استمعت إلى حلقة على قناةcbc مساء الثلاثاء 6/11، للتعليق على الانتخابات الأمريكية, وحل ضيفًا على عماد الدين أديب كل من عمرو حمزاوى، ومعتز عبد الفتاح، وهالة مصطفى، ومايكل منير, وأجمع الحضور على أن السياسة الأمريكية تُدار بالمؤسسات لا بالفرد, وأن الرئيس قد لا يستطيع فى كثير من الأحيان تغيير دفة السياسة الأمريكية بشكل عام والخارجية بشكل خاص إلا فى بعض الأحداث الكبرى كالأزمات والحروب, لكن يبقى لكل رئيس أمريكى سمات خاصة وأهداف يسعى إليها ضمن المنظومة العامة, فهذا يسعى لرفاهية المواطن الأمريكى فيدعم الشركات الكبرى, والآخر يسعى لرفاهية المواطن الأمريكى فيدعم المواطن البسيط.. وهذا يسعى لضمان أمن إسرائيل فيدفعها للسلام مع جيرانها (حماية لها), وذلك يسعى لضمان أمن إسرائيل فيزيد من دعمها العسكرى والتسليح (حماية لها أيضًا) وهكذا.. فى ظل هذا الهامش البسيط قد تتحقق بعض المصالح العربية.. بدا أوباما الرجل المثقف، والذى ينحدر من أصول إسلامية، أكثر تسامحًا مع الإسلام من سلفه جورج بوش (الابن)، الذى كان يتحدث عن الحروب الصليبية ومن ليس معنا فهو ضدنا, والذى تخضبت يده بدماء المسلمين فى العراق وأفغانستان (بشكل مباشر)، وفى غيرهما (بشكل غير مباشر), لقد بدت إدارة بوش ضاغطة على الأنظمة المستبدة فى منطقتنا لقناعتها أن الاستبداد هو المُفرخ الأكبر للتطرف الذى أسقط البرجين (11/9). وقد امتنع بوش عن لقاء مبارك عدة سنوات, واستنجد مبارك بصديقه شارون وزعماء خليجيين للتوسط بينه وبين إدارة بوش, وفى نفس السياق بشرت "كونداليزا رايس" بشرق أوسط جديد تعمه الديمقراطية, وحاضرت فى الجامعة الأمريكية مُبشرة بها, وبلغت درجة حماس الإدارة الأمريكية للخيار الديمقراطى فى منطقتنا أن صرحوا فى أكثر من مناسبة بأنهم لا يمانعون فى وصول التيارات الإسلامية إلى الحكم إن أتت بهم شعوبهم بديمقراطية ونزاهة, وبعد فوز حماس فى فلسطين, ومع الضغط الصهيونى على الإدارة الأمريكية كى تخفف الضغط على كنوز إسرائيل الاستراتيجية فى المنطقة قل الحماس الأمريكى حول هذا الملف دون تجاهله فى أروقة المؤسسات الأمريكية, وحينما جاء أوباما للحكم أعادت المؤسسات الأمريكية طرح الملف من جديد على الرئيس الجديد, وحينما تفاجأت أمريكا بالثورة المصرية ارتبكت وترددت, فقد أعلنت "كلينتون" أن النظام المصرى مستقر ومتماسك, ثم بدأت أمريكا رويدًا رويدًا تنحاز إلى خيار الشعب المصرى ونزعت الشرعية عن نظام مبارك, وعبثًا حاولت إسرائيل وأنظمة خليجية ومنظمات قبطية فى المهجر أن تقنع الإدارة الأمريكية بعدم التخلى عن مبارك لكن هذه الجهود لم تفلح جميعًا؛ لإدراك الإدارة الأمريكية أن إرادة الشعوب أقوى من الأنظمة المستبدة التى كانت تدعمها.. هذا الموقف لم تغفره إسرائيل وأقباط المهجر وبعض الأنظمة الخليجية لأوباما, وبدا أن أوباما الذى أبهر المسلمين بخطابه المتسامح فى اسطانبول ثم فى جامعة القاهرة أكثر تفهمًا لمتطلبات الديمقراطية فى المنطقة احترامًا للشعوب, وبدت بعض الاتهامات لأوباما أنه لا يزال على الإسلام وأنه يخفى إسلامه مما جعل الرجل يخرج فى أكثر من مناسبة ليعلن تمسكه بمسيحيته!! فى الحلقة التى أشرت إليها فى أول المقال, ذكر حمزاوى وعبد الفتاح وهالة مصطفى أن أوباما هو الأفضل لنا كعرب, باعتبار أن "رومنى" يمينى متشدد, يميل أكثر للصهاينة كما أنه صرح ب "لو أنه كان فى الحكم ما دعم ثورات الربيع العربى".. بينما بدا مايكل منير فى غاية الإعجاب برومنى ومفضلاً إياه على أوباما!! إن الانتماء الدينى لبعض المصريين وكذلك الحزبى لا يجعلنا نعمل (أو نأمل) فى إعاقة مسار الرئيس مرسى وحكومته, ولمن يحبون أو يعجبون بأمثلة غربية أسوق لهم مشاهد متوازية لرحلات يدعم بها "كارتر" (الرئيس السابق الديمقراطى)، حكومته فى جولاته بالمنطقة كما نرى أيضًا "جون ماكين"(المرشح الجمهورى السابق) يفعل ذلك دون النظر إلى أن ذلك يُصب فى صالح الإدارة الديمقراطية لأوباما.. إننا فى أمتنا العربية والإسلامية (كشعوب) لا ينبغى لنا أن نراهن على ساسة أمريكا والغرب, بل علينا أن ندفع حكامنا وأنظمتنا دفعًا نحو استقلال حقيقى للأوطان يمنحها العزة والكرامة والإرادة فلا تتسول طعامها أو سلاحها, ولا تمتد يدها إلى قروض أو معونات, ومن ثم لا تخضع لأى شروط أو ابتزاز أو إملاءات, وهذا لن يتحقق إلا إذا صار (الاستقلال) هدفًا كبيرًا يجمعنا جميعًا، ونتساند من أجله مرتفعًا فوق الانتماءات الدينية والحزبية.. [email protected]