من البديهيات الديمقراطية أن المعارضة القوية هى جزء من المنظومة السياسية فى أى نظام ديمقراطى سليم، لكن يبدو أن من يدَّعون أنهم زعامات للمعارضة السياسية فى مصر اليوم لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية، ولا تشغلهم مصالح الوطن العليا فهم مشغولون فقط بأنفسهم وحساباتهم الضيقة!! من حق المعارضة أن ترفض قرارات الرئيس وحكومته لكن ليس من حقها أن تزرع نصلاً فى كبد الوطن أو أن ترشق سهمًا مسمومًا فى قلبه يمزقه أشلاء، فهذا ليس من الديمقراطية فى شيء، فالديمقراطية تقول إذا كانت المعارضة لا تريد الرئيس الشرعى فليس من حقها أن تفرض رأيها على الأغلبية، وليس أمامها إلا الاحتكام للصندوق والنزول على إرادة الشعب الذى هو مصدر السلطات، وإلا لصارت البلد فوضى، وكلما جاء رئيس واعترضت عليه فئة من الناس أسقطته، فستُسْقِط فئة أخرى الرئيس التالى.. وهكذا تدب الفوضى ويحترق البلد وتتمزق أوصاله، وهذا لا يرضى أى مصرى شريف، فليس أمامنا إذن إلا النزول على رغبة الشعب والاحتكام إلى الصندوق، فلماذا تخافون صندوق الانتخابات؟! ولنتكلم بصراحة أكبر فما يحدث الآن هو افتعال أزمة من لا شيء، فماذا فعل الرئيس الشرعى الدكتور محمد مرسى غير الحفاظ على الدولة ومؤسساتها الشرعية المنتخبة؟! الحق أن الرئيس مرسى لم يفعل غير ما يمليه عليه الضمير الوطنى وحكمة الزعيم ومسئولية القائد، لكن المعارضة تعاملت بسوء ظن مع الإعلان الدستورى الذى انحاز للثورة وأرجع حق الشهداء وحمى مؤسسات الدولة، وفى الحقيقة لا يخفى على أى سياسى حاذق أن المعارضة تُخَاتِل الرئيس الشرعي، وتُخادِع أنصارها، وتُغرِّر ببعض أبناء الشعب المصري، وتشعل الحرائق فى جسد مصر!! إن خبراء السياسة يؤكدون أن اعتراضات البعض الحادة على الإعلان الدستورى وعلى الدستور ما هى إلا قميص عثمان الذى يرفعه المعارضون، لكن الحقيقة غير ذلك تمامًا، وبمزيد من الوضوح أقول إن غالبية أبناء الشعب المصرى يرون المحاولات المأجورة لإسقاط الشرعية القائمة فى مصر مؤامرة قذرة لا أخلاقية ومعروف من وراءها...!! ويشارك فى هذه المؤامرة أطراف كثيرة من أعداء مصر فى الداخل والخارج.. وللأسف يشارك فيها نفر من المصريين المخدوعين المغرر بهم. هل هؤلاء الذين يريدون اقتحام قصر الاتحادية وإسقاط الرئيس والانقلاب على الشرعية متظاهرون سلميون ومعارضون سياسيون؟!! هل هذه الجماعات المسلحة التى تحرق مقرات الإخوان المسلمين وتقتل شبابهم معارضون وطنيون لهم مواقف سياسية يعبرون عنها؟! ومنذ متى كان القتل والحرق والتدمير من وسائل العمل السياسي؟! إن هؤلاء بلطجية خارجون على القانون وهم خطر حقيقى على كيان الدولة المصرية برمتها، فمن يستأجرهم؟ ومن يتستر عليهم؟ ولماذا يطلق فى الحال سراح كل من يتم القبض عليه منهم؟! لا نفهم السر فى تركهم طلقاء بهذه الأسلحة التى فى أيديهم..!! وأين وزارة الداخلية؟! أين الثوار الوطنيون الأحرار من كل القوى والأحزاب؟! لماذا لا نحمى مصر من هذا الجنون والعبث؟! ولماذا لا تقوم وزارة الداخلية بواجبها فى حماية أمن وسلامة الوطن؟! ثم لماذا لا تدين المعارضة المصرية قتل الإخوان وحرق مقراتهم؟! لماذا لا تشجب أعمال العنف؟! لقد شاهد العالم كله على الهواء مباشرة أفرادًا يحملون بنادق ومسدسات يقتلون شباب الإخوان عند قصر الاتحادية.. كل فضائيات الدنيا صورت هؤلاء الأشخاص وبثت صورًا لهم متلبسين بجُرمهم.. فلماذا لا يتم القبض عليهم والإسراع فى محاكمتهم وعرضهم على شاشات التلفزيون ليكونوا عبرة لغيرهم؟! ولمصلحة من يعمل هؤلاء؟! ومن يدرينا أنهم ليسوا عناصر تخريبية من دول معادية لمصر؟! نقول لرؤوس الفتنة لا تغرروا بشباب مصر: لا تحرقوا مصر فإثم ذلك عليكم إلى يوم الدين، لا تضحوا بأبناء مصر فى سبيل مصالحكم الخاصة، اتقوا الله وابتعدوا عن الفتنة "وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ" [البقرة: 191].. اتقوا الله ولا تخربوا مصر من أجل مطامعكم الشخصية فى السلطة.. اتقوا الله ولا تنقلبوا على الرئيس الشرعي.. اتقوا الله فدماء المصريين فى رقابكم، وسوف تكون لعنة عليكم وتطاردكم فى الدنيا والآخرة أنتم وكل من تتلطخ يده بدماء الأبرياء.. "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا" [النساء: 93] ويجب على شرفاء الوطن وشباب مصر الواعى وثوارها الأحرار أن يبتعدوا عن هؤلاء، وألا يشاركوا معهم فى إشعال الفتن، اتركوهم فورًا وافضحوهم، عروهم أمام الرأى العام، واحقنوا دماء إخوانكم المصريين، مصر لا تستحق أن نضحى بها من أجل أطماع هؤلاء الجشعين الأنانيين والخونة!! وليعلم الجميع أن الشعب المصرى لن يخضع ولن يذل، والله ثم والله ثم والله سيحمى المصريون رئيسهم الشرعى بدمائهم وأرواحهم، وسيدافعون عن الشرعية بالغالى والنفيس، وسيفجرون ثورة إسلامية عارمة كالسيل الجارف ولن يوقفها شيء مهما كان، وساعتئذ لن يرحم الشعب المصرى أى خائن أو عميل مأجور أثار الفتنة وأشعل الحرائق فى جسد الوطن! [email protected]