قال النائب عصام سلطان أن أحد المتسترين علي الفساد سيهرب إلي الخارج قبل وصوله للمعاش أو وفاته حتي لا يطالع العقاب . وأضاف سلطان في تدوينة طويلة كتبها بطريقة "الاسقاط" علي صفحته قائلا : لم تكن هناك أية مشكلة عند آمر العسكر فى إسبرطة القديمة، من الملفات التى بحوزته، على الرغم من أنها كانت تحوى تستراً على كمٍ هائل من الجرائم التى ارتكبها سدنة ورموز الإله، صحيح أنها ملفات كارثية، وأن بها أدلة وبراهين على نهب المال العام وأراضى أثينا بالكامل، إلا أنها لن تفتح إلا بعد موته أو بلوغه سن التقاعد، وقبلها سيهرب إلى روما مع باقى الهاربين حتى يفلت من أية عقوبة محتملة .. إنما المشكلة الحقيقية كانت تكمن فى كم الجثث المدفونة ببدروم مكتبه الكائن بوسط أثينا .. كان آمر العسكر يسأل كاتم أسراره كل يوم عن تلك الجثث : هل تحللت ؟ فيجب المسكين .. لا .. لقد فعل آمر العسكر كل شئٍ ليتخلص من تلك الجثث العجيبة، حفر لها فى أقصى قاع الأرض، ووضع عليها كماً هائلاً من الطبقات العازلة، ودفن معها الأحماض المذيبة للحديد، ومع ذلك كانت إجابة كاتم أسراره عند كل سؤال .. لا .. لماذا إذن هذه الجثث بالتحديد ؟ أليست ككل الجثث التى سبق وأن تخلص منها بأدلتها فى مناسباتٍ عديدة ؟ سواءٌ هو أم آمر العسكر الذى سبقه أم الذى سبقهما ؟ أهى جثثٌ من نوعٍ خاص ؟ كادت الأسئلة تفتك برأسه المثقل، فزاد من الشرب بالنادى اليونانى الذى يبعد خطوات عن مكتبه .. ومن نافذته التى تطل على المعبد القديم، سمع صوت واعظ المدينة الأكبر، الذى كان يتحدث عن السمو فى حب الله والوطن وكيف يصل بصاحبه إلى أعلى المراتب حتى يبلغ درجة الشهادة، وكيف أن الشهيد حين يُدفن فإنه يَحرُم على الأرض أن تأكل جسده ! هنا ارتجَّت الدنيا من حول آمر العسكر، فأطاح بالكأس من النافذة، وأسرع يجرى نحو مكتبه بغير دليلٍ ولا حارس، وأمسك بالمفتاح ونزل إلى البدروم .. وفتح .. ونظر بنفسه لأول مرة .. فوجد عدداً هائلاً من الجثث المُسجَّاة وقد علت وجوهها ابتسامةٌ، ووجد نزفاً لدماءٍ بلونٍ أحمر قانٍ كأنه أُريق الآن، واشتَّم رائحة مسك تملأ المكان كله، وإذا بوجه شابٍ جميلٍ بملامحه الإسبرطية الأصيلة ينتفض قائلاً له : أهلاً .. أنا دانيال .. أتيت إلى هنا منذ عام بالضبط، وهؤلاء إخوانى سبقونى قبل ثمانية أشهر، أما هؤلاء فقد سبقونا منذ ستة أعوام، حين غرقت بهم سفينةٌ فاسدةٌ فى بحر إيجا، وبرأتم قاتليهم كما برأتم قاتلينا، نحن ياسيدى لا نموت .. ولن نموت .. وبقى على الحساب ساعات .. هنا بُهت آمر العسكر وغارت إحدى عينيه إلى الداخل، وإعوج فمُه، وتلعثم لسانه، وأخذ يهذى بكلامٍ غير مفهوم ..