كشفت مصادر مطلعة ل " المصريون " أن القرار الذي صدر أمس الأول لقوات الأمن بوقف الهجوم على منطقة جبل الحلال بوسط سيناء ، الذي يشارك فيه أكثر من 3500 ضابطا وجنديا مدعومين بنحو 30 دبابة ومدرعة ، لا يرجع فقط إلى الخسائر الجسيمة التي منيت بها تلك القوات ، ولكن أيضا إلى أن جهات سيادية عليا تخشى من الدخول في معارك طويلة من الممكن أن تستمر حتى انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها في السابع من سبتمبر ، وهو ما قد يسيء إلى صورة الرئيس مبارك وحملته الانتخابية . ولفتت المصادر إلى أن وزارة الداخلية ، التي دفعت بقوات من مختلف محافظات مصر للمشاركة في الحملة ، باتت في مأزق بسبب احتياجها لجهود هذه القوات في تأمين الانتخابات الرئاسية ، خاصة وأن الانتخابات تجري هذه المرة بين عشرة مرشحين متنافسين وتحظي بمتابعة دولية مكثفة ، فضلا عن أنها تجري في يوم واحد ، على العكس من انتخابات مجلس الشعب التي تجري على ثلاثة مراحل . وكانت تعليمات قد صدرت أمس الأول بوقف المطاردات وسحب جميع المدنيين المشاركين في الحملة لحين ترتيب أوضاع قوات الشرطة وإزالة الألغام الموجودة بالمنطقة ، حيث وصلت عناصر تعمل في مجال إزالة الألغام إلي المنطقة وبدأت عملها في تنظيف المنطقة من الألغام التي زرعها المسلحون في المنطقة لإعاقة تقدم قوات الأمن نحو قمة الجبل . وأوضحت المصادر أن حالة التخبط التي غلبت على الخطوات التي اتخذتها الدولة في الفترة الأخيرة لمعالجة الأوضاع المتدهورة في سيناء ، دفعت مؤسسة سيادية للتحذير من العواقب الوخيمة للسياسات الخاطئة التي تتبعها وزارة الداخلية في سيناء ، محذرة من أن هذه السياسات باتت الآن تهدد الأمن القومي لمصر . من ناحية أخرى ، علمت "المصريون" أن جهات سيادية استدعت على عجل كل من اللواء مصطفى عفيفي محافظ جنوبسيناء واللواء أحمد عبد الحليم محافظ شمال سيناء لإبلاغهما استياء القيادة السياسية من توتر الأوضاع في المحافظتين ، كما تم تهديدهما بإلاقالة إذا فشلا في إيجاد حلول سياسية واجتماعية لمشاكل المحافظتين . وأوضحت مصادر مطلعة أن القيادة السياسية أبدت استياءها الشديد من أداء عفيفي وعبد الحليم ، باعتبار أن سياستهما الخاطئة تقف وراء حالة الاحتقان السياسي والأمني التي تعاني منها شبة جزيرة سيناء ، مشيرة إلى أن توجيهات صدرت للمحافظين بضرورة فتح حوار مع كبار شيوخ القبائل لتهدئة الأوضاع الأمنية عبر حزمة من الحلول لمشاكل المنطقة خصوصا الاقتصادية والاجتماعية مع أمكانية تقديم تنازلات ولكن ليس إلى الحد الذي يهز هيبة الدولة. وشددت التوجيهات على ضرورة عدم قصر معالجة مشاكل سيناء على الحل الأمني الذي سبب في تدهور الأوضاع بسبب إمكانية أن يؤثر هذا على أوضاع النظام داخليا وخارجيا ، إضافة إلى احتمالات أن تستغل جهات دولية معادية لمصر هذه الأحداث لخلق حالة من التوتر تهدد بخلق حالة انفصام بين الدولة وبين مواطني شبة جزيرة سيناء. من جانبه ، علق اللواء وجيه عفيفي سلامة الخبير الاستراتيجي على التوترات الأمنية في سيناء بالتأكيد على خطأ الاعتماد على الحل الأمني منفردا ، حيث يمكن لهذا الأمر أن يتسبب في تزايد حدة الصراع بين الدولة ومواطنيها في شمال سيناء . ولم يستبعد عفيفي أن تلجأ الدولة إلى تقديم تنازلات لمواطني سيناء إن كانت في الحدود المعقولة بحيث تنهي الاحتقان الأمني ولا تهز سيطرة الدولة المركزية مع الأوضاع هناك. في سياق متصل ، أكدت مصادر أمنية صعوبة اقتحام جبل الحلال دفعة واحدة حيث إن الطريق إلي قمته يتسم بالوعورة الشديدة إضافة إلي ضيق المدقات المؤدية إليه وتعدد الكهوف والمغارات داخله. وأوضحت أن المطاردين يستخدمون شاحنات صغيرة في الهروب والتنقل في الجبال الوعرة ، كما أن بعض أفراد القبائل البدوية في المنطقة يتابعون تحركات قوات الشرطة عن بعد لإبلاغ المطاردين عنها . وتفيد المعلومات التي لدي أجهزة الأمن بان المحاصرين في منطقة جبل الحلال هم مجموعة إجرامية يقودها سالم خضر الشنوب (30 سنة) وهو متهم في قضايا سرقة بالإكراه علي الطريق الدولي وتهريب المخدرات وصدرت ضده مجموعة من الأحكام الغيابية. وأضافت المصادر أن الشنوب يأوي مجموعة من العناصر المسلحة التي نفذت تفجيرات شبه جزيرة سيناء وقد ورد اسمه في معلومات أدلي بها بعض المتهمين بأنه ممول التفجيرات الأخيرة . ونجح الشنوب وهو من قبيلة الترابين البدوية فرع الشنوب في شهر يونيو الماضي من الهروب من قوات الشرطة التي تمكنت خلال اشتباكات عنيفة من قتل ابن عمه سرحان الشنوب وعثر بجواره علي سبع قنابل يدوية صناعة إسرائيلية إضافة إلي مدفعي رشاش ومخازن طلقات كما تم اعتقال أحد أقاربه ويدعى خضر سرحان الشنوب وبحوزته بندقية آلية وشاحنة صغيرة بيضاء اللون لا تحمل لوحات معدنية ، وقد قتل في هذه الاشتباكات شرطي وأصيب ثلاثة آخرون.