استعرض عمرو عبدالعاطي الباحث المختص بالشئون الأمريكية والمحرر المساعد بمجلة "السياسة الدولية" ملامح السياسة الخارجية لكل من المرشحين للرئاسة الأمريكية باراك أوباما وميت رومنى، وذلك في الندوة التي استضافها بيت السناري أمس تحت عنوان "نظرة على الانتخابات الرئاسية الأمريكية". ولفت عبدالعاطي إلى ان أوباما منذ دخوله البيت الأبيض في يناير 2009 تبنى استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية، تقوم على تقليل الانتشار العسكري فسحب القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق، حيث ركز أوباما على العمل الدبلوماسي، والتحاور مع اعداء الولاياتالمتحدةالأمريكية كما قال، والجلوس معم على طاولة واحدة، فتواصل مع إيران، وفتح السفارة الأمريكية في دمشق.
في حين أن البرنامج الانتخابي لرومني يسعى على صعيد السياسة الخارجية إلى "العسكرة"، حيث يركز على زيادة الإنفاق العسكري على الجيش الأمريكي، باعتباره مصدر قوة أمريكا، فقد تحدث رومني عن ضرورة عودة القرن الأمريكي وسيطرة أمريكا على العالم.
استعرض الباحث الانتقادات التي وجهها رومني إلى أوباما، وكان أبرزها وصفه لأوباما أنه أهان القوة الأمريكية حين لم يستخدمها في الأزمة الليبية، وترك الفرصة لفرنسا وبريطانيا للذهاب إلى ليبيا دون أمريكا، كذلك انتقده لأن لم يقف مع حلفاء امريكا مثل مبارك الذي تركه يرحل، وسمح لجماعة الإخوان المسلمين للوصول إلى حكم مصر ولم يقف أمام بزوغ نجمهم، بل وترك محمد مرسي يذهب إلى مؤتمر عدم الانحياز رغم قدرته على منع المؤتمر من الانعقاد.
كذلك انتقد رومني أداء أوباما في تعامله مع الأزمة الإيرانية وعدم استغلاله ل"الاحتجاجات الخضراء" التي ظهرت في الشارع الإيراني، بل وقف أوباما مع النظام الإيراني بصمته، كذلك عاب على أوباما انفتاحه على العالم الإسلامي وتواصله معه، ولسحبه القوات الأمريكية من العراق وعدم ترك قواعد أمريكية كافية هناك توازي حجم الخسائر التي تعرضت لها أمريكا في العراق.
تحدث كذلك عمرو عبدالعاطي عن تأثير اللوبي اليهودي في أمريكا على ترجيح كفة مرشح دون آخر، الأمر الذي يفسر لماذا لا تحل امريكا قضية الصراع العربي – الإسرائيلي، ففي ظل تراجع اللوبي العربي، يؤثر اللوبي الإسرائيلي بشكل كبير على نتائج الانتخابات في أمريكا عن طريق التمويل، فالنظام الأمريكي يسمح بتمويل الأفراد للمرشحين، وكذلك لقدرتهم التصويتية العالية، وقدرتهم التأثيرية على أعضاء الكونجرس الأمريكي، بالإضافة إلى أن عدد كبير من المسئولين الإسرائيلين عملوا في مراكز أبحاث تقدم خدمات للإدارة الأمريكية ومن خلالها هم الأقرب لعرض وجهة نظرهم على الرئيس الأمريكي.
وعرض الباحث للزيارة التي قام بها رومني إلى إسرائيل، لخطب ود اللوبي اليهودي لكن أوباما قلل من مكاسب زيارة خصمه، حين وافق في نفس يوم زيارة رومني لإسرائيل على اتفاقية لزيادة التعاون العسكري بين أمريكا وإسرائيل، وبيعهم طائرات تمكنهم من شن الحرب على إيران.
ورغم تفاؤل العرب بأوباما، في حل الصراع العربي الإسرائيلي، إلا أن القيادات الإسرائيلية وصفت فترة أوباما في الحكم بأنها أكبر فترة تعاون مع إسرائيل، فحين توجهت فلسطين لتأخذ عضوية داخل الأممالمتحدة، استخدمت أمريكا حقها في الفيتو في مجلس الأمن على العضوية، وحين أعلنت اليونسكو فلسطين عضواً بها، أوقفت أمريكا دعهما المالي لليونسكو.
وأكد الباحث أن صول أياّ من المرشحين إلى البيت الأبيض لن يغير كثيراً في تعاملهما مع قضية فلسطين، فدعم إسرائيل سيتواصل، لكن تاريخ أمريكا يقول أن الرئيس في فترة ولايته الثانية يكون أكثر ميلاً لاتخاذ خطوات في دفع عملية السلام، لذلك فالتجديد لأوباما قد يكون في صالح القضية.
أما فيما يتعلق بإيران، انتقد رومني تعامل أوباما مع الأزمة، وحذّّر الناخبين قائلاً إذا استمر اوباما ستصنع إيران القنبلة النووية، ولفت الباحث إلى أن وصول رومني إلى الحكم سيساعده على استخدام الخيار العسكري مع إيران، في ين أن أوباما لن يفعل إلا إذا تأكد امتلاك إيران القنبلة النووية.
وعن سوريا قال الباحث أن أوباما رفض تسليح المعارضة السورية، ولم يفرض على سوريا منطقة حظر طيران مثلما فعلت أمريكا مع ليبيا، لكن انتهج الحلول الدبلوماسية وأرسل مبعوثين إلى هناك، لكن ميت رومني سيمد المعارضة السورية بالسلاح، لإسقاط النظام السوري.
وتابع عبدالعاطي قائلاً أن المرشحين اتفقا على استخدام طائرات دون طيار في المناطق المعادية لأمريكا.
وحول تعامل الإدارة الأمريكية مع وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى حكم مصر، قال الباحث أن أوباما تعامل معهم كجماعة وصلت إلى السلطة عن طريق صندوق الانتخابات، إلا أن رمني انتقد عبر شريط مصور مساعدة اوباما لوصول الإخوان إلى الحكم، واصفاً الجماعة بانها غير ديمقراطية ولها صلة بالجماعات الإرهابية مثل حماس وغيرها.
وفي ختام كلمته أكد الباحث ان وصول أيّاً من المرشحين إلى الفوز بالرئاسة لن يغير كثيراً في توجهات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، فهناك ثبات في هذه السياسة الهدف منه هو الحفاظ على مصالح امريكا في الشرق الأوسط، وان يصل إليها النفط من الخليج بأسعار مقبولة، وضمان عدم وجود أسلحة دمار شامل في المنطقة حتى لا يتهدد وجود إسرائيل، لافتاً إلى أن إذا ضيقت الإدارة المصرية في الدستور على حريات المرأة والحريات بشكل عام، وحقوق الإنسان سيثير هذا جدلاً بين امريكا ومصر.