يرى البرادعى أن المصريين من ضمن أجلاف العرب، وأن دخوله التاريخى إلى إسطبل عنتر ومصافحته التاريخية للجالسين على المصطبة فيه كانا كافيين بدون انتخابات لتعيينه رئيسًا على مصر بعد أن يقبل المصريون يديه المتوضئتين اللتين احتضنتا أنجيلينا جولى وكثيرًا من ضباط المخابرات الغربية، ويرى البرادعى أنه "حضرة مفتش مباحث الذرة الدولى" جاء إلينا ليعلمنا من بعد جهل أصول السياسة والإتيكيت، وأنه فى سبيل الوصول بنا إلى مرحلة "البنى آدميين" فليس عليه فى الأميين سبيل، ونسى المفتش أن الشعب المصرى دعا إلى ثورته من خلال الإنترنت خلال صفحة "كلنا خالد سعيد" الذى أسسها وحدد يوم الخروج من خلالها الناشط عبد الرحمن منصور وربما نسى أيضًا أن مشكلة كبيرة فى مصر هى نتيجة فائض المؤهلات العليا الكبير.. المهم أن البرادعى يرى أنه "بج بوس" كبير وأن الرئيس الدكتور مرسى ليس لديه ما للبرادعى من علم وفن وهندسة، ولم يشفع للدكتور مرسى براعته الفائقة خلال الثلاثة أشهر الأولى من حكمه التى استطاع خلالها التخلص من الحكم العسكرى لمصر كما أنه ألحق بإسرائيل أول هزيمة معنوية نفذت إلى هيكل الوزارة الإسرائيلية فحطمته وأطاحت بوزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك إلى غير رجعة، فكل تلك النجاحات فى المجال الدولى الذى يفاخرنا البرادعى بتألقه فيه دائمًا لم تشفع للدكتور مرسى لديه، ولم يجد المفتش الأنيق سوى خلع سرواله السياسى عندما صرح بأن إنكار الهولوكوست هو سبب انسحابه من التأسيسية بما يستعدى القوى الغربية ضد النظام السياسى المصرى ويهدد الديمقراطية الوليدة، ولعلى لا أضيف جديدًا عندما أقول إنه بالإضافة إلى عوامل أخرى ليس أهمها اتصالات المفتش بجهات خارجية يبقى الكبر وإنكار المواطنة على الرئيس الدكتور محمد مرسى فى أحقيته فى التمتع بحقوق الترشح للرئاسة والتصدى لمسئولياته الشعبية عندما يقع الاختيار عليه، لسان حال البرادعى ينطق "أنى يكون له الملك علينا وأنا أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال". أما حمدين صباحى فيذكرنى بمجدى طلبة فى مباراة مصر وهولندا عام 1990 فى كأس العالم عندما أهدر فرصة إحراز هدف التعادل بينما كان المرمى خالياً أمامه، وظل مجدى طلبة يردد وظلت الصحف تردد معه قصة الفرصة الضائعة أكثر من عشر سنوات "يااااااه لو كنت نزلت دماغك شوية لتحت"، فالواقع أن حمدين ظل يوازن بين تفريطه فى الترشح للبرلمان وبين الشطحة التى تمثلها بالنسبة له انتخابات الرئاسة، غير أن الاستقطاب الإعلامى الذى قاده توفيق عكاشة وقنوات الفلول إبان انتخابات الرئاسة خلق حالة لدى جزء كبير من الطبقة المتوسطة من رفض الإخوان وكانت لديهم تجربة أدت إلى رفض شفيق فوجدوا ضالتهم فى حمدين، وعليه كان ترتيبه الثالث بفارق بسيط عن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، ورغم أن تلك الحالة لن تتكرر أبدًا فى أى انتخابات رئاسية قادمة لأن المجلس العسكرى كان هو الداعم الأكبر لها إلا أن حمدين منذ لحظة اعلان النتيجة وعلمه بأعداد الأصوات ما انفك مفترضًا انسحاب عمرو موسى وتركيز أصوات المسيحيين عليه ولو أن ذلك حدث لكان طرفًا فى الإعادة، ولو أن شفيق لم يترشح لكان طرفًا فى الإعادة.. وهكذا يعيش نائب البرلمان بالصدفة حالة من أحلام مجدى طلبة بعد انتهاء مباراة مصر وهولندا رغم أن المباراة لو أعيدت ألف مرة لما تكررت الفرصة، كما الانتخابات لو أعيدت عشرين ألف مرة لن يكون حمدين طرف إعادة أبدًا وهو درس تاريخى مجرب فى كل الدول الديمقراطية، وهو ما نلاحظة فى ترشيحات الأحزاب الأمريكية كوادرها لانتخابات الرئاسة فلا ترشح مهزوم مرة أخرى أبدًا... غير أن حمدين يعيش وهم "لو كان ... لكنت.." وهو ما أثار سخرية وفد رجال الأعمال الأمريكيين الذين فوجئوا به يحدثهم عن انتخابات الرئاسة بعد نجاح الرئيس بعدة أسابيع... ويتفق حمدين فى سعيه الموثوق فى فشله لإسقاط الرئيس مع البرادعى فى توجيه سؤال الكبرياء "أنى يكون له الملك علينا..؟" أما عمرو موسى فيرى أنه خليفة شفيق ووارث عرش الفلول وأن المليونى صوت التى حصل عليها ستضاف إلى خمسة ملايين كانت لشفيق فضلاً عن قدرته على سحق حمدين فى مناظرة يحرج جهله فيها بالسياسة الخارجية أو بمعرفة اللغات الأجنبية فهو بالتأكيد الرئيس القادم وهاهى الفرصة تقوده لصدفة أخرى أكبر من صدفتين قادتاه مرة إلى حقيبة الخارجية ومرة إلى جامعة الدول العربية أما مرسى فأنى يكون له الملك عليه؟ وحول تلك الشخوص ترقص شخوص أصغر ترى نفسها فى الصفوف الثانية بما يمثل قدرًا مقبولاً من الحواريين حول الشخوص الرئيسية من أمثال أبو شعر منكوش وأبو حمالات وأبو الأراضى فى السودان. وكما أن معركة على مقعد الرئاسة تستعر فى أعلى المشهد نرى معارك جانبية تخدم المعركة الكبرى فى الكواليس، فالقضاء يحارب معركة "الزحف المقدس" كما سماها الزند فى معرض دفاعه عن اقتراح بتقنين التزام الدولة بتعيين أبناء القضاة فى النيابة، أما المحكمة الدستورية فقد بدت كما لو أنها تدافع عن امتيازاتها المالية التى تهددها الثورة، ولأول مرة يضرب القضاة عن العمل ويعلقون الجلسات لإرغام الرئيس على إلغاء الإعلان الدستورى وهو ما جعل من مسألة تطهير القضاء أولوية على كل مطالب الثورة مع اكتشاف كثير من العورات والسوءات فى المرفق المقدس، وبدلاً من أن يحتمى القضاة بالقانون انضموا إلى حملة البرادعى وحمدين وموسى فى المحاولة اليائسة لإسقاط الرئيس كما بدا لسان حالهم يردد "أنى يكون له الملك علينا؟" [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]