روى الحافظ بن حجر والطبراني وابن عساكر عن خوَّات بن جبير ، رضى الله عنه ، قال: كنتُ رجلاً شاعراً في الجاهلية ، وكنت أتغزل في شعري بالنساء وأسامرهن به ، ثم مَنَّ الله ، سبحانه وتعالى ، علي بالإسلام ، ونزلنا مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في سفر من أسفاره ، فخرجت من خبائي فإذا أنا بنسوة يتحدثن فأعجبنني فرجعت واخرجت حُلَّة لى فلبستها وجئت فجلست معهنَّ ، وخرج رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من قبته فرآنى فقال: "أبا عبد الله ما يجلسك معهن ؟" فلما رأيته ، صلى الله عليه وسلم ، هبتُه واختلطتُ ، ارتبكت ، قلت : يا رسول الله بعير لي شرد أسأل عنه ، فابتسم صلى الله عليه وسلم ، وانصرفنا إلى المعسكر وبي من الهم والحياء ما لا قبل لي بوصفه ، فوالله ما رآني ، صلى الله عليه وسلم ، في سفرنا ذلك حتى رجعنا إلى المدينة إلا وسألني مبتسماً" : أبا عبد الله ما فعل شراد بعيرك ؟" حتى صرت أتحاشى أن أقابله ، صلى الله عليه وسلم ، هرباً من سؤاله ، وكنت أترقب خروجه من المسجد لأدخل إليه ، فجئت يوماً إلى المسجد وليس فيه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فكبرت للصلاة فما بدأت قراءة الفاتحة حتى دخل ، صلى الله عليه وسلم ، من إحدى حجره إلى المسجد ، فقلت في نفسي لأطيلن صلاتي حتى يخرج ويدعنى وذلك خشية سؤاله ، فصلى عليه الصلاة والسلام ركعتين خفيفتين وجلس الى جوارى ، فلما رآني أطلت الصلاة قال ، صلى الله عليه وسلم ، : "أبا عبد الله أطل ما شئت فإني جالس" ، قال : فأكملت صلاتي وأقبلت عليه بوجهي فقال ، صلى الله عليه وسلم ، مبتسماً : "أبا عبد الله ، ما فعل شراد بعيرك ؟" ، فقلت : والذي بعثك بالحق ما شرد ذلك البعير منذ أسلم ، يعني نفسه أنه لم يرتكب معصية منذ أسلم ، فقال: "رحمك الله" ثلاثاً ثم لم يعد لشيء مما كان. وأخرج أبو داود عن النعمان بن بشير ، رضي الله عنه ، قال: استأذن أبو بكر ، رضي الله عنه ، على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فسمع صوت عائشة ، رضي الله عنها ، عالياً على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فلما دخل تناولها ليلطمها وقال: ألا أراك ترفعين صوتك على رسول الله ؟ فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يحجزه ، وخرج أبو بكر مُغْضباً ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لعائشة ، رضى الله عنها ، يترضاها: "كيف رأيتني أنقذتك من الرجل ؟!" ، فمكث أبو بكر أياماً ثم استأذن على رسول ، الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدهما يتضاحكان وقد اصطلحا ، فقال : أدخلاني في سِلمكما كما أدخلتماني في حربكما ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ضاحكاً ، "قد فعلنا قد فعلنا". وروى الدارقطنى عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن الضحاك بن سفيان الكلابي ، رضى الله عنه ، كان رجلا دميما قبيحا ، فلما بايعه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال: إن عندي امرأتين أحسن من هذه الحميراء ، يعنى عائشة ، رضي الله عنها ، وكانت حاضرة قبل أن تنزل آية الحجاب ، أفلا أنزل لك يا رسول الله عن إحداهما فتتزوجها ؟ فقالت عائشة: أهي أحسن أم أنت؟! ، فقال: بل أنا أحسن منها وأكرم ! ، فضحك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من سؤالها إياه لأنه كان دميما . وعن عائشة ، رضي الله عنها ، قالت رجع إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعاً في رأسي وأنا أقول وارأساه ، قال " بل أنا وارأساه " قال " وما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك ؟!" ، قالت قلت لكأني بك والله لو فعلت ذلك قد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك ! ، قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بدئ بوجعه الذي مات فيه. وروى ابن عساكر، وأبو يعلى عن عائشة رضي الله عنها قالت : صنعت حريرة ، طعاما ، فقلت لسوده : كلي فقالت لا أحبه فقلت : لتأكلين أو لألطخن به وجهك فقالت : ما أنا بذائقته ! ، فأخذت بيدي من الصحفة شيئاً منه ولطخت به وجهها ورسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، جالس بيني وبينها ، فخفض لها ركبتيه لتستقيد مني ، فتناولت من الصحفة شيئاً ولطخت به وجهي وجعل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يضحك . وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت : قدم رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، من احدى غزواته ، وفي سهوتها ستر ، فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات ، لعب ، لعائشة فقال ، صلى الله عليه وسلم ، : "ماهذا يا عائشة ؟!" قالت : بناتي . ورأى ، صلى الله عليه وسلم ، بينهن فرسا له جناحان من رقاع فقال : "ماهذا الذي أرى وسطهن ؟" قالت : فرس .. قال ، صلى الله عليه وسلم ، : "وما هذا الذي عليه ؟" قالت : جناحان .. فقال صلى الله عليه وسلم : "فرس له جناحان ؟!" قالت : اما سمعت ان لسليمان خيلا لها اجنحة ؟ فضحك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حتى رأيت نواجذه . وروى احمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : " خرجت مع النبي ، صلى الله عليه وسلم ، في بعض أسفاره ، وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدُن ، فقال للناس" : تقدموا "، فتقدموا ، ثم قال لي" : تعالي حتى أسابقك" ، فسابقته فسبقته ، فسكت عني ، حتى إذا حملت اللحم وبدنتُ ونسيتُ خرجت معه في بعض أسفاره ، فقال للناس : "تقدموا" ، فتقدموا ، ثم قال" : تعالي حتى أسابقك" ، فسابقته فسبقني ، فجعل يضحك، صلى الله عليه وسلم ، وهو يقول : "هذه بتلك." ودخلت السيدة فاطمة ، رضى الله عنها ، عليه ، صلى الله عليه وسلم ، باكية شاكية له ما قالت لها السيدة عائشة ، رضى الله عنها ، "أخذنى أباك بكرا وأخذ أمك ثيبا !" ، فيبتسم ، صلى الله عليه وسلم ، لطبائع النساء ويقول ما معناه "قولى لها أخذته أمى بكراً وأخذتيه ثيبا !" . وروي الإمام أحمد أن صهيب بن سنان ، رضي الله عنه ، قال: قدمت على النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وفى احدى عينىَّ رمد ، وكان بين يديه خبز وتمر ، فقال ، صلى الله عليه وسلم ، "ادن فكل" ، فأخذت آكل من التمر ، فقال ، صلى الله عليه وسلم ، ضاحكاً " أتأكل تمرا وبك رمد ؟!" قال فقلت : إنما آكل بحذاء العين الصحيحة ، فضحك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، حتى نظرت إلى نواجذه. وذكروا أن أعرابيا قدم على رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فألفاه ممتقع اللون مهموما فقيل له لا تكلمه وحاله هذه ، فقال والله لا أدعه أو يضحك ... ثم جثا بين يدي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وقال: يا رسول الله بأبي انت وامي ، إن الدجال يخرج وقد هلك الناس جوعا فيأتيهم بالثريد فترى ان آكل من ثريده حتى إذا تضلعت كذبته ؟ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال "يغنيك الله بما يغني به المؤمنين حينئذ" . وعن عبدالله ابن عمر ، رضى الله عنه ، قال : حاصر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أهل الطائف فلم يفتحها فقال : "إنا قافلون غدا إن شاء الله" ، فقال المسلمون : لا نبرح او نفتحها ! فقال ، صلى الله عليه وسلم ، : "فاغدوا على القتال" ، فغدوا فقاتلوهم قتالا شديدا ، وكثر فيهم الجراحات ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنا قافلون غدا إن شاء الله" ، فسكتوا، فضحك رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، . وعن أنس ، رضي الله عنه ، أن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهراً وكان يهدي إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، هدية من البادية فيجهزه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، إذا أراد أن يخرج قائلا : "إن زاهراً باديتنا ونحن حاضروه" ، وكان ، صلى الله عليه وسلم ، يحبه وكان رجلاً دميماً ، فأتاه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يوماً وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال : من هذا ؟ أرسلني ، فالتفت فعرف النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فجعل لا يألوا ما ألصق ظهره بصدره ، صلى الله عليه وسلم ، حين عرفه فجعل النبي ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : "من يشتري هذا العبد ؟" فقال : يا رسول الله إذاً والله تجدني كاسداً ، فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، : "ولكن أنت عند الله غال". وروى ابن ماجة عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : دخل اعرابي المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ، فقال اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد معنا .. فضحك النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وقال : لقد حضرت ( منعت ) كثيرا . وعن ابي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال : اعرضوا عليه صغار ذنوبه ، قال : فتعرض عليه ويخبأ عنه كبارها فيقال : عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا وهو مُقر لاينكر وهو مشفق من الكبار فيقال : أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة ، قال : فيقول إن لي ذنوباً ماأراها ! قال أبو ذر : فضحك ، رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى بدت نواجذه . وكان ، صلى الله عليه وسلم ، يأكل تمراً مع علىِّ بن ابى طالب ، رضى الله عنه ، فغافل عليُّ النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ووضع أمامه كل النوى وقال ممازحاً : أأكلت كل هذا التمر يا رسول الله ؟ فرد عليه النبي ما معناه : و أنت يا علي أأكلت التمر بنواه ؟ صلوات الله وسلامه عليك يا سيدى يا رسول الله ، وكل عام وحضراتكم بخير. ضمير مستتر { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ }آل عمران159 علاء الدين حمدى [email protected]