بقلم/ أ.د. يحيي هاشم حسن فرغل أغلب الظن أن المجتمع الإنساني في طور شيخوخته من شأنه أن يتدثر بالمغالاة في توقي الخطر كما يتدثر بها في توقي الهواء الطلق !! ، وهكذا فعل أو يفعل المجتمع الإسلامي في طور شيخوخته التي بدأت منذ قرنين على الأقل عندما بالغ في مبدأ "درء المفسدة و" سد الذريعة " في مجال المرأة بالذات ، فصبغ حياة المسلمة بصبغة من التضييق أدت بعد ذلك إلى تسهيل الانفلات إلى طريق الغرب . ومن ثم تكثفت المشكلات والغيوم والمظاهر التي اعترضت أفق الرؤية الإسلامية لقضايا المرأة وهذه هي المفسدة التي تدعونا اليوم بإلحاح إلى التدقيق في تحقيق الهدف من هذا المبدأ الشرعي طبقا لما بيناه في المقال السابق
ولقد استقرأ بعض العلماء المعاصرين – ومنهم الشيخ محمد الغزالي ، والدكتور القرضاوي ، والأستاذ عبد الحليم ابو شقة مظاهر التضييق هذه فيما يلي : شرع الإسلام للمرأة حضور الجماعة في المسجد ،ولكن منعت سدا للذريعة . شرع الإسلام للمرأة حضور صلاة العيد ، ولكن منعت سدا للذريعة . سن الإسلام للإمام أن يجعل درسا خاصا للنساء كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن منع ذلك سدا للذريعة . سن الإسلام للإمام أن يخص النساء بعظة بعد خطبة العيد ، ولكن منع سدا للذريعة . وسن الإسلام للخاطب أن يرى مخطوبته ولكن منع سدا للذريعة . وسن الإسلام للمرأة أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ولكن منعت سدا للذريعة . وشرع الإسلام للمرأة أن تبيع وتشتري وتعمل لكسب عيشها – عند عجز العائل أو فقده – أو تعمل لمعاونة عائلها الفقير ، ولكن منعت سدا للذريعة . وسن الإسلام للمرأة أن تضمد الجرحى ، وتسقي العطشى في الجهاد ، ولكن منعت سدا للذريعة . وأجاز الإسلام للمرأة أن تكشف عن وجهها وكفيها خارج بيتها ولكن منعت سدا للذريعة . وأجاز الإسلام للمرأة أن تلقى الرجال في حدود آداب المشاركة الشرعية ، ولكن منعت سدا للذريعة. وأمر الإسلام المرأة أن تطلب العلم الذي يقيم دينها ودنياها ، ولكن منعت سدا للذريعة .
وأصحاب هذا المنع يعرفون أن ما يمنعونه من ذلك كله كان يحدث في عصر النبوة ، ولكنهم بالرغم من تشبثهم بمنهج الاتباع يهربون من منهجهم هنا بدعوى سد الذريعة ، ويستبعدون عهد الرسالة بدعوى أنه خير القرون ، ومن ثم لا يقاس عليه عصور تالية ، ونسوا أن أفراد مجتمع المدينة مع ذلك لم يكونوا كلهم مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعا ، أو مثل عائشة وأسماء وأم سليم رضي الله عنهن ، بل كان في المجتمع فئات مختلفة من المنافقين واليهود والأعراب ، الذين وفدوا إلى المدينة ، كما كان فيه الشباب والشيوخ ، والأقوياء والضعفاء ، والعقلاء والسفهاء ، ومع ذلك أوجب الشرع ما أوجب وأباح ما أباح في شئون المرأة . ولقد كان هناك سيدنا الفضل بن عباس ينظر إلى وجه امراة ، وهو رديف الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقصته معروفة سابقا ، وكان هناك ابن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهم ، الذي ظن بالمسلمات السوء لو خرجن للصلاة ، وقصته ذكرناها سابقا . وكان هناك خوَّات بن جبير رضي الله عنه الذي يقول : نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ الظهران – موضع خارج مكة – قال : فخرجت من خبائي ، فإذا نسوة يتحدثن ، فأعجبنني ، فرجعت فاستخرجت عيبتي – وعاء لوضع أفضل الثياب – فاستخرجت منها حلة ، فلبستها ، وجئت فجلست معهن ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : أبا عبد الله ، فلما رأيته هِبته ، واختلطت – أي اضطربت – قلت : يا رسول الله جمل لي شرد ، وأنا أبتغي له قيدا ، فألقى إليّ رداءه ، ودخل الأراك – شجر معروف – كأني أنظر إلي بياض متنه ، في خضرة الأراك ، فقضى حاجته ، وتوضأ ، وأقبل والماء يسيل من لحيته على صدره ، فقال : أبا عبد الله : ما فعل شراد جملك ؟ . ثم ارتحلنا ، فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال : السلام عليك يا أبا عبد الله : ما فعل شراد جملك . فلما رأيت ذلك تعجلت إلى المدينة ، واجتنبت المسجد ، ومجالسة النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما طال ذلك تحينت ساعة خلوة المسجد ، وخرج رسول الله صلى الله عليه من بعض حجره ، فجاء فصلى ركعتين خفيفتين ، ... وطوَّلت ، رجاء أن يذهب ويدعني ، فقال : طوِّل يا أبا عبد الله ما شئت أن تطوِّل ، فلست قائما حتى تنصرف ، فقلت في نفسي : والله لأعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولأبرئن صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انصرفت من الصلاة قال: السلام عليك يا أبا عبد الله ، ما فعل شراد جملك ؟ فقلت : والذي بعثك بالحق ما شرد لي جمل منذ أسلمت ، فقال: رحمك الله ، ثلاثا ، ثم لم يعد لشيء مما كان . [1] تلك قصة تضاف لغيرها ولكنها ذات دلالة بالنسبة للصحابي ، وذات دلالة بالنسبة لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم . حقا إن مجتمع الرسول هو خير القرون ، ولكن هذا لا يعني أنه مجتمع يخلو من دوافع الفتنة ، أو تنعدم فيه الفتنة ، إنه مجتمع تقل فيه هذه الدواعي ؟ نعم هذا حق ، ولكنه لم يصبح بحالته تلك عن طريق التطرف في توقع الفتنة ، والتطرف في محاولة القضاء على احتمالاتها التي لا يمكن أن تنتهي تحت أي إجراء ، وإنما قد صار كذلك لغير ما فعله بعضنا فيما بعد تحت دواعي خوف الفتنة ، وسد الذرائع . صار مجتمعُ الرسول خير القرون مع احتمالات الفتنة ،ومع علاجها بغير هذا الفهم الضيق لمبدأ سد الذرائع. وهنا يأتي دور التربية ، وهذا مثال رفيع عليها . وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من فتنة النساء – وهذا حق – فإنه حذرنا أيضا في أحاديث كثيرة من فتنة الأموال ، وفتنة الأولاد ، وفتنة الدنيا ، فما كان ذلك ليعني عند أحد منعَ المباح ، ولا سد الذريعة بغير شروطها ، وإنما كان يعني الدعوة إلى المجاهدة ، وتربية النفس التي لا علاج بغير التركيز عليها ، وإقامة شرع الله بغير زيادة أو نقص لقد أدى التورط في وضع جدران عالية حول المرأة إلى إشاعة أحاديث موضوعة وسلوكيات مبتدعة تجاه المرأة ، حتى أصبحت جزءا من الثقافة الشعبية في بعض المراحل .
فمن أحاديث مكذوبة : من مثل ( شاوروهن وخالفوهن) ، و( لا تسكنوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة ) و ( دفن البنات من المكرمات )و ( طاعة المرأة ندامة ) و ( لولا النساء لعُبد الله حقا ) و ( هلكت الرجال حين أطاعت النساء ) و ( أعدى عدوك زوجتك )
إلى أحاديث ضعيفة يتم ترويجها : من مثل : ( أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لابنته فاطمة عليها السلام : أي شيء خير للمرأة ؟ قالت : ألاّ ترى رجلا ، ولا يراها رجل ، فضمها إليه وقال : ذرية بعضها من بعض ) . قال عنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد : ( رواه البزار وفيه من لم أعرفه ) ، وقال عنه الحافظ العراقي في تخريجه لأحاديث إحياء علوم الدين : رواه البزار ، والدار قطني ، في الأفراد من حديث عليّ بسند ضعيف ) هذا بينما الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم تؤكد حضور الشواب للمسجد ، ومن أولئك : أسماء بنت أبي بكر ، وعاتكة بنت الزبير ، - زوج عمر بن الخطاب – وفاطمة بنت قيس ، وأم الفضل ، وزينب امرأة ابن مسعود ، والربيع بنت معوذ ، وغيرهن كثير . [2]
إلى تعاليم إسلامية في شأن المرأة أسيء فهمها من الطرفين : يأتي في هذا النطاق موضوع تشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء ، والختان والقوامة ، والميراث ، والشهادة ، والولاية ، والتأديب ، والضلع الأعوج ، وتعدد الزوجات ، والطلاق ، ، والعمل ، ونقصان العقل .
التشبه ولابد في رأينا عند معالجة هذه الموضوعات التي لم يضعها الطرفان في وضعها الصحيح إسلاميا أن نبين أن النظر فيها لابد من أن يكون في إطار من أصول العقيدة والإيمان ، وهذا يعني : التسليم لله ، الله الخالق ، الله مالك الملك ،. والرضا بقدرية الخلقة ( نباتا ، حيوانا ، إنسانا : رجلا ، امرأة ، ملكا إلخ ، ) واستمداد العلم عن طريق الوحي ، وليس عن طريق التأمل العقلي وحده أو التجربة وحدها ومن هنا يسقط التجاوز في محاولات تشبه أحد الطرفين بالآخر. يقول الخالق المالك العليم الخبير : ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ، للرجال نصيب مما اكتسبوا ، وللنساء نصيب مما اكتسبن ، واسألوا الله من فضله ، إن الله كان بكل شيء عليما ) 32 النساء . يذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآية روايات ، منها : أن السيدة أم سلمة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله يغزو الرجال ولا يغزو النساء ، ولنا نصف الميراث ؟ ، فنزلت هذه الآية . بغير هذه الأصول يصبح الكلام فيما يطرح من تلك الموضوعات خارج الجو الإسلامي ، فيكون عبثا ، أو كلاما فارغا ، أو حوار طرشان . إنه على سبيل المثال : عندما يختل ميزان الرضا بقدرية الخلقة فإن المشكلة لن تكون عندئذ مشكلة المرأة فحسب ، ولكنها مشكلة الإنسان لم لم يكن ملاكا ؟ ومشكلة الحيوان لم لم يكن إنسانا ؟ ومشكلة النبات لم لم يكن حيوانا ؟ ومشكلة الجماد لم لم يكن نباتا ؟ بنفس القدر الذي تكون فيه المشكلة مشكلة المرأة لم لم تكن رجلا ، بل تصبح مشكلة الرجل لم لم يكن أنثى ؟ وكلنا نعلم مشكلة المتشبهين من الرجال بالنساء ومشكلة المتشبهات من النساء بالرجال ، في ظلال هذه المبادئ جاء توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء بسنن أبي داود حدثنا عبيد الله بن معاذ ثنا أبي ثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : (أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء).
وفي سنن ابن ماجة (حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي ثنا خالد بن الحرث ثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء ولعن المتشبهات من النساء بالرجال).) وفي مسند أحمد (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا خالد عن يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس قال : : ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء ، قال : فقلت : ما المترجلات من النساء ؟ قال : المتشبهات من النساء بالرجال) وفي شعب الإيمان ( أخبرنا أبو سعد الماليني أنا أبو أحمد بن عدي ثنا عبد الصمد بن عبد الله الدمشقي ثنا دحيم ثنا ابن أبي فديك حدثني محمد بن سلام الخزاعي عن أبيه عن أبي هريرة : ( عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أربعة يصبحون في غضب الله و يمسون في سخط الله أو يمسون في غضبه و يصبحون في سخطه ( شك المحدث ) قيل : من هم يا رسول الله قال : المتشبهون من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال ،و الذي يأتي البهيمة و الذي يأتي الرجل ..) وفي شعب الإيمان ( أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو طاهر المحمد أباذي نا أبو قلابة نا عبد الصمد بن عبد الوارث - ح - أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقري أنا الحسن بن محمد بن إسحاق نا يوسف بن يعقوب نا عمرو بن مرزوق قالا : نا شعبة عن قتادة : ( لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال .:: لفظ حديث الفقيه أخرجه البخاري من حديث غندر عن شعبة ..)
وفي المستدرك للحاكم (حدثنا مكرم بن أحمد القاضي ببغداد ، ثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي ، ثنا أيوب بن سليمان بن بلال ، حدثني أبو بكر بن أبي أويس ، عن سلمان بن بلال ، عن عبد الله بن يسار الأعرج : أنه سمع سالم بن عبد الله بن عمر يحدث عن أبيه : ( عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ثلاثة لا يدخلون الجنة العاق بوالديه و الديوث ، و رجلة النساء . هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه ، ....) قالالحافظ المنذري : الديوث هو الذييعلم الفاحشة في أهله ويقرهم عليها . قلت : وهو في حديثعمار رضي الله عنهمفسر في المرفوع ولفظه(ثلاثة لا يدخلون الجنة أبدا : الديوث , والرجلة من النساء , ومدمن الخمر . قالوا يا رسول الله : أما مدمن الخمر فقد عرفناه , فما الديوث ؟ قال [الذي لا يبالي من دخل على أهله . قلنا : فما الرجلة من النساء ؟ قال : التي تتشبه بالرجال } رواهالطبراني . قال الحافظالمنذري : ورواته لا أعلم فيهم مجروحا ..
ومن هنا لابد وأن يكون الحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة لا يعني التماثل بينهما ، وإلا أهدرنا الرضا بقدرية الخلقة ، ولأهدرت من ثم الحكمة من الخلق ، وتنوع الأنواع وما ينبني على ذلك من تنوع الوظائف والأهداف بل وتنوع الثقافات والحضارات والأديان وفي هذه الأصول تحذير واضح للمسلمين من تدمير ذاتهم وتشريدهم خارج حصنهم والانمياع في ساحة أعدائهم ( من تشبه بقوم فهو منهم ) : من قادة ووزراء ومؤسسات تعمل من منطلق الحرب ضد المساجد والزوايا ومن ثم في حرب مع الله ( راجع ما جاء على لسان الوزير عن سبب فشل وزارته وأنه كيف يمكنه أن يفعل شيئا بقصوره الثقافية المحدود بإزاء مائة ألف مسجد وزاوية ، وفقا لعبارته في برناج البيت بيتك "... ) فليست معركته إذن مع تيار معين من التيارات الإسلامية ولكنها مع المسلمين بعامة ووزارة الأوقاف – المساجد - بخاصة ، وراجع ما حظي به أثناء استقباله في حفل مهرجان السينما المصرية منذ اسبوع من حفاوة رجال مخنثين موتورين ونساء مسترجلات مائلات مميلات كاشفات متكشفات يهتفن بهتاف يبدو أنه من إبداع ثقافتهم الوزارية أو وزارتهم " الثقافية " وكان هتافهم الراقي رقي ملابسهم الباريسية .. . ( " يا .. كايدهم " .. ) يا للمفارقة ! لقد رضوا أن يكونوا ممن قال فيهم ربهم : ( أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون ) 42 الطور ( وأملي لهم إن كيدي متين ) 183 الأعراف ( وأن الله لا يهدي كيد الخائنين ) 52 يوسف ( إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) 76 النساء
وقد عبر المؤتمر العالمي الرابع الذي انعقد في بكين ( 4 – 15 سبتمبر 1995 ) -تحت رعاية الجمعية العامة للأمم المتحدة - عن ذلك الكيد رسميا : وقد تضمن منهاج المؤتمر : استبعاد الدين في كل ما يؤدي إلى ما يسمى التمييز بين الرجل والمرأة . ، وقد جاء ذلك في الفقرة 167ب من منهاج المؤتمر إ ذ يدعو المؤتمر إلى المساواة بين الرجل والمرأة في حقوق الخلافة والإرث ، وقد طالب المؤتمر بذلك صراحة في الفقرة 274 د و دعا إلى إباحة الإجهاض ، وتأمين وسائله ، وجاء ذلك في الفقرة 107 ك وفي الفقرة 95 ، 981 التي أشارت إلى تأمين الإجهاض في مواجهة ( عمليات الإجهاض غير المأمون ) باعتباره من عوامل الخطر التي تتعرض له الفتيات . وفي الختان إذ أضافه المؤتمر في الفقرة 41 : إلى جملة ما يتعرض له البنات اليوم من استغلال جنسي واقتصادي ، حيث تحدثت الفقرة 95 عن ( الممارسات الضارة مثل عمليات ختان الإناث التي تشكل مخاطر صحية جسيمة ) . وقد أدخلت الفقرة 114 ب ما يسمى ( اغتصاب الزوجة ) وكذلك ( ختان الإناث ) في أعمال العنف الأدبي والجنسي والنفسي الذي تتعرض له المرأة .
ودعا المؤتمر في الفقرة 82 ز...إلى ما يعتبر إشاعة للفاحشة وتشجيعا عليها إذ نصت على ( تشجيع توفر إطار تعليمي يقضي على جميع الحواجز التي تحول دون تعليم الحوامل من المراهقات والأمهات الشابات ) .
وفي الختان ( عقدت منظمات اليونيسيف ومنظمات أخرى العديد من الندوات فى الجامعات المصرية ومراكز الشباب فى الريف المصرى للدعوة الى منع الختان للإناث , وحسب تقارير اليونيسيف فان جهودهم تنتهى بالفشل لرفض المجتمع المصري لدعواتهم .) (من جريدة المصريون بتاريخ 24112005: وإنه لمن المؤسف أن يشترك شيخ الأزهر والمفتي في هذا الكيد ( ففى سابقة تعد الأولى من نوعها , - كما جاء في مصادر الأخبار - رعى الدكتور محمد سيد طنطاوى شيخ الأزهر, والدكتور على جمعه مفتى الجمهورية مؤتمرا دعت إلية منظمة ألمانية يهودية لحقوق الإنسان للترويج لمنع ختان الإناث فى مصر والعالمين العربي والإسلامى , رغم صمتهما على تصريحات فاروق حسنى وزير الثقافة عن الحجاب ووصفه شيوخ الأزهر بأنهم شيوخ بثلاثة ملاليم . ولم تكتف دار الإفتاء والأزهر الشريف برعايتهما للمؤتمر, بل عقدوه فى مركز مؤتمرات الأزهر الشريف يوم الاربعاء 23112006وأكد شيخ الأزهر فى كلمته أمام المؤتمر" أن ختان الإناث لم يأت ذكره لا فى القران ولا فى السنة النبوية , وان الختان فى الإسلام هو للرجال فقط " ....وأكد شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية بأنه لا توجد قوانين صريحة فى مصر تمنع الختان , إلا انه يمكن محاكمة من يفعله من الأطباء او غيرهم بموجب قوانين أخرى تتعلق بالأذى الجسمانى !!!. وعلمت( المصريون ) : ( أن رعاية الأزهر الشريف ودار الإفتاء لهذا المؤتمر, وحضور شيخ الأزهر ومفتى الجمهورية , كان بتكليف مباشر من المجلس القومى للأمومة والطفولة الذي ترأسه السيدة سوزان مبارك .) جريدة المصريون بتاريخ 24112005:
وهي استجابة " أمينة " جاءت كصدى مكشوف لخطة الغرب في تقرير كل ما يتعلق بشئون المرأة في بلادنا الإسلامية كما عبر عن ذلك المؤتمر العالمي الرابع الذي انعقد في بكين ( 4 – 15 سبتمبر 1995 ) تحت رعاية الجمعية العامة للأمم المتحدة المشار إليه أعلاه :
والمشكلة في ختان الإناث أنه تتداوله أطراف ثلاثة : طرف من أسارى العادات يعتقدون أنه من الفرائض ، ويحرصون على أدائه مالا يحرصون معه على أداء الفرائض المؤكدة ، وطرف علماني يحرص على دمغه بأنه سبة في جبين الحقوق الإنسانية ، واعتداء على جسد المرأة ينبغي أن يجرم بسن القوانين . أما الطرف الثالث فهو بعض الإسلاميين الذين ربطوا أنفسهم بحذاء الطرف الثاني لأغراض دنيوية دنيئة كالذين تجمعوا في المؤتمر سالف الذكر والحقيقة الإسلامية في الختان بوجه عام – للرجل أو المرأة - أنه موضع خلاف بين الفقهاء بين أن يكون سنة أو واجبا ولا محل للقول بتحريمه كما يراد للمرأة العصرية المصنوعة في مطابخ الغرب . ففيما رواه الإمام البخاري بسنده ( الفطرة خمس ، أو خمس من الفطرة : الختان ، والاستحداد ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر ، وقص الشارب ) وهو عام في الذكر والأنثى لا يصح تخصيصه بأحدهما بغير دليل . وتفسير الفطرة هنا اختلف العلماء فيه بين معنى الدين ، أو الطريقة : أي طريقة الإسلام ، أو السنة . وختان الذكر قطع الجلدة التي تغطي الحشفة ، وأقل ما يجزئ منها ألا يبقى منها ما يتغشى به شيء من الحشفة ، والأنثى ختانها قطع جلدة أعلى الفرج ،والواجب قطع المستعلية منه دون استئصاله .
قال الإمام ابن حجر في فتح الباري : وقد ذهب إلى وجوب الختان دون باقي الخصال المذكورة في الباب : الشافعي ، وجمهور أصحابه ، وقال به من القدماء عطاء ، وعن أحمد وبعض المالكية يجب . وعن أبي حنيفة واجب وليس بفرض .وعنه سنة يأثم بتركه . وفي وجه للشافعية : لا يجب في حق النساء ، وهو الذي أورده صاحب المغني عن أحمد . وذهب أكثر العلماء والشافعية إلى أنه ليس بواجب . ومن حجتهم حديث شداد بن أوس ورفعه ( الختان سنة للرجال ، مكرمة للنساء ) ، أخرجه أحمد والبيهقي على أن هذا الحديث لا يحتج به من رواية حجاج بن أرطاة ،. لكن له شاهدا أخرجه أبو الشيخ ، والبيهقي من وجه آخر عن ابن عباس ، وأخرجه البيهقي أيضا من حديث أبي يوسف . ...)أه فتح الباري باب قص الشارب كتاب اللباس . و يقول ابن القيم في كتابه تحفة المودود : اختلف الفقهاء في ذلك – أي في حكمه بين الواجب والمندوب - فقال الشعبي وربيعة والأوزاعي ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك والشافعي وأحمد : هو واجب ، وشدد فيه مالك حتى قال : من لم يختتن لم تجز إمامته ، ولم تقبل شهادته . ونقل كثير من الفقهاء عن مالك : أنه سنة ، حتى قال القاضي عياض : الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة ، ولكن السنة عندهم يأثم تاركها ، فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب . وقال الحسن البصري وأبو حنيفة : لا يجب بل هو سنة . وفي فقه الإمام أبي حنيفة : أن الختان للرجال سنة ، وهو من الفطرة ، وللنساء مكرمة ، فلو اجتمع أهل بلد على ترك الختان قاتلهم الإمام ، لأنه من شعائر الإسلام وخصائصه [3]. والمشهور في فقه الإمام مالك في حكم الختان للرجال والنساء كحكمه في فقه الإمام أبي حنيفة . وفقه الإمام الشافعي : أن الختان واجب على الرجال والنساء .[4] وفقه الإمام أحمد بن حنبل : أن الختان واجب على الرجال ، ومكرمة في حق النساء ،وليس بواجب عليهن ، وفي رواية أخرى عنه أنه واجب على الرجال والنساء كمذهب الإمام الشافعي [5].اه وهو على جميع الأقوال لا يعني في حق الإناث استئصالا ولكن خفاضا . وقد استدل الفقهاء على ذلك بحديث أم عطية رضي الله عنها قالت : إن امرأة كانت تختن بالمدينة ، فقال لها : النبي صلى الله عليه وسلم ، " لا تنهكي ، فإن ذلك أحظى للزوج وأسر للوجه ) وجاء مفصلا في رواية أخرى تقول : ( إنه عندما هاجر النساء كان فيهن أم حبيبة ، وقد عرفت بختان الجواري ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : يا أم حبيبة ، هل الذي كان في يدك هو في يدك اليوم ؟ قالت : نعم يا رسول الله ، إلا أن يكون حراما فتنهاني عنه ، فقال رسول الله : بل هو حلال ، فادن مني حتى أعلمك ، فدنت منه فقال : يا أم حبيبة ، إذا أنت فعلت فلا تنهكي ، فإنه أشرح للوجه ، وأحظى للزوج ) . هذا الحديث رواه ... الإمام أحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه ، وأخرجه السيوطي في الجامع الصغير وأشار له بالصحة ، وللحديث شواهد أخرى تقويه ، فقد جاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر شرح صحيح البخاري باب قص الشارب كتاب اللباس عقب نقله قول أبي داود عن هذا الحديث " ليس بالقوي " قلت :وله شاهدان من حديث أنس ، ومن حديث أم أيمن عن أبي الشيخ في كتاب العقيقة ، وآخر عن الضحاك بن قيس ، عند البيهقي. ويشهد له حديث " إذا التقى الختانان وجب الغسل "، قال الإمام أحمد وفي هذا أن النساء كن يختتن [6]. ويؤكده ما رواه أبوهريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال : ( يانساء الأمصار اختفضن ولا تنهكن ) وقد جاء هذا الحديث مرفوعا برواية أخرى عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما. يقول الإمام الأكبر المرحوم الشيخ جاد الحق علي جاد الحق في فتواه في موضوع الختان : ( وهذه الروايات وغيرها تحمل دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ختان النساء ، ونهيه عن الاستئصال .) وليرجع المسلم إلى القاعدة الفقهية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، عند الخلاف المعتبر فقهيا ، ومنها أن يقتصر الأمر أوالنهي على أصحاب المذهب ومما تقدم يتبين أن ختان الإناث ليس فرضا من ناحية ، وإنما هو سنة أو مكرمة بشرط عدم الإنهاك – أي الاستئصال - من ناحية أخرى ، لا يصح محاربتها بالمنع والتحريم أو التجاهل ، ، في المجتمع الذي يشترع بالإسلام ، ولا يقاد بإرهاب الفكر المعاصر .
فهل بقيت معذرة للشيخ طنطاوي لكي (يصف ختان الإناث بأنه عادة تشوه الأعضاء التناسلية للإناث وليشيد بالجهود الرامية للقضاء علي هذه العادة من أجل وقاية الصحة الجسمية والنفسية والاجتماعية والروحية للمرأة المسلمة .. في تقديمه لكتاب «نحو رؤية بديلة متكاملة للقضاء علي عادة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث» للدكتور أحمد رجاء عبدالحميد خبير أبحاث الصحة الإنجابية بالمركز الدولي الإسلامي. !! ) من المصري اليوم (6122006 ) ؟؟!! اللهم إلا أن يكون كلامه ترديدا " أمينا " لقرارت مؤتمر بكين المذكور أعلاه يقول الله سلحانه وتعالى : ( إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين أمهلهم رويدا ) 15-17 الطارق ( ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين ) 18 الأنفال ( وماكيد الكافرين إلا في ضلال ) 25 غافر yehia_hashem@ hotmail .com [email protected] يتبع ------------------------------------------------------------------------ [1] رواه الطبراني ، وورد في مجمع الزوائد كتاب المناقب باب ما جاء في خوات بن جبير رضي الله عنه ، وقال الحافظ الهيثمي : رواه الطبراني من طريقين ، ورجال أحدهما رجال الصحيح غيرى الجراح بن مخلد وهو ثقة . [2] أنظر تحرير المرأة في عصر الرسالة للأستاذ عبد الحليم أبو شقة ج 1 ص 36 - 37 [3] الاختيار شرح المختار ج2 ص 121 [4] الهذب للشيرازي وشرحه المجموع للنواوي ج1 ص 297 [5] المغني لابن قدامة ج1 ص 70 مع الشرح الكبير . [6] كما جاء في تحفة المودود لابن القيم ص 192 ، نقلا عن فتوى الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق جاد الحق ص 9 –13 رحمه الله تعالى .