ثورة مصر ليست فقط ضد نظام الحكم مثل حركة 1952 بل أيضًا ضد الغزو الثقافى, ثورة تؤسس لاستقلال حضارى ضد الهيمنة الغربية العلمانية, سيكون لها تأثير هائل إقليمي ودولي ولذلك معظم القوى الداخلية والخارجية تصر على إعاقة نجاح ثورتنا.. "الثورة المضادة" -فى 1952كان الجيش هو صاحب الحركة والسلطة وتم إسقاط النظام الملكى والقوى المجتمعية الموالية له بسرعة وبقوة السلاح, الآن الشعب هو صاحب الثورة وتم تحييد الجيش وبالتالى إسقاط النظام البائد لا يمكن أن يتم بسرعة. -الثورة والرئيس فى مواجهة تحالف بين القوى العلمانية وقوى الفلول, المال والإعلام والكتلة الاجتماعية المستفيدة ماديًا ونفوذ البلطجية تحت مظلة ضباط أمن الدولة بالإضافة لبعض تشكيلات القضاء والداخلية... الرئيس يعمل على تفكيك هذا التحالف وهو السبب فى تراجع شعبيته. - القوى العلمانية ضد التوجه والهوية الإسلامية وضد القوى الإسلامية أما قوى الفلول فهى ضد القوى الإسلامية (بسبب المصالح المادية) وليس بالضرورة ضد الهوية الإسلامية (لأنها ليست أيديولوجية بل شبكة مصالح فقط).. لابد من تفكيك التحالف بين الكتلة الاجتماعية المستفيدة من عودة نظام المخلوع للسلطة وبين رموز هذا النظام, الفلول, ويتم ذلك فى إطار المصالح وهذا دور الرئيس.. وكذلك تفكيك التحالف بين الكتلة الاجتماعية الموالية للقوى العلمانية وبين هذه القوى ويتم ذلك فى إطار انفتاح فكرىّ لمواجهة الفزّاعة الإسلامية وهذا دور فصائل التيار الإسلامى. -لا نريد تجمع قوى الفلول والعلمانيين مدعومين بالكتل الاجتماعية الموالية لهم تحت شعارات وإطار سياسى واحد, لا نريد أن تكون التقسيمات السياسية على أساس الموقف من الثورة أو النظام البائد فيتجمع العلمانيون والفلول فى تحالف واحد... نريد العلمانيين المنتسبين للنظام البائد أن يتحالفوا مع القوى العلمانية كما نريد لأصحاب التوجه الإسلامى المنتسبين للنظام البائد أن يتحالفوا مع القوى الإسلامية فتتم التقسيمات السياسية بناءً على التوجه الفكرى والأيديولوجى وليس بناءً على الموقف من النظام البائد وبذلك يتم تفكيك الكتلة الاجتماعية وشبكة الانتماءات للنظام البائد وهذا هو ما يحاول الرئيس تحقيقه ضد منظومة الثورة المضادة وذلك لإضعاف عملية العرقلة المدبرة التى تتبناها قوى الفلول لإعاقة الرئيس عن طريق إضعاف شعبيته. - إذا لم يتم ذلك فالثورة فى خطر لأن التحالف المذكور سيجد له حصة فى البرلمان القادم ولقد لاحظنا نجاح هذا التحالف فى دفع "شفيق" (المعدوم الشعبية الحقيقية) للإعادة أمام "مرسى" فى الرئاسة وحصوله على أصوات متقاربة.. ولذلك لاحظنا طمأنة الرئيس للعناصر والموظفين المنتمين للشرطة والقضاء بأنهم لن يتضرروا من الثورة ونجح ذلك فى تفكيك تحالف القضاة ضد الإشراف على الاستفتاء الأخير, التفكيك والإسقاط المتتالى لكل وحدة على حدا بداية من المجلس العسكرى السابق ثم النائب العام هو السبيل الوحيد وبالمثل لابد من إعادة النظر فى قضية التصالح مع بعض رجال أعمال الفلول, كل حسب حالته, لتحصيل موارد مالية مع ضمان إيقاف تمويلهم ودعمهم للثورة المضادة وذلك فى مقابل العفو عنهم ودفعهم لإعادة عجلة الإنتاج فى شتى مصانعهم ومؤسساتهم التى لها أنشطة حقيقية. -لقد نجح النظام السابق فى تأسيس شبكة عتيدة فاسدة ومدعومة من أعداء مصر والتفكيك الكامل لهذه الشبكة فى منتهى الصعوبة لكنه لازم بالضرورة لتأسيس نظام ديمقراطى ولتحويل الدولة من كيان للقهر إلى خدمة الشعب لتحقيق النهضة, مهمة الثورة هى إسقاط المخلوع فقط وتبقى شبكة هذا النظام تقاوم نجاح الثورة كما فعل المجلس العسكرى السابق والآن يسير تحالف الفلول والعلمانيين على نفس النهج. - إسقاط النظام البائد دفعة واحدة كما يتصور الكثيرون ويدّعون عدم قدرة الرئيس على مواجهة الثورة المضادة, يمثل أمرًا مستحيلًا لأنه سيؤدى لتجميع كل أعداء الثورة فى سلة واحدة ووقت واحد ضد الثورة وقد يؤدى ذلك إلى نزاع خطير بين كتل اجتماعية مصالحها مرتبطة بالنظام السابق وبين كتل أخرى داعمة للثورة, الأمر الذى يساعد على التدخل الخارجى. -قد تؤدى هذه السياسة لخسارة الرئيس والقوى الإسلامية الداعمة له جزءًا من الشعبية والرأى العام لكنها السياسة المؤهلة للنجاح, محاولة إرضاء الرأى العام المتحمس ثوريًا بمحاكمة أو القبض على رموز الثورة المضادة (خارج القانون كما ينادى البعض وكما فعل السادات) ستؤدى لعواقب وخيمة, لاختلاف موقف القوى العالمية من الثورة كما أسلفت, لابد من المضى قدمًا لانتخابات البرلمان الذى سيحسم شرعية وآلية معالجة كل مشاكل المرحلة الانتقالية والثورة المضادة. [email protected]