كاتب وأديب، من رواد الرواية والكتابة المسرحية العربية ومن الأسماء البارزة فى تاريخ الأدب العربى الحديث، كانت للطريقة التى استقبل بها الشارع الأدبى العربى نتاجاته الفنية بين اعتباره نجاحا عظيما تارة وإخفاقا كبيرا تارة أخرى الأثر الأعظم على تبلور خصوصية تأثير أدب وفكر توفيق الحكيم على أجيال متعاقبة من الأدباء ،وكانت مسرحيته المشهورة "أهل الكهف" فى عام 1933 حدثا مهمًا فى الدراما العربية. فقد كانت تلك المسرحية بداية لنشوء تيار مسرحى عرف بالمسرح الذهنى بالرغم من الإنتاج الغزير لتوفيق الحكيم فإنه لم يكتب إلا عدداً قليلاً من المسرحيات التى يمكن تمثيلها على خشبة المسرح فمعظم مسرحياته من النوع الذى كُتب ليُقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالماً من الدلائل والرموز التى يمكن إسقاطها على الواقع فى سهولة لتسهم فى تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعى. سمى تياره المسرحى ب "المسرح الذهنى" لصعوبة تجسيدها فى عمل مسرحى، وكان الحكيم أول مؤلف استلهم فى أعماله المسرحية موضوعات مستمدة من التراث المصرى عبر عصوره المختلفة، سواء أكانت فرعونية أو رومانية، أو قبطية أو إسلامية. ولد توفيق إسماعيل الحكيم بالإسكندرية فى مثل هذا اليوم عام 1897 لأب مصرى من أصل ريفى يعمل فى سلك القضاء فى قرية الدلنجات إحدى قرى محافظة البحيرة، وكان يعد من أثرياء الفلاحين، ولأم تركية أرستقراطية، كانت ابنة لأحد الضباط الأتراك المتقاعدين، وكانت والدته سيدة متفاخرة بسبب أصلها التركى، فكانت تقيم العوائق بين توفيق الحكيم وأهله من الفلاحين، وتعزله عنهم وعن أترابه من الأطفال وتمنعهم من الوصول إليه. التحق بمدرسة دمنهورالابتدائية، ثم ألحقه أبوه بمدرسة حكومية فى محافظة البحيرة، حيث أنهى الدراسة الثانوية، ثم انتقل إلى القاهرة مع أعمامه، لمواصلة الدراسة الثانوية فى مدرسة محمد على الثانوية، بسبب عدم وجود مدرسة ثانوية فى منطقته. شارك فى ثورة 1919 مع أعمامه وقبض عليهم واعتقلوا بسجن القلعة، إلا أن والده استطاع نقله إلى المستشفى العسكرى إلى أن أفرج عنه حيث عاد عام 1920 إلى الدراسة وحصل على شهادة الباكالوريا عام 1921، ثم انضم إلى كلية الحقوق بسبب رغبة أبيه ليتخرج فيها عام 1925، ثم التحق توفيق الحكيم بعد ذلك بمكتب أحد المحامين المشهورين، فعمل محاميًا متدربًا فترة زمنية قصيرة، ونتيجة اتصالات عائلته بأشخاص ذوى نفوذ تمكن والده من الحصول على دعم أحد المسئولين فى إيفاده فى بعثة دراسية إلى باريس لمتابعة دراساته العليا فى جامعتها بقصد الحصول على الدكتوراة فى القانون والعودة للتدريس فى إحدى الجامعات المصرية الناشئة، لكنه انصرف عن دراسة القانون، واتجه إلى الأدب المسرحى والقصص، وتردد على المسارح الفرنسية ودار الأوبرا، فاستدعاه والداه فى سنة 1927 أى بعد ثلاث سنوات فقط من إقامته هناك، وعاد الحكيم صفر اليدين من الشهادة التى أوفد من أجل الحصول عليها، وعمل وكيلاً للنائب العام سنة 1930 فى المحاكم المختلطة بالإسكندرية ثم فى المحاكم الأهلية. عندما قرأ توفيق الحكيم أن بعض لاعبى كرة القدم دون العشرين يقبضون ملايين الجنيهات قال عبارته المشهورة: "انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم، لقد أخذ هذا اللاعب فى سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام إخناتون". وفى سنة 1934 انتقل إلى وزارة المعارف ليعمل مفتشاً للتحقيقات، ثم نقل مديراً لإدارة الموسيقى والمسرح بالوزارة، ثم إلى الشئون الاجتماعية مديرًا لمصلحة الإرشاد الاجتماعى، ثم استقال فى سنة 1944، ثم عاد ثانية إلى الوظيفة الحكومية سنة 1954 مديرا لدار الكتب المصرية، وفى نفس السنة انتخب عضواً عاملاً بمجمع اللغة العربية، وفى عام 1956عيّن عضوًا متفرغًا فى المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب بدرجة وكيل وزارة، وفى سنة 1959 عيّن كمندوب لمصر بمنظمة اليونسكو، ثم عاد إلى القاهرة فى أوائل سنة 1960إلى موقعه فى المجلس الأعلى للفنون والآداب، وعمل بعدها مستشاراً لجريدة الأهرام ثم عضواً بمجلس إدارتها فى عام عام 1971، وكان صاحب مقال ثابت بها حتى وفاته فى 26 يوليو سنة 1987م.