كان حادث الاعتداء الآثم الذى نفذه سائق شاحنة صهيونى فى 6 ديسمبر1987، ضد سيارة صغيرة يستقلها عمال عرب وأدى إلى استشهاد أربعة من أبناء الشعب الفلسطينى فى مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين، إعلانًا بدخول مرحلة جديدة من جهاد الشعب الفلسطينى، فكان الرد بإعلان النفير العام، وصدر البيان الأول عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" فى مثل هذا اليوم عام 1987 إيذانًا ببدء مرحلة جديدة فى جهاد الشعب الفلسطينى ضد الاحتلال الصهيونى الغاشم، وهى مرحلة يمثل التيار الإسلامى فيها رأس الحربة فى المقاومة. أسس الحركة الشهيد الشيخ أحمد ياسين مع سبعة من كوادر جماعة الإخوان المسلمين فى فلسطين، واعتبرت الحركة أن الصراع مع الاحتلال الإسرائيلى "صراع وجود وليس صراع حدود"، وأن إسرائيل جزء من مشروع "استعمارى غربى صهيونى" يهدف إلى تمزيق العالم الإسلامى، وتهجير الفلسطينيين من ديارهم وتمزيق وحدة العالم العربى، وتعتقد بأن الجهاد بأنواعه وأشكاله المختلفة هو السبيل لتحرير التراب الفلسطينى، وتردد بأن مفاوضات السلام مع الإسرائيليين هى مضيعة للوقت ووسيلة للتفريط فى الحقوق. وقد أثار بروز حركة "حماس" قلق العدو الصهيونى، واستنفرت أجهزة الاستخبارات الصهيونية كل قواها لرصد الحركة وقياداتها، وما إن لاحظت سلطات الاحتلال استجابة الجماهير للإضرابات، وبقية فعاليات المقاومة التى دعت لها الحركة منفردة منذ انطلاقتها، وصدور ميثاق الحركة، حتى توالت الاعتقالات التى استهدفت كوادر الحركة وأنصارها منذ ذلك التاريخ، وكانت أكبر حملة اعتقالات تعرضت لها الحركة آنذاك فى شهر مايو 1989، وطالت تلك الحملة القائد المؤسس الشيخ المجاهد أحمد ياسين. ومع تطور أساليب المقاومة لدى الحركة التى شملت أسر الجنود الصهاينة، فى شتاء عام 1989 وابتكار حرب السكاكين ضد جنود الاحتلال عام 1990 . دخلت الحركة طورًا جديدًا منذ الإعلان عن تأسيس جناحها العسكرى (كتائب الشهيد عز الدين القسام) فى نهاية عام 1991، حيث أخذت نشاطات الجهاز الجديد منحى متصاعدًا، ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه، مما دعا رئيس وزراء الإسرائيلى وقتها إسحاق رابين إلى إصدار قرار بإبعاد 415 رمزًا من رموز المقاومة عقابًا لحركة حماس. وقدم مبعدو حركتى "حماس" والجهاد الإسلامى نموذجاً رائعا للمناضل المتشبث بأرضه مهما كان الثمن، مما اضطر رابين إلى الموافقة على عودتهم بعد مرور عام على إبعادهم قضوه فى العراء فى مخيم مؤقت فى مرج الزهور فى جنوب لبنان. وفى فبراير1994أقدم مستوطن إرهابى يهودى يدعى باروخ جولدشتاين على تنفيذ جريمة بحق المصلين فى المسجد الإبراهيمى فى الخليل، مما أدى لاستشهاد نحو 30 فلسطينيًّا وجرح نحو100 آخرين برصاص الإرهابى اليهودى، مما دعا الحركة إلى إعلان حرب شاملة ضد الاحتلال الصهيونى، وتوسيع دائرة عملياتها لتشمل كل إسرائيلى يستوطن الأرض العربية فى فلسطين لإرغام الصهاينة على وقف جرائمهم ضد المدنيين الفلسطينيين العزل. واليوم تقف حركة "حماس" كقوة أولى فى مواجهة المشروع الصهيونى، وهى رغم الحملة الشاملة المعادية التى تعرضت لها ما زالت القوة الرئيسية التى تحفظ للقضية الفلسطينية استمرارها وتمنح الشعب الفلسطينى وجميع أبناء الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم ثقة بإمكانية التصدى للمشروع الصهيونى الذى يعيش منذ بداية التسعينات عصره الذهبى، وأملًا بإمكانية هزيمته وتدميره بإذن الله.