روجت دوائر صحفية أمريكية مقربة من اللوبي الصهيوني لما أسمته نمو النزعة الانفصالية عن مصر لدى البدو في سيناء ، مستغلة حالة الاحتقان الشديدة التي تسود العلاقة بين أجهزة الأمن وأهالي سيناء على خلفية تفجيرات طابا وشرم الشيخ ، وما أعقبها من حملات دهم واعتقال شملت المئات من أهالي سيناء ، الأمر الذي أوجد حالة من الغضب العارم بين بدو سيناء ، خاصة أنهم كانوا دوما بعيدا عن الاحتكاك المباشر مع أجهزة الأمن . في هذا الصعيد أكدت صحيفة " نيويورك تايمز " في تقرير خطير مطول " وموجه " تضمن العديد من المقابلات مع بدو سيناء لرصد ردود الفعل تجاه تفجيرات شرم الشيخ ، أن مشاعر الغضب تصاعدت بحدة لدى أهالي سيناء بسبب الاتهامات التي وجهها مسئولون أمنيون ووسائل إعلام حكومية لبدو سيناء بالوقوف وراء التفجيرات التي ضربت مدينة شرم الشيخ فجر السبت 23 يوليو وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات أو على الأقل عدم التعاون بشكل كاف مع الأجهزة الأمنية في حماية المناطق الجبلية . ونقلت الصحيفة عن أحد بدو سيناء ويدعى عيد حسين قوله " لم يعد يحق لي التجول بحرية، لم يعد يحق لي الاتجاه إلى الشاطئ أو أماكن تجمع السياح، أصبح مشكوك في وطنيتي وولائي لبلدي فقط لأني بدوي" . وأوضحت الصحيفة أن انفجار غضب حسين - المعتاد دائماً على كتم مشاعره - جاء نتيجة سوء المعاملة التي تعرض لها من قبل أجهزة الأمن عقب تفجيرات شرم الشيخ ، حيث وسعت سلطات الأمن دائرة الاشتباه بحثا عن منفذي التفجيرات . وقالت الصحيفة إن أحد أهالي سيناء ، يعمل مرشدا سياحيا ، عبر عن غضبه حين أنفجر صائحاً في وجه أحد رجال الشرطة : " أنا أبن هذه الأرض ، نحن البدو نعيش هنا من قبل أن تضع قدمك فيها ونستحق أن تظهر لنا المزيد من الاحترام ". ولفتت " نيويورك تايمز " إلى أن بدو سيناء ، والذين يقدر عددهم بنحو مائة ألف شخص ، يشعرون منذ وقوع تفجيرات طابا في أكتوبر الماضي بأنهم باتوا جميعا على قائمة المتهمين رغم محاولتهم الصادقة في تأمين المنطقة وحماية السياحة الأجنبية . وفي التفاتة بالغة الخطورة أوضحت الصحيفة أن تلك الاتهامات ، دفعت أحد البدو الغاضبين ، للقول " لن نجلس صامتين أمام اتهاماتهم وتعديهم علينا، نحن نريد أن يستقل البدو نهائيا عن المصريين" . وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات المصرية لم تعلن بشكل رسمي تورط البدو في هذه التفجيرات و إن كانت الشكوك مازالت قائمة حول تورط مجموعة من البدو في عملية إدخال السيارات الملغمة من مدقات جبلية بعيدة عن الكمائن ونقاط التفتيش المنتشرة على كافة مداخل ومخارج شرم الشيخ ، مما ساعد على حدوث هذه الانفجارات. وذكرت الصحيفة أن زعماء قبائل البدو في المنطقة أكدوا أنهم تضرروا من تلك التفجيرات بصورة تفوق الضرر الذي أصاب السلطات المصرية نتيجة لاعتمادهم الأساسي على السياحة كمصدر للدخل ، خاصة في بعدما شهد النشاط السياحي رواجا كبيرا في الفترة الأخيرة . وأضافت أن زعماء القبائل وفي محاولة للتعبير عن حسن نيتهم وافقوا على اتفاقيات أمن جديدة تتيح للسلطات المصرية مراقبة و تفتيش طرق البدو الصحراوية. وجدير بالذكر أن التوتر بين بدو سيناء و السلطات المصرية قد تصاعد منذ تفجيرات طابا ، التي خلفت 34 قتيلا مما جعل السلطات المصرية تعتقل أكثر من 2500 بدويا دون توجيه اتهامات حقيقية لهم ، ومازال أهالي المئات منهم لا يعرفون أين يحتجز أبناءهم . وأشارت " نيويورك تايمز " إلى أن هذه الاعتقالات تعد مأساة لأناس حافظوا على حريتهم وتقاليدهم المتوارثة رغم زحف الحضارة السريع على أرضهم. وكانت مصر قد استعادت سيناء عقب حرب أكتوبر 1973 وما أعقبها من توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 ، واكتملت سلطتها على كامل سيناء بعد استعادة طابا 1989. ونتيجة لهذه الاتفاقيات فإنه غير مسموح بتواجد الجيش المصري إلا في منطقة محدودة جداً من سيناء أما حدودها مع فلسطينالمحتلة فتوجد تحت حماية قوات حفظ السلام الدولية. لذا ليس لدى الحكومة المصري بديلا سوى الاتفاق مع البدو والتعاون معهم لتأمين المناطق التي لا تستطيع قوات الأمن المصرية أن تتواجد بها . وأوضحت الصحيفة أنه ومع ازدياد حركة السياحة في سيناء فرضت الحكومة المصرية السيطرة على المنطقة خاصة مع تدفق المستثمرين الذين أقاموا العديد من المشروعات على أراضي يدعي البدو أنها ملك لهم رغم عدم وجود أي أوراق تثبت ذلك. ولذا فلم يعد للبدو من خيار غير الامتثال أو الزحف داخل قلب الصحراء. وكان زعماء هذه القبائل قد تعهدوا للحكومة المصرية عقب تفجيرات طابا بحفظ الأمن والسيطرة على المنطقة وتسليم أي عناصر إجرامية حتى وإن كانوا من أبناء القبائل أنفسهم لكنهم حذروا السلطات أيضا من عدم استطاعتهم السيطرة على بؤر التهريب و الخارجين عن القانون و التي يرجح أنها المناطق التي يتسلل منها الإرهابيون إلى مصر. ونقلت الصحيفة عن الشيخ محنا الصبيح ، شيخ قبائل مزينة المنتشرة في جنوبسيناء ، قوله " لقد حذرناهم كثيراً من خطورة هذه البؤر لكن من الواضح أنهم لم يأخذوا كلامنا بالاهتمام و الجدية الكافية ". وأوضحت الصحيفة أن قبائل البدو والحكومة المصرية يحاولان ممارسة سياسة ضبط النفس ، حيث تم عقد اجتماع الثلاثاء الماضي بين مشايخ القبائل وقيادات أمنية لمناقشة الحالة الأمنية في المنطقة و ضرورة وضع المزيد من وحدات التفتيش و الأمن على مداخل و مخارج الطرق. ونقلت الصحيفة في ختام تقريرها عن أحد البدو من سكان مدينة شرم الشيخ قوله " إن هذا التوتر له سببه الواضح ، فالبدو يعتبرون هذه الأرض أرضهم ومن الصعب أن يتقبلوا وصيا عليهم في وطنهم" .