حالة من الهدوء، وانتشرت سيارات الشرطة ورجال أمن بزي مدني ورجال المرور لتنظيم حركة السيارات، فيما قام عاملون تابعون للهيئة العامة للنظافة بإزالة المخلفات وإعادة طلاء الأرصفة، قبل أن تشتعل المواجهات مجددًا عصر اليوم الأحد وتتصاعد في المساء. وفي مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية (دلتا النيل) تجمهر اليوم عشرات من المنتمين لقوى وأحزاب سياسية معارضة بشارع البحر الرئيسي في وسط المدينة، وقطعوه بإضرام النيران في إطارات السيارات، ووضع كتل خرسانية بعرض الطريق ما تسبب في حالة من الشلل المروري بوسط المدينة الصناعية. وقال المتظاهرون إن تحركهم أتى للتضامن مع أهالي مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية الذين اعتبروا أنهم "تعرضوا لاعتداءات من قوات الشرطة" في الاشتباكات التي بدأت منتصف ليل الجمعة السبت بين محتجين وقوات الأمن بمحيط مديرية الامن القديمة وسط مدينة المنصورة. وشدد متظاهرو المحلة على نيتهم بدء عصيان مدني احتجاجا على تلك الأحداث، كما هتفوا ضد الرئيس المصري محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، ورفعوا لافتات تدعو للعصيان، وتندد بجماعة الإخوان. وتشهد القاهرة وعدة مدن ومحافظات مصرية موجة من أعمال العنف والاحتجاجات ضد النظام انطلقت عشية الاحتفال بالذكرى الثانية لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى معظمهم بمدن قناة السويس الثلاثة (من الشمال للجنوب بورسعيد، الإسماعيلية، السويس).