«الشيوخ» ينتقد أوضاع كليات التربية.. ووزير التعليم العالى: لسنا بعيدين عن الموجود بالخارج    اعتماد نتيجة امتحانات الترم الثاني لمعاهد "رعاية" التمريضية بالأقصر.. تعرف على الأوائل    جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة تحتفل بتخريج دفعتها الرابعة لعام 2024/2025    بعد ارتفاعه رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 يونيو 2025    سعر الطماطم والبصل والخضار في الأسواق اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    منصة إلكترونية بين مصر والأردن لضمان حماية العامل    سعر الدينار الكويتي مساء الأحد 22 يونيو بعد القصف الأمريكي على إيران    اعتماد خطة التنشيط السياحي في مصر للعام المالي 2025-2026    مندوب إيران بمجلس الأمن: نتنياهو مجرم الحرب المطلوب دوليا احتجز السياسة الأمريكية رهينة    انفجارات تهز كرج وتبريز شمالي إيران    سيناتور أمريكي: إدارة ترامب تكذب على الشعب الأمريكي    البطريرك الراعي يدين تفجير كنيسة مار إلياس: جريمة مؤلمة طالت الأبرياء في دمشق    جيش الاحتلال: دمرنا منصات صواريخ ورادارات وأقمار صناعية في كرمنشاه وهمدان وطهران    الشرطة الأمريكية: مقتل مشتبه به بعد إطلاق نار في كنيسة بولاية ميشيجان    مستشار المرشد الإيراني: مخزون اليورانيوم المخصّب لا يزال سليمًا    ريبييرو: الأهلي سيكون قويا للغاية أمام بورتو    بذكريات «أطهر» ولدغة «مدبولي».. هل يتكرر سيناريو إفريقيا والدوري مع الأهلي في المونديال؟    كأس العالم للأندية 2025.. ثلاثة أفارقة في تشكيل سالزبورج أمام الهلال    كورتوا ينتقد أسينسيو: كرر نفس الخطأ مرتين.. وعليه أن يكون أكثر ذكاءً    «المصرى اليوم» تقتحم ملف البيزنس الخفى للاتجار فى اللاعبين الأفارقة    تقارير: موناكو يحسم صفقة بوجبا    زكي عبد الفتاح: ميدو أسوأ تجربة احتراف للاعب مصري    زكي عبد الفتاح: نتائج الأهلي في مونديال الأندية طبيعية.. تعاقد مع لاعبين فرز تالت    غرق طفلين أثناء الاستحمام بترعة في حوش عيسى بسبب حرارة الجو    شكاوى من صعوبة «عربى» الثانوية.. وحالات إغماء بين الطلاب    تفاصيل القبض علي المتهم بقتل زوجته بعلقة موت في الدقهلية    رئاسة حى غرب المنصورة تواصل حملاتها المكبرة لرفع الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    استعدوا لمنخفض الهند «عملاق الصيف».. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم (تفاصيل)    إصابة 6 أشخاص خلال مشاجرة ب الأسلحة البيضاء في المنوفية    مصرع عامل إثر سقوطه من أعلى محطة مياه في سوهاج    غرق شابان في بركة زراعية على طريق شرق العوينات في الوادي الجديد    لا تسمح لأحد بفرض رأيه عليك.. حظ برج الدلو اليوم 23 يونيو    «المهرجان الختامى لفرق الأقاليم» يواصل فعاليات دورته السابعة والأربعين    صنّاع وأبطال «لام شمسية»: الرقابة لم تتدخل فى العمل    18 يوليو.. هاني شاكر يلتقي جمهوره على مسرح البالون في حفل غنائي جديد    وهل تكون السعادة الأبدية في قبلة!؟    بالأرقام.. ممثل «الصحة العالمية» في مصر: 50% من حالات السرطان يمكن الوقاية منها    وداعًا لأرق الصيف.. 4 أعشاب تقضي على الأرق وتهدئ الأعصاب    حلم أنقذ حياتها.. نيللي كريم تكشف عن تفاصيل إصابتها بورم بعد تشخيص طبي خاطيء    بحضور وزير التعليم العالي.. تفاصيل الجلسة العامة لمجلس الشيوخ اليوم| صور    تمثال ميدان الكيت كات ليس الأول.. مجدي يعقوب ملهم النحاتين    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بمصر تؤكد أن مصر بعيدة عن أي تأثير مباشر نتيجة استهداف الولايات المتحدة لمنشآت تخصيب وتحويل اليورانيوم في إيران.    قرار وزارة جديد يُوسع قائمة الصادرات المشروطة بتحويل مصرفي مُسبق عبر البنوك    مزاح برلماني بسبب عبارة "مستقبل وطن"    خبير للحياة اليوم: الضربات الأمريكية عكست جديتها فى عدم امتلاك إيران للنووى    الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات سلوك محرم يهدر الحقوق ويهدم تكافؤ الفرص    هل يُغسل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعية بعدم تغسيله؟.. الإفتاء تجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كأنك تقول ان هناك طريق "غير جاد"    وظائف خالية اليوم.. المؤسسة القومية لتنمية الأسرة تطلب أفراد أمن وسائقين    مصرع عامل في تجدد خصومة ثأرية بين عائلتين بقنا    خبير استراتيجي: إيران لن تجلس على مائدة المفاوضات وهي مهزومة    عميد قصر العيني يعلن إصدار مجلة متخصصة في طب الكوارث    رئيس "الشيوخ" يحيل تقارير اللجان النوعية إلى الحكومة -تفاصيل    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    بحضور نائب رئيس الوزراء ووزير الثقافة.. محافظ الجيزة يشارك في فعاليات إقامة تمثال يخلّد مسيرة الدكتور مجدي يعقوب    وزير التعليم العالي ومجدي يعقوب يشهدان بروتوكول بين جامعة أسوان ومؤسسة أمراض القلب    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مطالبة جمال مبارك بتحديد موقفه من طموحه للرئاسة .. وكاتب يستنكر عليه التسلل إلى مقاعد الجيش !! .. والحديث عن صراع مكتوم في القمة بين الأب والابن .. وكاتب يتهم عوام الناس بأنهم عون للحاكم الديكتاتور !!
نشر في المصريون يوم 04 - 10 - 2005

خيمت على الصحف المصرية الصادرة اليوم (الثلاثاء) أجواء التوتر والتحفز المصاحبة لاستعدادات الأحزاب والقوى السياسية للانتخابات البرلمانية القادمة .. وفي هذا السياق أبرزت الصحف المعارضة والمستقلة تحركات منظمات المجتمع المدني لاستصدار قرار رسمي بمراقبة الانتخابات البرلمانية القادمة . وقد طلبت 16 منظمة عقد لقاء مع وزير العدل رئيس لجنة الانتخابات بهدف استطلاع رأيه حول مراقبة منظمات المجتمع المدني للانتخابات القادمة وطرح رؤية المنظمات واقتراحاتها لضمان نزاهة الانتخابات وحيدتها ومنعاً للطعن علي نتائجها محلياً ودولياً . وأكدت المنظمات إصرارها علي مراقبة الانتخابات وحقها في تقديم الشكاوى إذا ثبت وجود تلاعب في سير الانتخابات أو نتائجها . في غضون ذلك تسلم الرئيس مبارك تقريرا من المجلس القومي لحقوق الإنسان حول الانتخابات الرئاسية . التقرير تضمن رؤية المجلس حول العملية الانتخابية بداية من الترشيح ومرورا بالحملة الانتخابية وانتهاء بإعلان النتيجة . وسيتم رفع نفس التقرير إلى رئيسي مجلس الشعب والوزراء والجهات المعنية الأخرى . من ناحية أخرى تحدثت الصحف عن خلافات قوية داخل المجلس بسبب اللجنة المشرفة على الانتخابات الرئاسية التي رأسها المستشار ممدوح مرعي وطالب عدد من أعضاء المجلس بضرورة ان يتضمن التقرير النهائي توجيه اللوم إلى اللجنة بسبب رفضها السماح لمنظمات المجتمع المدني بمراقبة الانتخابات رغم صدور حكم قضائي بذلك ثم تراجعها تحت ضغط الرأي العام ، إضافة إلى تضارب قراراتها ، كما أن اللجنة الرئاسية تميزت بعدم الشفافية فقررت عدم إعلان الأصوات في اللجان ولا اللجان العامة وظل الأمر سراً حتى إعلان النتيجة النهائية . كما استبعدت اللجنة عدداً من القضاة بمجلس الدولة واستعانت بمحامين للحكومة في رئاسة بعض اللجان العامة وذلك حسبما أفادت صحيفة (الوفد)، وأكد الأعضاء ضرورة أن يتضمن تقرير المجلس بشأن الانتخابات الرئاسية كل ما حدث ويعكس ما وثقته منظمات المجتمع المدني من تجاوزات واستنكر الأعضاء محاولات الحكومة التعتيم علي الخلافات ومحاولة إظهار أن الأمور تسير على ما يرام وأشاروا إلى أن المجلس لم يدع الأعضاء لمناقشة التقرير رغم الانتهاء من صياغته . إلى ذلك أبرزت صحيفة المصري اليوم آراء نخبة من السياسيين والخبراء ، الذين اجمعوا على ضرورة حسم موقف "جمال مبارك" مما يثار حوله من طموحه لتولي الحكم ، وطالبوا بتحديد الموقف من مسألة ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة ، وذلك حتى تتضح الأمور للجميع ، ونخرج من حالة الضبابية والفوضى العارمة التي تتخبط فيها البلاد هذه الأيام . ومن الأخبار والموضوعات المهمة التي نشرتها الصحف ، استمرار التظاهرات الطلابية لليوم السادس على التوالي فيما يشبه ب (انتفاضة الطلبة) .. الحزب الوطني يطيح ب 40% من نوابه القدامى ويستبدلهم بأعضاء من أمانة السياسات .. حزب التجمع يخوض الانتخابات في 60 دائرة فقط بسبب أزمته المالية .. زكريا عزمي رئيسا لمجلس الشعب ، ومصطفى الفقي أمينا للجامعة العربية .. تصريحات ل أيمن نور يتهم المنشقون عليه بأنهم عملاء للحكومة ، ويرحب بفكرة الجبهة الموحدة للمعارضة ويبدي استعداده للتعاون معها ، لكن زعماء المعارضة –حسبما أكد- لم يتصلوا به ولم يعرضوا عليه المشاركة حتى الآن (!!) . نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة الوفد ، التي ترتفع سخونة انتقاداتها للحكومة يوما بعد يوم ، لدرجة أن عدد اليوم حمل 4 مقالات لاذعة وجهت نقدا عنيفا للحكومة ولمجمل الأوضاع التي يعاني منها المصريون . تحت عنوان : (فسادنا.. ثقافة فقر!!) كتب د. ياسر العدل قائلا : " نحن المصريين المعاصرين نعاني من تخلف في مجالات متعددة ، تسود حياتنا ثقافة فقيرة المحتوي ، تحفظ جمود النصوص وتحتفي بالبشر الطغاة ، ترجئ العمل مع الظواهر بالتجريب والتحليل، وتبقي حياتنا دون إبداع أو تطور، ثقافتنا السائدة فقرها مركب من جهل العقل بأصول التفكير ومن جوع الوجدان للانتماء . من جهل عقلنا الجمعي بأصول التفكير، تسكن عقولنا أفكار بالية تصل في ثباتها إلي حد البديهيات ، يري معظمنا أن ابن الملك هو ملك يرث عن أبيه الأرض والناس ، ويري معظمنا أن ابن الجارية هو عبد ترث الأرض جثته ويملك السادة وجدانه ، ومن جوع وجداننا الجمعي للانتماء الحي ، نضخم الانفعالات في صدورنا ونعطي للأشياء أحجاما غير طبيعتها ، هكذا يصبح من شعاراتنا الاستقلال التام أو الموت الزؤام، وتحت سماء الشعارات الجليلة، تكبلنا قيود الفقر فنعيش موتي كالعبيد، وينطحنا قهر السلطة فنموت دون استشهاد ، هكذا تساعدنا ثقافتنا علي أن نصف ما يحيطنا من أحداث بصفات الأكبر والأعظم والأسوأ ، ويكون عندنا أكبر محرقة للفنانين في العالم، وأعظم كارثة انتخابات في الدول ، وأطول حكم للنظام العسكري في القارة ، وتساعدنا ثقافتنا علي أن نهدر حقوق المساواة بين البشر ، ويكون لدينا أصحاب السعادة والعزة والجلالة والفضل والمعالي . وأضاف الكاتب : "ثقافتنا السائدة فقيرة الإبداع ، نلوك حروف النصوص والقوانين جامدة بين ألسنتنا ، نخشى تأويل المعاني في العقول ونرهب سريان الشروح في الوجدان ، نري للنصوص حياة مستقلة عن حياتنا ، نواجه الحياة بصور نصنعها نحن ، وكأن الحياة ليس فيها غير ما نتصور ، هكذا نتناول الحدث البسيط كأنه واقعة ليس لها من واقعة . حين ينتشر الفساد في مجتمع ما يسعى الناس جاهدين لرصد حالات الفساد ، وحين تسود ثقافة فقر العقل ، تتضارب معايير الحكم علي الفساد بين الراصدين ، ويفشل المجتمع في علاج الفساد ، ذلك بأن راصدي الفساد لا يستطيعون التفرقة في القيمة الأخلاقية بين الصلاح الفساد ، إنهم ينظرون للفساد بمعيار كمي يقيس هوان ما يكسبونه مقارنة بما يكسبه الآخرون ، هكذا طبيعة راصد الفساد تحت ثقافة فقر الثقة بالنفس ، إنسان ضعيف يمارس الحسد ويتمني التغيير دون أن تكون لديه قدرة علي تحريك إرادة التغيير . في مجتمع تظلله ثقافة الفقر ، حين يرصد راصد واقعة فساد كبير سرق فيها أحدهم مليار جنيه ، فإن هذا الراصد كثيرا ما يتغاضى عن واقعة فساد صغير تقاضي هو فيها خمسة جنيهات علي سبيل الرشوة ، هذا الفاسد الصغير لا يقبل اللوم علي قبول الرشوة ، ويحاول إقناع الآخرين بأن المجتمع جعل منه فقيرا لا تحل أزمته دون أخذ الخمسة جنيهات من هنا وجنيهين من هناك، هذا الفاسد الصغير تعطيه ثقافة الفقر غطاء وجدانيا يري أن أبواب الرزق لا يحصيها إلا حاسد ولا يغلقها إلا بخيل، وأن قيمة الخمسة جنيهات تافهة بجوار قيمة المليار جنيه، ثقافة الفقر تسعف الفاسد الصغير في إدراك الحجم المادي المباشر للفساد، لكنها لا تسعفه في إدراك الانهيار الأخلاقي وراء فعلة الفساد مهما كان حجمها وآيا كان مرتكبها. إن تكرار وقائع الفساد في المجتمعات البشرية ، يقضي بأن الفاسد الصغير يصنع آلافا من الفاسدين الكبار ، وتحت عباءة ثقافة الفقر ، يري كثير من الناس أن الملوك والأمراء والرؤساء فاسدون وأنهم إذا حكموا دولا أفسدوها ، ليس لأنهم فاسدون بالفعل بل لأن هؤلاء الكثير من الناس غير قادرين علي أن يكونوا أعظم فسادا . في بلادنا لا خلاص من أشكال الفساد المادي والأخلاقي دون ثورة تهز أعمدة ثقافتنا الفقيرة السائدة ، ثورة تصل بنا إلي ثقافة جديدة تضع التعريفات والمحددات للظروف والوقائع المحيطة بما يخدم تطور مجتمعاتنا ، ثقافة تعلي قيمة حرية الفرد وترفع قدر المجموع، تضع أيدينا علي أدوات تضبط غرائز الفرد في التسلط وتتجاوز سعيه الأناني للسيطرة علي الجماعة، لا تري في البشر عاصما أو معصوما هو بعيد عن المساءلة ، ثقافة ترسخ في أذهان الجميع فكرة المساواة بين البشر في الحقوق والواجبات. نحن بحاجة إلي ثقافة جديدة ، تري أن من يحملون صفات أصحاب سعادة أو عزة أو سيادة أو جلالة أو فضل أو معالي ، إنما يحملون صفات غير إنسانية كاذبة ، صفات لا تعلو بأحد من البشر فوق أي حساب . ونبقى مع الوفد حيث كتب سيد أمين عن العوام والاستبداد قائلا : " العوام هم سيف المستبد وترسه .. بهذا الوصف تحدث العلامة عبد الرحمن الكواكبي في كتابه الأشهر (طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد) واصفا عامة الناس وطرق مساعدتهم للمستبد . والحقيقة أن العامة هم مطية المستبد في الوصول لغاياته .. هم قوته عليهم .. هو بهم يقوي وهم به يضعفون .. هم يكتوون بناره وهو يستنير بنورهم .. هم زاده وزواده .. وهو نقصهم وعوزهم .. المستبد يعلو علي جماجم موتاهم .. وهم يعيشون ليسلبهم روحهم .. هم حجته وهو حدهم . والمشكلة التي أشار إليها الكاتب أن العامة قد فقدوا علي مر العصور تمييز ما يفيدهم عما يضرهم وذلك من طول بطشه بهم .. فلو منحهم فرصة للخلاص لخافوا أن يكون هذا كمينا لهم يكشف به نواياهم نحوه .. فيهبوا له فداء بالروح وبالدم في تسابق مهين للنجاح في الاختبار المهين. العامة يمجدون المستبد .. وكأن جمعهم ليس إلا غثاء سيل خر من يده .. ولعلنا نتذكر ذلك المثل الشعبي الشائع الذي يقول "ماذا فرعنك يا فرعون فقال: ما وجدت من يلمني" وذلك لأنهم يعتقدون أن فرعون هو مثال للاستبداد بغض النظر عن صحته وكذبه .. إنما هو خيال العامة عن أسباب الاستبداد . والمستبد يصور لهم أن لولا حكمته ورقة قلبه لما أمكنهم أن يحيوا بدونه .. فهو يصنع لهم كل صباح معجزة لملء بطونهم الفارغة رغم أنهم لا يأكلون إلا فتات ما يجود به مما صنعته أيديهم هم ورواه عرقهم المخضب بالإهانة .. قاصدا من ذلك ربطهم به وقطع الطريق علي فرص الخلاص . والمستبد يمتاز بكونه ناكرا للجميل .. فحينما تأتي الرياح له بالجود يشعر بالزهو والبطر .. فيبيح منكرات الأفعال في الرعية تحت ستار التضحية من أجل الوطن .. وذلك لأن ذاته تضخمت حتى صارت بحجم الوطن . وحينما تأتي الرياح له بالعسر .. يهب متمردا منقلبا علي الرعية .. واصفا سلوكهم بأنه مصدر النكسات .. وكأن فنون قمعه لهم هي عمل من أعمال السياسة الواجبة علي الحاكم !! والمستبد يتميز بالجهل .. هو يبخل عليهم بالعلم مدركا أن علمهم تمردا عليه .. وهو يسعى دائما لجعلهم في حاجة إلي فتاته .. هو دائما يخيفهم من المستقبل ويصوره لهم بأنه حالك الظلام وأنه لولا خصال منحه الله إياها وهبات ميزه الله بها لما استنارت الطريق أمامهم . والمستبد يتميز أيضا بالبخل .. يبخل علي العامة بالعدل .. وهم يجودون له بدمهم وعمرهم الذي مثل لهم وقودا دافعا لإطالة أمد استبداده .. هو يصور قليل ما بأيديهم كأنه صيد ثمين رغم أنهم هم والأرض والفضاء التي يقيمون عليها ملك لاستبداده . ومشكلة العامة والمستبد هي مشكلة أزلية.. لا يمكن حلها إلا بإيجاد قدر من الوعي لدي العامة يمكنهم من الفرز دون خوف أو وجل ودون استدعاء للقيم الانتهازية من جانب . مع ضرورة أن يتوافر ذلك الحاكم العادل الذي يدرب الشعب عمليا علي عدم الخوف من الحرية وأن يستجيب لمطالبهم متي قرروا . والى صحيفة العربي التي كتب رئيس تحريرها "عبد الله السناوي" مقالا بعنوان : (رئيس تحت الحصار) قال فيه " أن المشاهد السياسة في مصر تبدو مضطربة بتفاعلاتها وأجوائها ، ماضية إلى حيث لا يعرف أحد ، السيناريوهات كلها مفتوحة على مخاوف وبشائر ، كأن مصر توشك أن تعقد قرانا مع المستقبل على ورقة طلاق ، أو كأنها -بالمقابل- توشك أن تدخل هذا المستقبل بزواج أبدى مع الديمقراطية وقواعدها بانتقال سلمى للسلطة مستندا على دستور جديد وعقد اجتماعي جديد . وتبدو مصر -الآن- بقواها السياسية كمن قفز في الهواء عالياً ، وعليه أن يهبط بقوانين السياسة والطبيعة معاً ، دون أن يكون متأكدا ، وهو معلق في هواء التفاعلات المضطربة ، أن تحته أرض ، وأن هبوطه عليها سوف يكون سالما . وقد تبدو الانتخابات النيابية المقبلة أرضا مفترضة للهبوط فوقها بسلام ، وربما يأمل كثيرون في أن تمضى الإجراءات الانتخابية بصورة نزيهة تزيح عن الهيئة التشريعية ما لحق بها على مدى عقود من هزل أحالها إلى إدارة ملحقة بالسلطة التنفيذية ، وبما يسمح بإعادة صياغة الحياة السياسية من جديد بموازين قوى سياسية حقيقية تعكس نفسها تحت قبة البرلمان ، غير أن الآمال الطيبة لا تتحقق من نفسها، أو بمجرد أن تتعلق بها القلوب، فالتحول إلى الديمقراطية ليس رحلة خلوية تقوم بها المعارضة مع الحكومة، فقوانين الصراع تفرض نفسها، ومصر تفتقد -إلى حد كبير-
قواعد واضحة للصراع السياسي ، بما قد يحمله ذلك من مخاطر ومخاوف، قد تصل - بتداعيات الأمور- إلى صدام محتم، والانتخابات النيابية -في كل الأحوال- نقطة فارقة وكاشفة في نفس الوقت للمدى الذي يمكن أن يذهب فيه نظام الحكم الحالي في القبول بالديمقراطية وقواعدها. نقطة فارقة لها ما بعدها ، وكاشفة لما سوف يجرى لاحقا . وسأل السناوي : كيف يفكر -الآن- الرئيس مبارك؟.. وما هي مشاعره الحقيقية تجاه كل ما يحدث من حوله؟. هناك من يعتقد أن جمال مبارك نجل الرئيس وأمين لجنة السياسات في الحزب الوطني هو الحاكم الفعلي لمصر الآن ، وأن الرئيس مبارك راض عن هذا التطور وموافق عليه ، غير أن معلومات مؤكدة بدأت تنتشر في الجو السياسي القريب من رئيس الجمهورية تشير إلى مشاعر حزن لديه مترتبة على الوتيرة التي تجرى بها الأمور في لجنة السياسات التي يترأسها نجله ، ولعل مأزق الرئيس أن عواطف فياضة تتملكه ، بطبائع البشر ، تجاه نجله الأصغر ، غير أنه يستشعر -في نفس الوقت- أن الطريقة التي يتصرف بها أنصار نجله تحمل قدرا من الاستهانة بمقام رئيس الجمهورية ، كأنه غير موجود ، أو رئيس شرفي ، أو أن كل ما هو مطلوب منه أن يوقع ، وتوقيعه ملزم لأجهزة الدولة ومؤسساتها ، على ما يطلبون من قرارات وإجراءات . ومن المؤكد أن الرئيس مبارك يتحمل القسط الأكبر من هذا المأزق الإنساني والسياسي الذي يجد نفسه فيه اليوم ، ومن غير المعقول أن يضطر رئيس الجمهورية ، بما له من صلاحيات دستورية وأوضاع استقرت على مدى ربع قرن ، أن يؤكد لبعض زواره والمقربين منه بإشارات لا تخفى أنه الرئيس الفعلي للبلاد، فالرئيس -دستورياً- ليس في حاجة إلى مثل هذا التأكيد ، ومن واجبه أن يضع حداً لهذا الهزل الذي يجري ، وينال في أروقة الحزب الوطني ولجنة سياساته من دوره المنصوص عليه في الدستور . وأضاف السناوي : "في التفكير العام للرئيس مبارك -حسب معلومات مؤكدة- أنه يتوجب فرملة جموح لجنة السياسات في التطلع للإمساك بالسلطة ، وهو يصف المجموعة الملتفة حول نجله في لجنة السياسات بعبارات مستخفة يصعب ترديدها ، وهو لا يميل -في هذه المرحلة على الأقل- إلى إسناد أية أدوار تنفيذية عليا في التشكيل الوزاري المقبل إلى أسماء بعينها مقربة من نجله ، وله اعتراضات واضحة وقاسية على بعض هذه الأسماء ، والمأزق -هنا- أن السيد جمال مبارك ، بلا سند من الدستور ، يتصرف كرئيس جمهورية فعلي ، والجماعة المحيطة به أخذت تنشر في الجو السياسي تكهنات وبالونات اختبار عن التشكيل الوزاري المقبل وتغييرات أخرى تلحقها في رئاسة مجلسي الشعب والشورى ومواقع سيادية، بينما الرئيس المخول دستوريا حكم البلاد يلعب دور المعارضة أو الممانعة -بصياغة أخري- لبعض توجهات وأشخاص هذه الجماعة ، وقد يصلح مثالا كاشفا لتضارب مراكز السلطة والنفوذ في طبعتها الجديدة أن جماعة لجنة السياسات حزمت أمرها على إطاحة ما يسمى بالحرس القديم في الحزب الوطني والدولة ، وبدأت في حملة علنية ضد رموزها، وأخذت هذه الرموز القديمة -واضعة في الاعتبار الحقائق الجديدة- توطن نفسها على الاستسلام لما تأتى به المقادير ، ومغادرة السلطة قريبا ، وبدأت لعبة التكهنات -بتسريبات متعمدة- تطرح البدائل ، وأخذت قيادات لجنة السياسات تتأهب لنيل نصيبها من السلطة العليا، هذا كله جرى بموافقة ، أو على الأقل بضوء أخضر ، من أمين لجنة السياسات ، وكان التوجه الرئيسي للجنة إطاحة صفوت الشريف من منصبه كأمين عام للحزب الوطني وكمال الشاذلي من أمانة التنظيم في المؤتمر السنوي للحزب الذي جرت وقائعه الخميس والجمعة الماضيين ، غير أن الرئيس مبارك مانع في ذلك، وكان تقديره أنه لو تركت الانتخابات التشريعية لما يسمى بالحرس الجديد، المتأثرين بالنموذج الأمريكي، فإن النتائج سوف تكون مفزعة ، وربما لا تتجاوز حصة الحزب الوطني نسبة ال 20%. ويصعب -في مثل هذه الأحوال والملابسات- الحديث عن حرس قديم وجديد وصراع بينهما ، فالقديم مستسلم لمقاديره ، والجديد يستند إلى سلطة الدولة ممثلة في نفوذ نجل الرئيس، الصراع الحقيقي - فيما يبدو من ظاهر الحوادث -على نحو مختلف وملتبس ومعقد سياسياً وإنسانياً بين أب وابن ، العواطف الشخصية بينهما مؤكدة، غير أن جموح المحيطين بالأخير بدأ ينال من هيبة الرئاسة داخل مؤسسات الدولة ، ولهذا كله تداعياته الخطيرة على المستقبل السياسي المصري . الموضوع نفسه تناوله "حمدين صباحي" في صحيفة الكرامة ، معنونا مقاله ب (لماذا تسلل جمال مبارك إلى مقاعد الجيش؟!) وقال : " تصاعد دوي التصفيق في قاعة مجلس الشعب صباح يوم الثلاثاء الماضي ، في مراسم أداء الرئيس مبارك القسم ، تدشيناً لولايته الخامسة . فجأة خيم الصمت على القاعة ، عندما تعالت أصوات المدفعية تُرسل طلقاتها في فناء المجلس تحية للحفل ، وكان الصمت الذي يرجه الهدير تعبيراً عن الفارق الشاسع بين دوي التصفيق ودوي المدافع .. لحظات قصيرة مُفعمة بالإيحاءات والأسئلة والاحتمالات . كان المشهد جديراً بتأمل التفاصيل، لكن اللقطة الأكثر إثارة للأسئلة لم تكن في القاعة ، أو على المنصة التي جذبت الأضواء والعدسات، وإنما كانت في شرفات المجلس ، التي تضم الضيوف . في المقصورة الرئيسية ، في منتصف الدور المُطل على القاعة العريقة ، التي خُصصت لقادة القوات المسلحة ، هنا جلس "جمال مبارك"(!!) وعلى يساره في الصف الأول رئيس الأركان ، ثم الوزير عمر سليمان ، وفي الصف الثاني قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة يتوسطهم قائد القوات البحرية بزيه الأبيض الناصع ، وكلهم في الملابس الرسمية المُزينة بالنياشين . وكانت السيدة ، حرم الرئيس ، تتوسط المقصورة المجاورة - يميناً- تحوطها قيادات نسائية ، ربما كان منطقياً أكثر لو جلس الابن مع الأم يحتفيان بالأب يوم تنصيبه . كانت المقصورة المجاورة- يساراً- تضم الزملاء رؤساء تحرير ، وفي صفهم الأول جلس الدكتور يوسف والي؟!. (لماذا تخلى عن حقه في الجلوس داخل القاعة"وهو عضو"!..بسبب الزحام؟). ربما كان منطقياً أكثر لو جلس صاحب شعار "الفكر الجديد" وقائد الحملة الإعلامية في الانتخابات الرئاسية مع رجال الصحافة "القومية".! في الشرفة المجاورة ، تجاور رؤساء الأحزاب"المعارضة"! الذين نافسوا الرئيس مبارك على مقعد الرئاسة(تغيب د.نعمان جمعة) ، وربما كان منطقياً أكثر لو جلس أمين لجنة السياسات والرجل القوي في الحزب الوطني مع قادة الأحزاب . وربما كان منطقياً أكثر لو جلس بجوار باقي قيادات حزبه ، أو حتى مع شيخ الأزهر وبابا الكنيسة ، لكن الشاب الجامح في سباق الاستحواذ على السلطة ، الطامح إلى وراثة مقعد أبيه ، ترك ما كان منطقياً أكثر ، وجلس على مقاعد قادة الجيش . ويصعب القول بأن المشهد صنعته الصدفة ، لأن "البروتوكول" صارم في صياغة طقوس المناسبة ، والمقام في مثل هذا الاحتفال ، لا يتسع للارتجال . ويتساءل صباحي : ما الرسالة التي أراد الشاب الجموح الطموح إرسالها ، بحرصه على الجلوس في مقاعد الجيش؟!. هل يُريد أن يرد على الرفض الشعبي المُتصاعد لسيناريو التوريث بالإيحاء بأن القوات المسلحة- التي يكن لها الشعب أعمق مشاعر التقدير والاعتزاز والثقة- بعيدة عن المشاعر الشعبية؟!. هل يُريد التقرب من الشعب بالتقرب من الجيش؟. هل يريد أن يوحي باحتمال أن يكون الجيش طرفاً في الجدل الهادر في الحياة السياسية المصرية ، حول مشروعية التوريث؟. هل يُعوض شعوراً لديه بأن أنصاره ونخبته ونفوذه في الحزب والحكومة ، ورجال المال والأعمال والإعلام ، كله دون رضا الجيش باطل وقبض ريح؟!. كلها – وغيرها- أسئلة جديرة بالتأمل ، لم تجد فرصة لاكتمال الإجابة ، في لحظات الصمت المشحونة بالدلالات ، ما بين دوي التصفيق .. وهدير المدافع .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة