عاشقًا – لم أزل- يكره السياسة, ويحب حديث الروح. صغيرًا لا يصبر على مقال تحليلي تنظيري, ولا يشبع من كلام الخالدين. حزينًا لأن القراء يعلقون ويقبلون على مقالات الجدل اليومي, وخبز الليل الفضائي الذي هو لحومنا, ويغفلون مقالات لا تتعدى كلمات, تتغزل في كلام جميل, ومرت ذكرى وفاة صاحب الكلام الجميل, ولم ننتبه, مرت ذكرى مولانا أحمد بك شوقي, وشوقي طويلٌ, لذهب مجدول في أبيات شعر. لماذا أهتم بشوقي؟ ولماذا أدعوكم لتعليم أولادكم شوقي؟ لأن هذا شرف, لأن هذا عِرض لا يحفظه إلا غيور. وشوقي غيور حينما قال لرئيس الولاياتالمتحدة في أسوان وأنا المحتفي بتاريخ مصر من يصن مجد قومه صان عرضًا. قارئ الشعر يعرف أن له محطات.. ميادين.. منابر.. من أول امرؤ القيس ثم جرير و الفرزدق.. إلى أبي تمام وابتسامات على باب أبي نواس.. حتى الدهشة عند مقام المتنبي.. ثم قل ما شئت حينما تصل مطلع طريق شوقي. جاء شوقي والشعر أبيات متناثرة توشك أن تنقض, على الرغم من محاولات البارودي لإقامة القواعد.. فرفع شوقي البناء وأعلاه وعلا به. أول ما يأتي اسم شوقي, يردد لساني على الفور أبياته في خير البرية صلى الله عليه وسلم: يا لائمي في هواه والهوى قدرٌ لو شفك الوجدُ لم تعذل ولم تلُمِ أول ما أتخيل قامة محمد صلى الله عليه وسلم أترحم على شوقي رسول الله قد جاوزت قدري بمدحك بيد أن لي انتسابا مدحت المالكين فزدت قدرا وحين مدحتك اجتزت السحابا أول ما تمسني الذكريات أهتز مع: يا جارة الوادي طربت وعادني ما يشبه الأحلام من ذكراكِ أول ما تضج إذاعة القرآن الكريم بالتلبية أبكي لرقة شوقي: إلى عرفات الله يا خير زائر عليك سلام الله في عرفاتِ أول ما ألمح وجهًا قبيحًا يزعم الوطنية وعينه على الشهرة., يعلو صوتي: أجئت تطلب نارا أم جئت تشعل البيت نارا أول ما أفكر في الكتابة عن سورية يكفكف شوقي دموعي: سلام من صبا بردى أرقُ و دمع لا يكفكف يا دمشقُ أول بكائي للتاريخ وتوهاني بالواقع صرخة شوقي: عادت أغاني العرس رجع نواحِ ونُعيت بين معالم الأفراح ِ فاجعلوها مباراة من شعر شوقي. [email protected]