رغم سنوات عمره القصيرة، وقلة إنتاجه، إلا أنه حقق شهرة فاقت كل شعراء عصره، بما فيهم أمير الشعراء أحمد شوقى، وقد وصل الشابى لمكانة عظيمة فى قلوب الملايين من أبناء الأمة العربية بسبب قصيدته الشهيرة "إرادة الحياة" التى يقول فى بدايتها: إذا الشعب يومًا أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.. ولابد لليل أن ينجلى ولابد للقيد أن ينكسر، ثم جاءت قصيدته الساحرة "صلوات فى هيكل الحب" التى تفيض عذوبة ورومانسية عجز أكبر شعراء عصره عن نظم ما يجاريها. ويذكره الشاعر العراقي المعروف فالج الحجية في كتابه "شعراء النهضة العربية" فيقول عنه: "هو شاعر وجداني، وهو برغم صغر سنه شاعر مجيد مكثر، يمتاز شعره بالرومانسية، فهو صاحب لفظة سهلة قريبة من القلوب وعبارة بلاغية رائعة يصوغها بأسلوب أو قالب شعري جميل، فهو بطبيعته يرنو إلى النفس الإنسانية وخوالجها الفياضة، من خلال توسيعه لدائرة الشعر وتوليد ومسايرة نفسيته الشبابية في شعر جميل، وابتكار أفضل للمواضيع المختلفة، بحيث جاءت قصيدته ناضجة مؤثرة في النفس خارجة من قلب معني بها ملهما إياها كل معاني التأثر النفسي بما حوله من حالة طبيعية مستنتجًا النزعة الإنسانية العالية لذا جاء شعره متأثرًا بالعالمين النفسي والخارجي". ولد أبو القاسم الشابي في يوم الأربعاء الموافق لمثل هذا اليوم عام 1909م في بلدة الشابية التابعة لولاية توزر في تونس، وتلقى تعليمه فى جامعة الزيتونة. أصيب الشابى بمرض عضال فى قلبه منذ الطفولة، حيث كان يشكو انتفاخًا وتفتحًا في قلبه ولكن حالته ازدادت سوءًا فيما بعد بعوامل متعددة منها التطور الطبيعي للمرض بعامل الزمن، والشابي كان في الأصل ضعيف البنية ومنها أحوال الحياة التي تقلّب فيها طفلًا ومنها الأحوال السيئة التي كانت تحيط بالطلاب عامة في مدارس السكنى التابعة للزيتونة، ومنها الصدمة التي تلقاها بموت محبوبته الصغيرة، ومنها فوق ذلك إهماله لنصيحة الأطباء في الاعتدال في حياته البدنية والفكرية، ومنها أيضًا زواجه فيما بعد. كان مرض الشابى وعجزه أكبر مشكلة فى حياته، وكتب الكثير من القصائد التى تظهر حجم ما كان يتجرعه من ألم، وانتهى به الأمر أن دخل مستشفى الطليان في العاصمة التونسية في اليوم الثالث من شهر أكتوبر 1934، وبقى به حتى فاضت روحه إلى بارئها في الساعة الرابعة من صباح يوم الاثنين التاسع من أكتوبر من عام 1934، وعمره 25 سنة.