اجتماع وحدات الدعم الأكاديمي بكليات ومعاهد بجامعة القناة    وقف أعمال الصيد ببحيرة ناصر يشعل أسعار السمك في أسوان    بعد حملة خليها تعفن.. انخفاض أسعار الأسماك بأسواق الإسكندرية    أستاذ تخطيط عمراني: الدولة نفذت تجمعات سكنية تفي بمتطلبات كل فئات أهالي سيناء    وزير الخارجية الصيني يؤكد لنظيره الأمريكي تمسك بلاده بمبادئ "الاحترام المتبادل" في العلاقات    استقالة متحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على سياسة واشنطن بشأن غزة    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا    واشنطن: تصريح نتنياهو عن مظاهرات الجامعات ليس تدخلا في سياستنا    رمضان صبحي: «جتتي نحست من هتافات الجماهير ضدي»    أنشيلوتي يُبعد نجم ريال مدريد عن موقعة سوسيداد استعدادًا لنزال بايرن ميونخ    الداخلية تشن حملات للتصدي لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز.. وتضبط 63 طن دقيق أبيض ومدعم    لغز كشف الجريمة.. التفاصيل الكاملة حول مقتل طفل شبرا الخيمة    ضبط 8364 كيلو دجاج و1000 كيلو أسماك و500 كيلو كبده مجهولة المصدر بالبحيرة    غدا.. مكتبة الإسكندرية تنظم ندوة حول المكون الثقافي وتأثيره في السياسات الخارجية المصرية    قافلة جامعة المنيا الخدمية تفحص 680 حالة من أهالي قرية الناصرية وتعقد عددا من الندوات التوعوية    اليونان:لا يمكننا إرسال منظومات إس-300 إس أو باتريوت إلى أوكرانيا    تكليفات رئاسية حاسمة للحكومة ورسائل قوية للمصريين    بدلا من بيعه، الشركة الصينية المالكة ل تيك توك ترضخ للضغوط الأمريكية    طلاب هندسة الجامعة الألمانية بالعاصمة الإدارية يزورون العلمين الجديدة    مايا مرسي تشيد بالمسلسل الإذاعي "يوميات صفصف" لصفاء أبو السعود    توافد أطباء الأسنان للإدلاء بأصواتهم في انتخابات النقابة الفرعية بالقليوبية    فحوصات يجب إجراؤها عقب ولادة الطفل حفاظا على صحته    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. الأهلي ضد مازيمبي    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة الجونة للاسكواش    كارثة كبيرة.. نجم الزمالك السابق يعلق على قضية خالد بو طيب    خزنوا الميه.. إعلان ب قطع المياه ل12 ساعة عن هذه المناطق    ضمان حياة كريمة تليق بالمواطن.. 7 أهداف ضمن الحوار الوطني    حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد الجيش الإسرائيلي يوم الخميس    إسرائيل تضع شرطًا للتراجع عن اجتياح رفح    تؤجج باستمرار التوترات الإقليمية.. هجوم قاس من الصين على الولايات المتحدة    خبير: أمطار غزيرة على منابع النيل فى المنطقة الإستوائية    القناة الأولى تبرز انطلاق مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة    فضل قراءة سورة الكهف ووقت تلاوتها وسر «اللاءات العشر»    حصول 4 معاهد أزهرية على الاعتماد والجودة رسمياً بالإسكندرية    رمضان صبحي: الأهلي والزمالك الأقرب دائما للفوز بلقب الدوري    منها «عدم الإفراط في الكافيين».. 3 نصائح لتقليل تأثير التوقيت الصيفي على صحتك    اكتشاف فيروس إنفلونزا الطيور في 20% من عينات الألبان في الولايات المتحدة    واعظ بالأزهر: الإسلام دعا إلى صلة الأرحام والتواصل مع الآخرين بالحسنى    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    أماكن الاحتفال بعيد شم النسيم 2024    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    أول تعليق من رمضان صبحي بعد أزمة المنشطات    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    الزمالك يزف بشرى سارة لجمهوره بشأن المبارة القادمة    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميًّا    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيرة أبى بكر الصديق رضى الله عنه
نشر في مصر الجديدة يوم 17 - 08 - 2009

اسمه: عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى القرشى التيمى .
كنيته: أبو بكر
لقبه: عتيق ، والصدِّيق .
قيل لُقّب ب " عتيق " لأنه: - كان جميلاً - لعتاقة وجهه - قديم فى الخير- وقيل : كانت أم أبى بكر لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، فقالت : اللهم إن هذا عتيقك من الموت ، فهبه لى .
وقيل غير ذلك
ولُقّب ب " الصدّيق " لأنه صدّق النبى صلى الله عليه وسلم ، وبالغ فى تصديقه كما فى صبيحة الإسراء وقد قيل له : إن صاحبك يزعم أنه أُسرى به ، فقال : إن كان قال فقد صدق !
وقد سماه الله صديقا فقال سبحانه : ( وَالَّذِى جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )
جاء فى تفسيرها : الذى جاء بالصدق هو النبى صلى الله عليه وسلم ، والذى صدّق به هو أبو بكر رضى الله عنه .
ولُقّب ب " الصدِّيق " لأنه أول من صدّق وآمن بالنبى صلى الله عليه وسلم من الرجال .
وسماه النبى صلى الله عليه وسلم " الصدّيق "
روى البخارى عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم صعد أُحداً وأبو بكر وعمر وعثمان ، فرجف بهم فقال : اثبت أُحد ، فإنما عليك نبى وصديق وشهيدان .
وكان أبو بكر رضى الله عنه يُسمى " الأوّاه " لرأفته
مولده: ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر
صفته: كان أبو بكر رضى الله عنه أبيض نحيفاً ، خفيف العارضين ، معروق الوجه ، ناتئ الجبهة ، وكان يخضب بالحناء والكَتَم .
وكان رجلاً اسيفاً أى رقيق القلب رحيماً .
فضائله: ما حاز الفضائل رجل كما حازها أبو بكر رضى الله عنه
- فهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم
قال ابن عمر رضى الله عنهما : كنا نخيّر بين الناس فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم ، فنخيّر أبا بكر ، ثم عمر بن الخطاب ، ثم عثمان بن عفان رضى الله عنهم . رواه البخارى .
وروى البخارى عن أبى الدرداء رضى الله عنه قال : كنت جالسا عند النبى صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته فقال النبى صلى الله عليه وسلم : أما صاحبكم فقد غامر . وقال : إنى كان بينى وبين ابن الخطاب شيء ، فأسرعت إليه ثم ندمت فسألته أن يغفر لى فأبى على ، فأقبلت إليك فقال : يغفر الله لك يا أبا بكر - ثلاثا - ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبى بكر فسأل : أثَمّ أبو بكر ؟ فقالوا : لا ، فأتى إلى النبى فجعل وجه النبى صلى الله عليه وسلم يتمعّر ، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه فقال : يا رسول الله والله أنا كنت أظلم - مرتين - فقال النبى صلى الله عليه وسلم : إن الله بعثنى إليكم فقلتم : كذبت ، وقال أبو بكر : صَدَق ، وواسانى بنفسه وماله ، فهل أنتم تاركو لى صاحبى – مرتين - فما أوذى بعدها.
فقد سبق إلى الإيمان ، وصحب النبى صلى الله عليه وسلم وصدّقه ، واستمر معه فى مكة طول إقامته رغم ما تعرّض له من الأذى ، ورافقه فى الهجرة .
- وهو ثانى اثنين فى الغار مع نبى الله صلى الله عليه وسلم
قال سبحانه وتعالى : ( ثَانِى اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
قال السهيلى : ألا ترى كيف قال : لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟ لأن حزنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه .
وفى الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه حدّثه قال : نظرت إلى أقدام المشركين على رؤوسنا ونحن فى الغار فقلت : يا رسول الله لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا تحت قدميه . فقال : يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما .
ولما أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخل الغار دخل قبله لينظر فى الغار لئلا يُصيب النبى صلى الله عليه وسلم شيء .
ولما سارا فى طريق الهجرة كان يمشى حينا أمام النبى صلى الله عليه وسلم وحينا خلفه وحينا عن يمينه وحينا عن شماله .
ولذا لما ذكر رجال على عهد عمر رضى الله عنه فكأنهم فضّلوا عمر على أبى بكر رضى الله عنهما ، فبلغ ذلك عمر رضى الله عنه فقال : والله لليلة من أبى بكر خير من آل عمر ، وليوم من أبى بكر خير من آل عمر ، لقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إلى الغار ومعه أبو بكر ، فجعل يمشى ساعة بين يديه وساعة خلفه ، حتى فطن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا أبا بكر مالك تمشى ساعة بين يدى وساعة خلفى ؟ فقال : يا رسول الله أذكر الطلب فأمشى خلفك ، ثم أذكر الرصد فأمشى بين يديك . فقال :يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك دونى ؟ قال : نعم والذى بعثك بالحق ما كانت لتكون من مُلمّة إلا أن تكون بى دونك ، فلما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر : مكانك يا رسول الله حتى استبرئ الجحرة ، فدخل واستبرأ ، قم قال : انزل يا رسول الله ، فنزل . فقال عمر : والذى نفسى بيده لتلك الليلة خير من آل عمر . رواه الحاكم والبيهقى فى دلائل النبوة .
- ولما هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ماله كله فى سبيل الله .
- وهو أول الخلفاء الراشدين
وقد أُمِرنا أن نقتدى بهم ، كما فى قوله عليه الصلاة والسلام : عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ . رواه الإمام أحمد والترمذى وغيرهما ، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه .
واستقر خليفة للمسلمين دون مُنازع ، ولقبه المسلمون ب " خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم"
- وخلافته رضى الله عنه منصوص عليها
فقد أمره النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى مرضه أن يُصلى بالناس
فى الصحيحين عن عائشةَ رضى اللّهُ عنها قالت : لما مَرِضَ النبى صلى الله عليه وسلم مرَضَهُ الذى ماتَ فيه أَتاهُ بلالٌ يُؤْذِنهُ بالصلاةِ فقال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصَلّ . قلتُ : إنّ أبا بكرٍ رجلٌ أَسِيفٌ [ وفى رواية : رجل رقيق ] إن يَقُمْ مَقامَكَ يبكى فلا يقدِرُ عَلَى القِراءَةِ . قال : مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ . فقلتُ مثلَهُ : فقال فى الثالثةِ - أَوِ الرابعةِ - : إِنّكنّ صَواحبُ يوسفَ ! مُروا أَبا بكرٍ فلْيُصلّ ، فصلّى .
ولذا قال عمر رضى الله عنه : أفلا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا ؟!
وروى البخارى ومسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت : قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مرضه : ادعى لى أبا بكر وأخاك حتى اكتب كتابا ، فإنى أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويقول قائل : أنا أولى ، ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر .
وجاءت امرأة إلى النبى صلى الله عليه وسلم فكلمته فى شيء فأمرها بأمر ، فقالت : أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجدينى فأتى أبا بكر . رواه البخارى ومسلم .
- وقد أُمرنا أن نقتدى به رضى الله عنه
قال عليه الصلاة والسلام : اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر . رواه الإمام أحمد والترمذى وابن ماجه ، وهو حديث صحيح .
- وكان أبو بكر ممن يُفتى على عهد النبى صلى الله عليه وسلم
ولذا بعثه النبى صلى الله عليه وسلم أميراً على الحج فى الحجّة التى قبل حجة الوداع
روى البخارى ومسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : بعثنى أبو بكر الصديق فى الحجة التى أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل حجة الوداع فى رهط يؤذنون فى الناس يوم النحر : لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .
وأبو بكر رضى الله عنه حامل راية النبى صلى الله عليه وسلم يوم تبوك .
- وأنفق ماله كله لما حث النبى صلى الله عليه وسلم على النفقة
قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا . رواه الترمذى .
- ومن فضائله أنه أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال عمرو بن العاص لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أى الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة . قال : قلت : من الرجال ؟ قال : أبوها . رواه مسلم .
- ومن فضائله رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم اتخذه أخاً له .
روى البخارى ومسلم عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وقال : إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله . قال : فبكى أبو بكر ، فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خير ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير ، وكان أبو بكر أعلمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن مِن أمَنّ الناس على فى صحبته وماله أبا بكر ، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربى لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين فى المسجد باب إلا سُدّ إلا باب أبى بكر .
- ومن فضائله رضى الله عنه أن الله زكّاه
قال سبحانه وبحمده : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى - الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى - وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى - إِلا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى - وَلَسَوْفَ يَرْضَى )
وهذه الآيات نزلت فى ابى بكر رضى الله عنه .
وهو من السابقين الأولين بل هو أول السابقين
قال سبحانه : ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِى اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
- وقد زكّاه النبى صلى الله عليه وسلم
فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة . قال أبو بكر : إن أحد شقى ثوبى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لست تصنع ذلك خيلاء . رواه البخارى فى فضائل أبى بكر رضى الله عنه .
- ومن فضائله رضى الله عنه أنه يُدعى من أبواب الجنة كلها
قال عليه الصلاة والسلام : من أنفق زوجين من شيء من الأشياء فى سبيل الله دُعى من أبواب الجنة : يا عبد الله هذا خير ؛ فمن كان من أهل الصلاة دعى من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعى من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصدقة دُعى من باب الصدقة ، ومن كان من أهل الصيام دُعى من باب الصيام وباب الريان . فقال أبو بكر : ما على هذا الذى يدعى من تلك الأبواب من ضرورة ، فهل يُدعى منها كلها أحد يا رسول الله ؟ قال : نعم ، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر . رواه البخارى ومسلم .
- ومن فضائله أنه جمع خصال الخير فى يوم واحد
روى مسلم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أصبح منكم اليوم صائما ؟
قال أبو بكر رضى الله عنه : أنا .
قال : فمن تبع منكم اليوم جنازة ؟
قال أبو بكر رضى الله عنه : أنا .
قال : فمن أطعم منكم اليوم مسكينا ؟
قال أبو بكر رضى الله عنه : أنا .
قال : فمن عاد منكم اليوم مريضا ؟
قال أبو بكر رضى الله عنه : أنا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما اجتمعن فى امرىء إلا دخل الجنة .
- ومن فضائله رضى الله عنه أن وصفه رجل المشركين بمثل ما وصفت خديجة رضى الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لما ابتلى المسلمون فى مكة واشتد البلاء خرج أبو بكر مهاجراً قِبل الحبشة حتى إذا بلغ بَرْك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارَة ، فقال : أين تريد يا أبا بكر ؟ فقال أبو بكر : أخرجنى قومى فأنا أريد أن أسيح فى الأرض فأعبد ربى . قال ابن الدغنة : إن مثلك لا يخرج ولا يخرج فإنك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكَلّ وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق ، وأنا لك جار فارجع فاعبد ربك ببلادك ، فارتحل ابن الدغنة فرجع مع أبى بكر فطاف فى أشراف كفار قريش فقال لهم : إن أبا بكر لا يَخرج مثله ولا يُخرج ، أتُخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقرى الضيف ويعين على نوائب الحق ؟! فأنفذت قريش جوار ابن الدغنة وآمنوا أبا بكر وقالوا لابن الدغنة : مُر أبا بكر فليعبد ربه فى داره فليصل وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به ، فإنا قد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا قال ذلك ابن الدغنة لأبى بكر فطفق أبو بكر يعبد ربه فى داره ولا يستعلن بالصلاة ولا القراءة فى غير داره ، ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وبرز فكان يصلى فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلاً بكّاءً لا يملك دمعه حين يقرأ القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا له : إنا كنا أجرنا أبا بكر على أن يعبد ربه فى داره وإنه جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره وأعلن الصلاة والقراءة وقد خشينا أن يفتن أبناءنا ونساءنا فأته فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه فى داره فعل وإن أبى إلاّ أن يعلن ذلك فَسَلْهُ أن يرد إليك ذمتك فإنا كرهنا أن نخفرك ، ولسنا مقرين لأبى بكر الاستعلان . قالت عائشة فأتى ابن الدغنة أبا بكر فقال : قد علمت الذى عقدت لك عليه فإما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترد إلى ذمتى فإنى لا أحب أن تسمع العرب أنى أخفرت فى رجل عقدت له قال أبو بكر : إنى أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله . رواه البخارى .
- وكان على رضى الله عنه يعرف لأبى بكر فضله
قال محمد بن الحنفية : قلت لأبى – على بن أبى طالب رضى الله عنه - : أى الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر . قلت : ثم من ؟ قال : ثم عمر ، وخشيت أن يقول عثمان قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين . رواه البخارى .
وقال على رضى الله عنه : كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعنى الله به بما شاء أن ينفعنى منه ، وإذا حدثنى غيره استحلفته ، فإذا حلف لى صدقته ، وحدثنى أبو بكر وصدق أبو بكر . قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يصلى ركعتين فيستغفر الله تعالى إلا غفر الله له ثم تلا : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ) الآية . رواه أحمد وأبو داود .
- ولم يكن هذا الأمر خاص بعلى رضى الله عنه بل كان هذا هو شأن بنِيه
قال الإمام جعفر لصادق : أولدنى أبو بكر مرتين .
وسبب قوله : أولدنى أبو بكر مرتين ، أن أمَّه هى فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبى بكر ، وجدته هى أسماء بنت عبد الرحمن بن أبى بكر .
فهو يفتخر فى جّدِّه ثم يأتى من يدّعى اتِّباعه ويلعن جدَّ إمامه ؟
قال جعفر الصادق لسالم بن أبى حفصة وقد سأله عن أبى بكر وعمر ، فقال : يا سالم تولَّهُما ، وابرأ من عدوهما ، فإنهما كانا إمامى هدى ، ثم قال جعفر : يا سالم أيسُبُّ الرجل جده ؟ أبو بكر جدى ، لا نالتنى شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة إن لم أكن أتولاهما وأبرأ من عدوهما .
وروى جعفر بن محمد – وهو جعفر الصادق - عن أبيه – وهو محمد بن على بن الحسين بن على – رضى الله عنهم أجمعين ، قال : جاء رجل إلى أبى – يعنى على بن الحسين ، المعروف والمشهور بزين العابدين - فقال : أخبرنى عن أبى بكر ؟ قال : عن الصديق تسأل ؟ قال : وتسميه الصديق ؟! قال : ثكلتك أمك ، قد سماه صديقا من هو خير منى ؛ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار ، فمن لم يُسمه صدِّيقا ، فلا صدّق الله قوله ، اذهب فأحب أبا بكر وعمر وتولهما ، فما كان من أمر ففى عنقى .
ولما قدم قوم من العراق فجلسوا إلى زين العابدين ، فذكروا أبا بكر وعمر فسبوهما ، ثم ابتركوا فى عثمان ابتراكا ، فشتمهم .
وابتركوا : يعنى وقعوا فيه وقوعاً شديداً .
وما ذلك إلا لعلمهم بمكانة وزيرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبمكانة صاحبه فى الغار ، ولذا لما جاء رجل فسأل زين العابدين : كيف كانت منزلة أبى بكر وعمر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأشار بيده إلى القبر ثم قال : لمنزلتهما منه الساعة .
قال بكر بن عبد الله المزنى رحمه الله :
ما سبقهم أبو بكر بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وَقَرَ فى قلبه .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
يا سَائِلى عَنْ مَذْهَبِى وعَقيدَتِى = رُزِقَ الهُدى مَنْ لِلْهِدايةِ يَسأَلُ
اسمَعْ كَلامَ مُحَقِّقٍ فى قَولِه = لا يَنْثَنى عَنهُ ولا يَتَبَدَّل
حُبُّ الصَّحابَةِ كُلُّهُمْ لى مَذْهَبٌ = وَمَوَدَّةُ القُرْبى بِها أَتَوَسّل
وَلِكُلِّهِمْ قَدْرٌ وَفَضْلٌ ساطِعٌ = لكِنَّما الصِّديقُ مِنْهُمْ أَفْضَل
- وجمع بيت أبى بكر وآل أبى بكر من الفضائل الجمة الشيء الكثير الذى لم يجمعه بيت فى الإسلام
فقد كان بيت أبى بكر رضى الله عنه فى خدمة النبى صلى الله عليه وسلم ، كما فى الاستعداد للهجرة ، وما فعله عبد الله بن أبى بكر وأخته أسماء فى نقل الطعام والأخبار لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه فى الغار
وعائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم هى بنت أبى بكر رضى الله عنه وعنها
قال ابن الجوزى رحمه الله :
أربعة تناسلوا رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أبو قحافة
وابنه أبو بكر
وابنه عبد الرحمن
وابنه محمد
أعماله :
من أعظم أعماله سبقه إلى الإسلام وهجرته مع النبى صلى الله عليه وسلم ، وثباته يوم موت النبى صلى الله عليه وسلم .
ومن أعماله قبل الهجرة أنه أعتق سبعة كلهم يُعذّب فى الله ، وهم : بلال بن أبى رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بنى المؤمل ، وأم عُبيس .
ومن أعظم أعماله التى قام بها بعد تولّيه الخلافة حرب المرتدين
فقد كان رجلا رحيما رقيقاً ولكنه فى ذلك الموقف ، فى موقف حرب المرتدين كان أصلب وأشدّ من عمر رضى الله عنه الذى عُرِف بالصلابة فى الرأى والشدّة فى ذات الله
روى البخارى ومسلم من حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال : لما توفى النبى صلى الله عليه وسلم واستُخلف أبو بكر وكفر من كفر من العرب قال عمر : يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمِرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله عصم منى ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله ؟ قال أبو بكر : والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعونى عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها . قال عمر : فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبى بكر للقتال فعرفت أنه الحق .
لقد سُجِّل هذا الموقف الصلب القوى لأبى بكر رضى الله عنه حتى قيل : نصر الله الإسلام بأبى بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة .
فحارب رضى الله عنه المرتدين ومانعى الزكاة ، وقتل الله مسيلمة الكذاب فى زمانه .
ومع ذلك الموقف إلا أنه أنفذ جيش أسامة الذى كان النبى صلى الله عليه وسلم أراد إنفاذه نحو الشام .
وفى عهده فُتِحت فتوحات الشام ، وفتوحات العراق
وفى عهده جُمع القرآن ، حيث أمر رضى الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن
وكان عارفاً بالرجال ، ولذا لم يرضَ بعزل خالد بن الوليد ، وقال : والله لا أشيم سيفا سله الله على عدوه حتى يكون الله هو يشيمه . رواه الإمام أحمد وغيره .
وفى عهده وقعت وقعة ذى القَصّة ، وعزم على المسير بنفسه حتى أخذ على بن أبى طالب رضى الله عنه بزمام راحلته وقال له : إلى أين يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد : شِمْ سيفك ولا تفجعنا بنفسك . وارجع إلى المدينة ، فو الله لئن فُجعنا بك لا يكون للإسلام نظام أبدا ، فرجع أبو بكر رضى الله عنه وأمضى الجيش .
وكان أبو بكر رضى الله عنه أنسب العرب ، أى أعرف العرب بالأنساب .
زهده :
مات أبو بكر رضى الله عنه وما ترك درهما ولا دينارا
عن الحسن بن على رضى الله عنه قال : لما احتضر أبو بكر رضى الله عنه قال : يا عائشة أنظرى اللقحة التى كنا نشرب من لبنها والجفنة التى كنا نصطبح فيها والقطيفة التى كنا نلبسها فإنا كنا ننتفع بذلك حين كنا فى أمر المسلمين ، فإذا مت فاردديه إلى عمر ، فلما مات أبو بكر رضى الله عنه أرسلت به إلى عمر رضى الله عنه فقال عمر رضى الله عنه : رضى الله عنك يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك .
ورعه :
كان أبو بكر رضى الله عنه ورعاً زاهداً فى الدنيا حتى لما تولى الخلافة خرج فى طلب الرزق فردّه عمر واتفقوا على أن يُجروا له رزقا من بيت المال نظير ما يقوم به من أعباء الخلافة
قالت عائشة رضى الله عنها : كان لأبى بكر غلام يخرج له الخراج ، وكان أبو بكر يأكل من خراجه ، فجاء يوماً بشيء ، فأكل منه أبو بكر ، فقال له الغلام : تدرى ما هذا ؟ فقال أبو بكر : وما هو ؟ قال : كنت تكهّنت لإنسان فى الجاهلية وما أحسن الكهانة إلا أنى خدعته ، فلقينى فأعطانى بذلك فهذا الذى أكلت منه ، فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء فى بطنه . رواه البخارى.
وفاته :
توفى فى يوم الاثنين فى جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة من الهجرة ، وه ابن ثلاث وستين سنة.
فرضى الله عنه وأرضاه
وجمعنا به فى دار كرامته
أعلم بأننى لم أوفِّ أبا بكر حقّه
فقد أتعب من بعده حتى من ترجموا له ، فكيف بمن يقتطف مقتطفات من سيرته ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.