الثورة قامت في الأساس ضد الشرطة. حجم الغضب الذي كان في نفوس الناس من ممارسات الشرطة كان كافيا لإسقاط النظام بأكمله وليس جهاز الشرطة فقط. هذا أكبر دليل علي أن جرائم الشرطة ضد الشعب بلغت قبل الثورة مستويات خطيرة من ناحية الكم والنوع. أسوأممارسات الشرطة في العهد البائد هو إنشاء ورعاية مجموعات البلطجة وعصابات الإجرام. الأسباب التي دفعت الشرطة إلي ذلك معروفة ، وهي تنفيذ مهمات قذرة وأعمال خارج القانون بالوكالة عن المؤسسات الرسمية. النظام استفاد من ذلك في تزوير الانتخابات والتنكيل بالمعارضين ، كما استفاد رجال الأعمال وجماعات المصالح من الوضع غير القانوني لمئات الألوف من المسجلين الخطرين لدي أقسام الشرطة في حين أنهم في الحقيقة بمثابة موظفون برواتب ومكافآت لدي الجهاز الحكومي المثير للجدل. اليوم أصبحت الشرطة في قلب الثورة ، وصار منوطا بها الاضطلاع بدورها في حماية المواطنين والمنشآت من التخريب ، وهي في سبيل القيام بهذا الواجب الوطني تواجه بأشرس العناصر المخربة والمنفلتة. المفارقة الان هي أن المخربين اليوم ما هم إلا حلفاء الأمس الذين تربوا وسمنوا وترعرعوا في أحضان وزارة الداخلية. ضباط وجنود الشرطة يصطلون الآن بنيران البلطجية الذين درسوا الإجرام علي أيدي رجال حبيب العادلي ، وجري التستر عليهم وتدليلهم لسنوات طويلة ، وصاروا يقومون بأعمالهم القذرة تحت سمع وبصر رجال الشرطة بل وبالنيابة عنهم. ما يحدث لا يستدعي منا الشماتة بجهاز الشرطة ولا برجالها ، فهم في نهاية المطاف مواطنون وموظفون في الدولة المصرية ، ولهم رسالة سامية تتمثل في حفظ الأمن الذي هو من أعلي القيم المجتمعية والإنسانية. برغم التجاوزات السابقة إلا أننا علي استعداد لنسيان الماضي بشرط أن تتطهر الشرطة ذاتيا من عناصرها التي مازالت تدعم البلطجة والفساد ، وأن يتقبلوا قانون الحياة ويتأملوا في عدالة السماء ، فهي رحمة بهم وبنا علي حد سواء. أهم مهمة لرجال الشرطة هي أن يواجهوا البلطجة بحزم ، وأن يتحملوا في ذلك المصاعب والمخاطر نظير ما كان لهم الدور الأكبر في تمدد هذه العصابات والتستر عليها. الأهم من ذلك أن نساند مهمة الشرطة بقوة وأن ندعم مساعي حفظ الأمن والقضاء علي البلطجة. الشرطة أداة في يد السلطة السياسية ، وظفها حسني مبارك لحمايته وحماية أسرته وحاشيته الفاسدة ، واستخدمها في قمع المعارضة ، وذلك مقابل غض الطرف عن ممارساتها الإجرامية ، والتغاضي عن أساليبها الوحشية. الإرادة السياسية بعد الثورة تتوجه ناحية التوظيف السليم لجهاز الشرطة في حماية الدولة وليس النظام ، في حفظ أمن المجتمع وليس أمن الرئيس. هذا يستوجب دعمها ومساندتها وتشجيع أفرادها خاصة المجندين في الأمن المركزي والمضطهدون من قياداتهم وفي نفس الوقت يواجهون بصدورهم الموت أمام البلطجية واللصوص ، هذا إلي جانب أحوالهم البائسة داخل معسكرات الأمن. الدعم الشعبي للشرطة يجب ان يتوازي مع خطط الدولة في رفع كفاءة أفراد الشرطة وإعادة هيكلة الداخلية بالصورة التى تتناسب مع الوظيفة الأصيلة له. نحن مع الشرفاء من أفراد الشرطة ، نحن مع الدولة فى تطهير جهاز الشرطة ، أيدينا بأيدي أفراد الأمن المركزي ضد البلطجة والفساد والجريمة .. الشعب والشرطة إيد واحدة. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]