أكدت مصادر أمنية مطلعة ل " المصريون" أن منطقة وسط سيناء سوف تشهد خلال الساعات القليلة القادمة مواجهات شرسة ، حيث بدأت وزارة الداخلية حملة كبيرة تضم أكثر من 3500 ضابطا وجنديا من مختلف قطاعات الوزارة ، مدعومين بأكثر من 20 دبابة ومدرعة ومدافع الهاون ، لمهاجمة عشرات الوديان والكهوف المنتشرة بالمنطقة ، والتي تعتقد أجهزة الأمن أن فلول الخلايا التي نفذت هجمات طابا وشرم الشيخ والجورة تختبئ داخلها . وأوضحت المصادر أن أجهزة الأمن لديها معلومات بأن العديد من المطلوبين على خلفية التفجيرات الأخيرة التي شهدتها سيناء مؤخرا ، يختبئون في المناطق الجبلية الوعرة بوسط سيناء خاصة بمنطقة جبل الحلال وممرات الجدي والعديد من المناطق الجبلية بمركزي الحسنة ونخل ، حيث تم نشر العديد من الكمائن الأمنية بمناطق متفرقة بشمال سيناء لإحكام السيطرة على مختلف المنافذ والممرات . وتشارك في الحملة عناصر أمنية وخبراء من أجهزة البحث الجنائي تم استدعاؤهم من مختلف محافظات مصر ، مدعومين بأكثر من 20 دبابة ومدرعة و20 مجموعة قتالية من القوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب للمشاركة في المواجهات المحتملة خلال الساعات القليلة القادمة. وأفاد شهود عيان بأن عشرات من سيارات الشرطة والمدرعات تحركت مساء أمس الاثنين تجاه المناطق الجبلية التي قامت بتحديدها أجهزة الأمن ، لتمشيط المنطقة والقيام بعملية دهم وتفتيش للعديد من الكهوف والوديان التي أفادت المعلومات الأمنية بأن العناصر المسلحة تتحصن داخلها . وتؤكد الشواهد أن الساعات القليلة القادمة سوف تشهد مواجهات عنيفة ، حيث أفادت مصادر أمنية بأن أجهزة الأمن نجحت في التوصل إلى معلومات دقيقة حول الأشخاص المتورطين في التفجيرات الأخيرة وأماكن اختبائهم ، كما أنه تم تزويد القوات المهاجمة بالأسلحة والمعدات اللازمة تحسبا لهذه المواجهات. وفي سياق متصل ، قامت أجهزة الأمن في شمال سيناء بتوسيع دائرة الاشتباه وإلقاء القبض على مئات المشتبه في علاقتهم بالتفجيرات الأخيرة ، خاصة في مدينة العريش والأحياء الواقعة على أطرافها ومدينتي الشيخ زويد ورفح ، وقد قدرت مصادر أمنية عدد المعتقلين بأكثر من 500 شخص . وقال شهود عيان ل " المصريون " أن أكثر من ألفين من رجال الأمن شنوا حملة دهم وتفتيش من بيت إلى بيت بمدينة العريش ، وقامت قوات الأمن بتفتيش عدد من المنازل بمنطقة ضاحية السلام وكرم أبو نجيلة وحي الصفا بمدينة العريش بحثاً عن أي مشتبه بهم ، حيث تم اعتقال العشرات من الشباب الذين تصادف وجودهم في المنطقة . كما وقع تبادل بسيط لإطلاق النار بين اثنين من البدو يستقلان سيارتين نقل وبين أحد الأكمنة بمنطقة المساعيد بالعريش ، حيث رفضا التوقف وحاولا الفرار من الشرطة التي قامت بمطارتهما ، وتمكنت من القبض على أحدهما بينما لاذ الآخر بالفرار. وأفاد الشهود بأن عملية التفتيش الموسعة استهدفت بشكل خاص الفلسطينيين المقيمين بالعريش ، كما تم فرض حظر سير على الطريق الدولي بعد الساعة الثانية عشر ليلا ، إضافة إلى فرض رقابة مشددة على مقاهي الإنترنت . وتأتي هذه العمليات ضد سكان شمال ووسط سيناء وسط حالة من الغضب والاستياء الشعبي حيال سياسة الدهم والتفتيش والاعتقال التي تنفذها قوات الأمن ضد سكان المنطقة منذ تفجيرات طابا ، والتي شملت الآلاف من المواطنين ، خاصة ذوي الأصول الفلسطينية ، الذين يتهمون سلطات الأمن باتخاذ إجراءات قمعية ضدهم . وفي السياق ذاته ، علمت المصريون أن الإجراءات الأمنية المشددة وحملات الاعتقال والدهم التي تشنها أجهزة الأمن في سيناء أثارت حالة من الغضب والاستياء العارم بين أعضاء الحزب الوطني في المحافظة وأن بعضهم هدد بالاستقالة من الحزب ، خاصة وأن حملة الاعتقالات تأتي قبل أشهر قليلة من الانتخابات البرلمانية المقبلة ، وهو ما يضعف فرص مرشحي الحزب في الانتخابات ، فضلا عن أن حملة الاعتقالات قد طالت عددا من أقارب وعشائر أعضاء الحزب ، مما عرضهم لضغوط وانتقادات عائلية وقبلية . وأوضحت المصادر أن من بين المعتقلين بعض الشباب الذين تم اختيارهم للعمل كمندوبين عن مرشح الحزب الوطني الرئيس مبارك في انتخابات الرئاسة مما أحدث حالة من الارتباك الشديد في صفوف القيادات الحزبية في محاولة لتدبير عناصر جديدة غير التي تم اعتقالها. وأكد سعيد العيسوي أمين التدريب والتثقيف السياسي بالحزب الوطني بشمال سيناء ل " المصريون " بأن هذه الحملة الشرسة الغير منطقية جاءت في غير وقتها مع اقتراب الانتخابات الرئاسية مشيراً إلى أنه من حق المواطن أن يعيش آمنا في أرضه وبيته وبالتالي فمن غير المقبول أخذ الحابل بالنابل وخاصة إننا في مرحلة لا تحتمل هذه الممارسات فمن غير المنطقي أن يضع الحزب مندوبين عن الرئيس مبارك في اللجان الانتخابية تم اختيارهم بمنتهى العناية والدقة ثم يتم اعتقالهم بدون وجه حق فكيف نعمل في ظل هذا المناخ؟ . وأشار العيسوي إلى الطريقة الفظة والغير لائقة التي يتعامل بها الأمن مع أهالي سيناء من إلقاء الضباط لألفاظ نابية عند فحص وتفتيش المواطنين ، مؤكدا أن تلك الممارسات ليست ممارسات فردية بل عامة مما يعطي للمواطن إيحاء بأنها توجيه عام من قيادات الأمن . من جانبه ، ربط الدكتور لواء نبيل فؤاد الخبير الاستراتيجي وأستاذ العلوم العسكرية بأكاديمية ناصر العسكرية بين هذه الحملة الأمنية الموسعة وبين الهجوم الذي تعرض له ميناءي العقبة الأردني وإيلات الإسرائيلي الأسبوع الماضي ، مشيرا إلى أن القاعدة أتبعت أسلوبا جديدا في تنفيذ العمليات وهو إطلاق الصواريخ من على بعد قد يصل إلى 10 و15 كيلومتر بدلا من استخدام السيارات المفخخة مما يفرض على أجهزة الأمن المصرية إعادة النظر في خططها الأمنية . ولفت فؤاد إلى وجود احتمال بأن تكون هذه الصواريخ قد تم تسريبها من مصر نظرا لاشتراك 4 دول على خليج العقبة هي مصر والأردن وإسرائيل والسعودية خصوصا وأن السلطات الأردنية لم تتوصل حتى الآن إلى أدلة قاطعة حول منفذي التفجيرات. وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن ذلك يعني أن القاعدة اقتربت من مصر رغم عدم وجود قواعد لها داخلها ، مما يجعل أجهزة الأمن المصرية على أعلى درجات الحذر لتعقبها ومنعها أي عمليات إرهابية مستقبلا. لكن اللواء عثمان كامل الخبير الاستراتيجي رفض الربط بين هذه العمليات والهجوم على إيلات والعقبة ، وأرجع ضخامة القوات المشاركة في هذه العملية إلى أن أجهزة الأمن ترغب في إجراء عملية تطهير لمدينة شرم الشيخ من العناصر المسلحة بشكل سريع وحاسم.