يوم تخشع الأصوات للرحمن ولا نسمع إلا همسًا, يومئذ سنعرف وستعرف الدنيا التى صارت فانية, وسيعرف كل الخلق, مقام سيدى. يقول سيدى وأصدقه, وكيف لا أصدقه وهو لا ينطق عن الهوى, ولا يقول إلا بوحى يوحى, والوحى ذِكرٌ, والذكر كتاب وحكمة, والكتاب عرفناه والحكمة تجدونها فى الصحاح, يقول صلى الله عليه وسلم: "أنا سيد ولد آدم" يا الله.. سيد ولد آدم, يعنى لا أرفع قدرًا ولا أرقى منزلة ولا أجمل منظرًا, ولا أروع جوهرًا من سيدى. نخطئ كثيرًا حينما نتغافل عن مقام سيدى, حينما نعتقد أن لكلام البشر إلى جوار حلاوة كلامه مكانًا أو مكانة, فقد تُهنا سنين وأنا من التائهين, تهنا بين كلام لا وزن له, وأصبحنا نتشدق فى مجالسنا, ونتفاصح فى كتابتنا بأننا مثقفون, وحينما دقت ساعة الإساءة عُدنا.. وجميلٌ جدًا أن عدنا, فالعود أحمد, ونبى الرحمة أحمد قد وجدنا عنده كل شىء, كل شىء بلا مبالغة ولا تفلسف فارغ, وعرفنا أن الله حق وأن من فات أصله وثروته تاه, فما أحلى الرجوع إليه, وما ندمنا يا سيدى يا رسول الله على ما عرفنا وقرأنا فقد عرفنا كيف تكون الجاهلية وكيف هى أخلاق الجاهليين, فعرفنا النعمة التى بعثك ربك بها, وكما قيل: من لم يعرف الجاهلية لم يعرف الحضارة, والحضارة سبيلك, وسبيلك فطرة, والفطرة محظوظون نحن جدًا أننا ولدنا بها. سيدى يا سيدى, كل الأمور بسيطة وكل المصائب هينة, وكل ما قد يأتى يمر ويفوت إلا مصيبتنا الأولى بوفاتك, ثم مصيبة بعضنا الثانية والمتكررة بهجران كلامك, فما أحلى الرجوع لكلامك. يا قوم هذا رجل غُفر له ما تقدم وما تأخر, وهذا رجل انتصر بالرعب مسيرة شهر, وهذا رجل جُمعت الدنيا فى قبضة يده فاختار الرفيق الأعلى, هذا رجل كان هرقل يرتعد من اسمه, وكان كسرى يرتعش من مبعثه, بينما هو يدعو ربه أن يحشره فى زمرة المساكين. تخيلوا, أمس حينما نظرت فى بعض كلام سيدى, عاودت عينى ابتسامتها التى غابت منذ زمن, وجدت كلامًا جديدًا, لأول مرة أقرؤه مع أنى أحفظه, فالكلام حى, وبعضنا أموات. كان الرسول مبتسمًا- بأبى هو وأمى- هكذا سولت لى تخيلات نفسى- كان مبتسمًا جميلاً كعادته وكحقيقته وهو يتلقى كلام ربه: "إنا كفيناك المستهزئين".. تخيلوا, مستنى حلاوة الابتسامة, وفهمت العلامة, فرسولنا منصور منصور, ونحن الذين بحاجة للنصر ولدفع الأذى.. نحن المشكلة, والمشكلة نحن.. عافانا الله مما ابتلانا وعليك صلاة الله وسلامه يا سيدى. [email protected]