أخيراً قررت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية زيارة مصر الأسبوع القادم في إطار جولة لها لزيارة بعض دول المنطقة خاصة إسرائيل. هذه الزيارة المرتقبة لمصر جاءت بعد إلغاء كونداليزا رايس زيارتها السابقة لمصر والتي كان مقرراً لها مارس الماضي بسبب سجن أيمن نور رئيس حزب الغد. كل المؤشرات تؤكد أهمية وخطورة الزيارة سواء من حيث توقيتها وتزامنها مع أحداث يوم الاستفتاء أو من حيث قرب الانتخابات الرئاسية القادمة والتي تقابل الآن بحالة من الرفض الشعبي لم تشهده مصر من قبل. الإدارة الأمريكية تعلق آمالاً كبيرة على هذه الزيارة خاصة أنها تأتي والنظام المصري كالغريق الذي يبحث عن منقذ له . الصحف الأمريكية أطلقت على زيارة كوندليزا رايس لمصر وصف زيارة الإملاءات الأمريكية. "المصريون" من خلال متابعة ما تنشره الصحافة الأمريكية والخارجية الأمريكية من تقارير تتعلق بجولة كوندليزا رايس لمنطقة الشرق الأوسط أمكنها أن تحدد أهم ما تحويه الأجندة السرية للمطالبة أو الإملاءات الأمريكية على مصر كوندليزا رايس لن تعرض مطالب الإدارة الأمريكية على الحكومة المصرية قبل أن تسمع من حكومة الرئيس مبارك ما الذي يمكن أن تقدمه للحكومة الأمريكية بعدها ستعلن كوندليزا مطالب الإدارة الأمريكية التي ستكون أغلبها مجرد أوراق ضغط سبق استغلالها لتحقيق مكاسب أمريكية وإسرائيلية. كوندليزا رايس ستفتح مع القيادة المصرية ملف العراق ومعاودة مطالبة مصر بإرسال قوات عسكرية للعراق تحت مسمى قوات حفظ السلام وهو الأمر الذي رفضته مصر من قبل ولكن كوندليزا ستضغط هذه المرة على القيادة المصرية مهددة بترحيل أكثر من 15 ألف أسرة مصرية مقيمة في العراق منذ الثمانينات. ثاني البنود السرية في أجندة كوندليزا السرية تتعلق بالمطلب الأمريكي المتجدد الخاص بمنح الأساطيل الأمريكية تسهيلات بحرية في البحرين الأبيض والأحمر ومعاودة طلب منح قاعدة عسكرية للقوات الأمريكية . كوندليزا ستحرص في هذين المطلبين أن تمارس سياسة الترغيب والترهيب أو كما تسميها الإدارة الأمريكية سياسة الجزرة والعصا للضغوط على مصر بالقبول. كوندليزا لن تنسى الملف الشائك الخاص بأقباط مصر كورقة ضغط متجددة تستخدمها متى تشاء لتحقيق مكاسب تخدم الإدارة الأمريكية بغض النظر عن صدق معلومات هذا الملف. أما ملف المعونة الأمريكية فسيكون أحد ملفات الضغط الهامة التي ستناقشه كوندليزا مع الحكومة المصرية ولن تنسى كوندليزا أن تذكر القيادة المصرية بأن موضوع المعونة سوف يكون مرتبطاً بمدى التقدم في مسألة حقوق الإنسان والإصلاح الديمقراطي خاصة بعد أن يقرر الكونجرس الأمريكي قانونا جديدا يعطي أمريكا الحق في التفتيش على مسائل حقوق الإنسان والإصلاح السياسي والديمقراطي في الدول التي تتقاضى معونات اقتصادية أو عسكرية من أمريكا. بالطبع ستناقش كوندليزا بعد هذا التهميد النيراني المكثف موضوعات الحريات وحقوق الإنسان والانتخابات الرئاسية والنيابية القادمة وضرورة أن تلتزم أجهزة الأمن والإعلام بالحيادية وأن تلغى حالة الطوارئ قبل الانتخابات الرئاسية. كما ستلمح كوندليزا بإمكانية دعم أمريكا سياسياً ومادياً لجماعات وحركات الضغط السياسي التي تكونت مؤخراً إذا صمم النظام على تجاهل الإملاءات الأمريكية. ويبدو أن أجندة الإملاءات الأمريكية التي ستحملها كوندليزا في زيارتها للقاهرة متعددة الصفحات والموضوعات حيث ستطلب من مصر مواصلة الضغوط على الفصائل الفلسطينية للتخلي عن السلاح والدخول في العملية السياسية كخيار وحيد للمشاركة في الشأن الفلسطيني وفقاً للمفهوم الإسرائيلي. كانت هذه بعض الإملاءات التي تذخر بها أجندة كوندليزا رايس في زيارتها المرتقبة للقاهرة فضلاً عن وسائل تهديد كثيرة ستحملها رايس خاصة بالأنشطة الاقتصادية والإيداعات النقدية لبعض أبناء رجال سلطة الحكم والمودعة في البنوك الأمريكية حيث لن تخجل كوندليزا رايس بالتلويح بإمكانية تجميد هذه الودائع لو رفضت القيادة المصرية أن تلبي الحد الأدنى من الإملاءات والمطالب الأمريكية. على الجانب الأخر من الأجندة ستلوح كوندليزا بحزمة من المكافآت والمنح للنظام المصري وهي: أولاً: ضمان مرور الانتخابات الرئاسية القادمة دون تدخل أمريكي ثانيا: وقف الدعم سواء لحركات التغيير الموجودة على الساحة الآن أو لجماعة الإخوان المسلمين ثالثاً: التعهد بالمساندة والمساعدة لتوريث السلطة لجمال مبارك دون اعتراض رابعا: استمرار المعونات الاقتصادية والعسكرية لمصر والعمل على زيادتها خلال السنوات القادمة خامساً: ضمان الحكومة المصرية لدى مؤسسات التمويل الأجنبية حتى تحصل مصر على قروض ائتمانية لتمويل المشروعات المؤجلة وتحديث بعض المصانع الكبرى سادساً: الوعد بفتح الأسواق الأمريكية أمام المنتجات المصرية دون الحاجة لاتفاقيات مثل الكويز وغيرها سابعاً: تعهد من الإدارة الأمريكية الحالية بالضغط على بعض الدول العربية لزيادة استثماراتها في مصر وكذا الاستثمارات الأمريكية ما سبق كان قراءة سريعة في أهم البنود السرية للأجندة الأمريكية التي ستحملها كوندليزا رايس فهل استعدت القيادة المصرية بحائط دفاعي يتحمل هذا التمهيد النيراني الأمريكي ؟ أما أن النظام الحاكم سيقبل بأسهل الحلول وهي الانصياع للحد الأدنى من هذه الإملاءات حتى يضمن تمرير الانتخابات الرئاسية والنيابية بما يخدم قضية التوريث لجمال مبارك. يمكن القول أن الشارع المصري بنخبته السياسية وأغلبيته الشعبية سيحبس الأنفاس حتى تمر هذه الزيارة على خير دون خسائر كبيرة لأن الخسائر واقعة لا محالة .