نعم إنه كابوس أصاب أهل المحروسة. فهل آن الأوان أن نزيل هذا الكابوس الجاثم على صدورنا. ألم يأن لأهل المحروسة أن يتفهموا حال بلدهم وما هى إمكانياتهم فى التغيير. فالحديث عن الكابوس والآلام انطلق من الآثار التى خلفتها انتفاضة يناير، حيث إنها وضعتنا جميعا أمام أنفسنا وأصبحنا نتفهم معنى الفساد بأشكاله وأنماطه المختلفة، فنجد أن أهل المحروسة كلهم أجمعين قد نالوا حظهم من الفساد. فكلنا فاسدون وكل منا فاسد بقدر مشاركته للدولة العميقة أو الانتفاع منها. والدليل على ذلك هو استشراء الفساد الفوضوى، وتلك المطالبات الفئوية لفئات مختلفة من أهل المحروسة (العمال.الموظفون.الإداريون.الأطباء...)، لذا الكل مشترك باختلاف ثقافته فى هذه الفوضى الفئوية ولو تحرك هؤلاء للمطالبة بحقوقهم فى الوقت المناسب منذ عشرات السنين لتغير وضع المحروسة. ولكن استخدام القوة واستعمال اليد الحديدية - عكس اليد المرتعشة - من قبل الأنظمة السابقة أدى إلى سكوت هؤلاء جميعا حتى تردت أوضاعهم، وعليه أصبحت الرشوة هى السبيل إلى إتمام منظومة الحياة لكثير من أبناء الجهاز الإدارى أو الحكومى، ففساده قد وصل إلى مدى بعيد. نعم نعلم حق الجميع فى لقمة العيش فى إطار من العدالة الاجتماعية ومناخ يتسم بالحرية ولينعم أهل المحروسة بهذه الحرية والعدالة، ولكن السؤال هل نستورد من يقدم لنا العيش والحرية أم نشتريها! طبعا لا يمكن أن نستوردها وليتها كانت.. ولكننا لابد أن ندفع الثمن فهل أنتم مستعدون؟ من الواضح أن أهل المحروسة فقدوا الكثير من الحصافة فلم يقدموا ثمن الحرية التى ينعمون بها وظنوا أنها منحة أو هبة ساقها لهم القدر بانتفاضة يناير، فثمن الحرية البذل والعطاء حتى نحافظ على المحروسة والحفاظ على نقاء الثوب ولكن ثوب المحروسة الذى يسترنا جميعا أصبح مهلهلا، وكل هؤلاء الفوضويين يجذبونه من كل اتجاه حتى كاد اللحم الحار أن يظهر ويتعرى ويتأثر بهذه الفوضى الفئوية. ارحموا جسد هذا الوطن الشريف، كفاه ماجرى له من اغتصابات متتالية طوال حقبات الزمن البائد. عودوا إلى البناء حتى يمكنكم الحصاد ولا يغرنكم تسويف قاداتكم إلى الموازانات القادمة، لن يأتى الغد مشرقا كما نتمنى، إلا إذا تكاتفت سواعدنا وأصبحنا فى ميادين الإنتاج تروسا تبنى وتؤسس للغد المنشود. احلموا وافعلوا فيكم ومن خلالكم ثورة حقيقية فى مختلف ميادين الإنتاج ولتكن الثورة الصناعية والزراعية والعلمية و...إلخ، هى النموذج الذى يفتخر أهل المحروسة بتحقيقه انطلاقا من انتفاضة يناير. فقد انخدعنا لأهل الدين رغم كثرة الأخطاء التى نتجت عن هذا الانخداع وحان الوقت لنفتح صفحة المصارحة أو المكاشفة. نعم أخطأنا عندما أردنا أن ندعم قيام دولة بلا دستور، عندما ذهبنا كقطعان إلى الصناديق لنقول نعم فى الاستفتاء. وتكرر الخطأ أن صدقنا أنفسنا أن وقف الفساد فقط يحقق النهضة لهذا البلد دون تفعيل القوانين التى تدفع حركة الإنتاج. واستمرارا لمسلسل الأخطاء التى تنساب من القادة كما ينساب الماء، نجد عدم القدرة على وقف هذه المطالبات الفوضوية والتى تحمل الكثير فى طياتها. أهو الضعف الإدارى؟ أم قلة الخبرة.. وأدبا سنستبعد سوء النية. إلى متى ستظل الأيدى مرتعشة.. ألا نعلم أن الجراح يستعمل أشد الأدوات إيلاما فى إزالة الألم الحقيقى من الجسد، ألا وهو المشرط. لا نهضة ولا تنمية طالما الضعف وعدم القدرة على معالجات الأمور فى وقتها والاهتمام فقط بالسمات الشخصية فى اختيار أصحاب المعالى الجدد، ولا شك أنها من الأهمية بمكان، ولكن لابد أن تكون متلاصقة مع الخبرة اللازمة، حتى وإن استلزم الأمر أن يكون خارج دائرة الثقة، والسؤال هل نعود إلى أهل الثقة دون أهل الخبرة. - استبدال الجحش بالجحش مش حرفة – أنقذونا يا أهل المحروسة بتفهمكم وتكاتفكم من أجل البناء.. أنقذونا أيها الإخوان بتمكين الرجال الصادقين أهل الخبرة من الانخراط والانضمام إلى صفوف القادة لتحقيق أحلام أهل المحروسة، وإياكم والإقصاء فهو السبيل إلى نهاية غير محمودة العواقب. أنقذونا أيها المتحررون بنبذ نقاط الخلاف والنظر فقط إلى البناء بغض النظر إلى من سينسب البناء، أنقذونا فالحلم مازال قائما والأفضل لم يأت بعد.. موعودكم أهل المحروسة أكبر من أن تغتاله جماعة أو مجموعة أيا من كانت. لطالما فى العمر بقية، ومازال القلم ينبض سأناديكى وأناجيكى، بلادى فأنت المهد ومنك سينطلق النور حتى تتحقق الخلافة ولا ريب. وإلى أن نحقق هذا الموعود، اسلمى اسلمى يا بلادى ولك منى السلامة. م / عصام العباسى استشارى هندسى ومحكم دولى