أكدت السفيرة مرفت تلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة أن التحرش الجنسى يعد من أكثر المشكلات التى تواجه الفتيات والسيدات فى الشوارع والأماكن العامة مما يشكل خطرا على أمن وسلامة المجتمع ، مشيرة إلى أن المجلس قد أولى اهتماما بالغا بالتوعية بخطورة تلك الظاهرة وضرورة التصدى بحزم لها. وأعربت تلاوى -خلال جلسة الاستماع التى نظمها المجلس بعنوان " معا ضد التحرش" اليوم الاثنين- عن تقديرها للنشاط المكثف من قبل منظمات المجتمع المدنى التى تبذل جهودا فعالة على صعيد طرح الآراء والأفكار وتنظيم الوقفات الإحتجاجية والتواجد على شبكات التواصل الإجتماعى ،مؤكدة أن التحرش الجنسى غير قاصر على المجتمع المصرى فحسب بل هناك بلدان عربية مثل تونس تكثر بها الظاهرة ،وأنه ربما يرتبط بأسباب الحداثة فى المجتمعات نتيجة إنتشار الإنترنت ،والفهم الخاطىء للحرية . وأشارت إلى أن الأمر وصل إلى حد القتل ، حيث تابع المجلس بأسى شديد الحادث المروع الذى تعرضت له الفتاة إيمان بأسيوط،إثر قيامها بالدفاع عن نفسها ضد أحد المتحرشين الذى حاول لمس أجزاء حساسة من جسدها ،وحاولت مقاومته فقام بقتلها ببندقية آلية . ولفتت تلاوى إلى وجود ظواهر فى الفترة الأخيرة مثل فصل الذكور عن الإناث فى كلية طب جامعة المنصورة، وفصل البنين عن البنات فى بعض المدار س فى الفيوم ،وكذلك مايجرى فى محافظة الغربية من إقصاء للمرأة من المناصب القيادية بالمحافظة مثل رئيس المدينة أو رئيس القرية أو الحى مما يحمل إنعكاسات خطيرة على المجتمع . وناشدت الرجل المصرى بأن يفرض الأخلاق الصحيحة فى الشارع ،متسائلة عن شهامة ذلك الرجل الذى كان ينتفض ليواجه مثل هذه الأعمال النكراء ،موضحة أن جلسة الإستماع استهدفت إيجاد حلول فاعلة لمنع التحرش ضد النساء والفتيات فى الشارع والأماكن العامة وذلك من خلال طرح آراء ومقترحات الأطراف الفاعلة والمعنية بتلك القضية . حضر الجلسة عدد من الخبراء والمنظمات غير الحكومية ،والمجتمع المدنى ،وعدد من الرموز الإعلامية ،وممثلو الأزهر والكنيسة ، وممثلون عن وزارات العدل والداخلية ، والتربية والتعليم ،والمركز القومى للبحوث الإجتماعية والجنائية وأعضاء المجلس القومى للمرأة . من جانبه، أوضح اللواء أحمد البيلى مدير الإدارة العامة لحماية الآداب بوزارة الداخلية أن جريمة التحرش لم يتم تعريفها بشكل محدد فى القانون ، مطالبا المشرع المصرى بتعريف محدد له فى قانون العقوبات لتصبح جريمة واضحة يمكن حصرها، فيما أكد المستشار عبد المنصف إسماعيل مستشار وزير العدل أن نقص الثقافة القانونية لدى المجتمع تؤدى لضياع حقوق الضحية ،إضافة إلى عجز الضحية عن تقديم الدليل على وقوع جريمة التحرش لعدم وجود شهود أو إمتناعهم عن إثبات الشهادة بسبب السلبية واللامبالاة ، وعزوف العديد من ضحايا التحرش عن الإبلاغ عن الجريمة بسبب الخوف على سمعتهن أو تضييق الأهل عليهن. وأشار الدكتور محمد السروجى ممثل وزير التربية والتعليم إلى أن غياب المشروع القومى الذى نلتف جميعا حوله كمصريين وتوظيف كل طاقاتنا به يؤدى لإنتشار الظواهر السلبية فى المجتمع فلم يشهد ميدان التحرير خلال ثورة 25 يناير رغم إمتلائه حالة تحرش واحدة ، مؤكدا أنه سيتم إعادة النظر فى المناهج الدراسية وتضمينها قيما مثل رفض العنف ،وقبول الآخر. وأوضحت الدكتورة إيمان بيبرس رئيس جمعية النهوض وتنمية المرأة أنه تم إجراء دراسة على 500 فتاة وسيدة فى عدة مناطق جاء فى نتائجها ،أن 45\% عرفوا بالتحرش من خلال التليفزيون، 42\% أشرن إلى أن التحرش مقترن باللمس ،و23\% أشرن إلى أنه لفظى أيضا، كما أشارت الدراسة الى أن التحرش منتشر داخل المترو والجامعات . وشدد الأنبا توماس ممثل الكنيسة على أهمية التكاتف المجتمعى والتأكيد على أن القيمة الإنسانية للانسان لاترتبط بالنوع الإجتماعى ، فيما أكد الدكتور محمود عزب ممثل شيخ الأزهر وعضو المجلس أن الثورة ليست إسقاط نظام فحسب وإنما تغيير مجتمعى شامل . وقال الدكتور نبيل صموئيل عضو المجلس إنه فى أخر 3 سنوات شهد المجتمع المصرى ترديا شديدا فى نظرته للمرأة ،فيما طالبت سناء السعيد عضو المجلس بتفعيل دور قصور الثقافة وكافة مؤسسات الدولة بالتصدى لتلك الظاهرة . وأكدت الدكتورة درية شرف الدين عضو المجلس القومى للمرأة - خلال جلسة الاستماع - أن التحرش ليس مرتبطا بعدم الزواج لأن هناك رجال متزوجون يمارسون التحرش أيضا ، مطالبة بتغيير ذلك التفسير لإنتشار التحرش ، حيث أن انتشار تلك الظاهرة يمثل خطرا حقيقيا على السياحة . وأتفق المشاركون فى الجلسة ،على بعض الآراء ومنها التأكيد على أن كلا من الدين الإسلامى والمسيحى كرم المرأة وعظم من شأنها ، وأن للتحرش الجنسى أكثر من صورة سواء بالقول أو الفعل ،كما يمثل مقدمة لأكثر من جريمة. وأوضح بعض المشاركين أن فصل البنين عن البنات فى المدارس والجامعات ليس هو الحل بل يفسح المجال واسعا أمام رغبة كل طرف فى اكتشاف الآخر ،و أن التحرش بعد الثورة أصبح جماعيا ويتم بشكل منظم ،وينتشر فى وسائل المواصلات مثل المترو وغيرها كما أنه لايرتبط بالملابس حيث تتعرض له المحجبات والمنتقبات. وأجمع المشاركون فى جلسة الاستماع على مقترحات منها أن تتحول ثورة 25 يناير إلى ثورة أخلاقية واستعادة قيم المجتمع، وضرورة التكاتف على هدف واحد ورؤية واحدة، وأهمية إعادة النظر فيما تعرضه وسائل الإعلام من مواد مثيرة للغرائز، وتقديم مواد هادفة ،ونشر الثقافة القانونية لدى جميع فئات المجتمع ، والتأكيد على الحق فى الإبلاغ عن التحرش فى مركز شرطة آمن يحافظ على خصوصية الضحية ولاينتقص من شأنها، وتفعيل دور قصور الثقافة والمكتبات العامة فى نشر الثقافة المواتية للمرأة وحرمة جسدها، ودعوة منظمات المجتمع المدنى للخروج من القاهرة إلى المحافظات.