لم أصدق أذني ، والجلاد السابق عضو المجلس النيابي الحالي ، يصف الجموع الشعبية المؤيدة للقضاة ، واستقلال السلطة القضائية بالقلة المندسة والشراذم التي ينبغي أن تسحل وتضرب بالجزمة ! كان ذلك في برنامج تلفزيوني يذاع على الناس في مصر وخارجها . كان أمامه مستشار رئيس محكمة ( ابن ناس ) يختار كلماته برقة وتهذيب لا تتناسب مع هذا البلطجي الذي يحمل درجة لواء سابق في جهاز الأمن الفاشل .. وكان هناك شخص ثالث ينتمي إلى أهل القانون ، ولكن انتماءه إلى السلطة البوليسية الفاشية أكثر ! حاول مقدم البرنامج أن يرغم الجلاد على سحب كلامه ، ولكنه كان يبتسم ابتسامة صفراء مفتعلة ، ويقول كلاما باهتا يعبر عن استخفافه ، واستخفاف النظام الذي يخدمه بالقانون والمواثيق والأعراف ! كان القاضي يتكلم بهدوء شارحا ما رآه بعينيه في الشارع المصري والجلادون يستبيحون المارة الذين لا حول لهم ولا شأن ، ووصف كيف كان الجلادون يلقون بالأكياس النايلون على الضحية البريئة ليلفّوها ويلقوا بها في سيارة البوليس .. كما وصف الممارسات الشاذة الآثمة التي تقوم بها الأجهزة الأمنية ضد المتظاهرين بالإرهاب الحقيقي ، وهو ما أثار ثائرة الجلاد الذي علّل للإجرام البوليسي بأنه لحفظ الأمن واستقرار البلاد ضد القلة المندسة والشراذم التي تريد تخريب البلاد ..وحين ذكره بأن البوليس في الكيان النازي اليهودي الغاصب كان يحمل المستوطنين اليهود الذين رفضوا الجلاء عن المستوطنات اليهودية بكل صبر وهدوء لدرجة أنه لم يبق إلا أن يأتوا بمراتب ومخدات لينيموا عليها من يحملونهم ويخرجونهم .. رد الجلاد : لا تقارن هذا بذاك ، وكأن ألجلاد يرى أن اليهودي الغاصب ثمنه أغلى من المصري بل يرى المصري رخيصا كما يراه النظام البوليسي الفاشي .. وكأني به ينسى أو يتناسى أن القلة المندسة والعملاء الذين يخربون الوطن فعلا هم العصابات التي صادرت حرية الشعب ، واستأصلت إسلامه ، وحاربت شرفاءه ، وحكمت بالنبوت والذراع القوية ، واستخدمت الأبواق الكاذبة لتسوغ كل قانون نشاز ، وكل فعل خاطئ ، وكل جريمة منكرة في حق الشعب البائس التعيس . لا أظن الدفاع عن النظام البوليسي الفاشي ، يمكن أن يقنع طفلا صغيرا يميز ما حوله ، لأنه دفاع متهافت وساقط ، ولا يقوم على حجة أو منطق أو برهان ، إنه أسلوب البلطجة التي تفرض إرادتها بالقوة الغشوم وتطلب من الناس أن يصدقوا وأن ينفذوا .. وما أروع شيخ المعرة ، وهو يرصد هذه الحالة الإجرامية التي لا تعرف حياء ولا خجلا ، بقوله: جلوا صارما ، وتلوا باطلا وقالوا : صدقنا فقلنا : نعم ! وأعتقد أن الشعب المصري بدأ يفيق ويستيقظ من نومه ، ويفارق الخوف والخشية ، وراح يأخذ طريقه إلى المطالبة بحقوقه وحرياته ، وأظنه في ظل المناخ العالمي الذي تقدمت فيه دول لم يكن لها وجود على الخريطة قبل عقود قليلة من الزمان ، سيحاول أن يشق طريقه نحو الحرية والشورى والعدل ، ويسعى إلى الإبداع والعمل والإنتاج ، ويؤسس وطنا تحترم فيه كرامة الإنسان وآدميته وحقوقه . إن النائب الجلاد الذي يطلب سحل المواطنين وضربهم بالجزمة يؤسس للإرهاب ، ويقنن للعنف ، ولا ندري ماذا يقول مستخدموه وأبواقهم العميلة الكاذبة حين يقوم واحد من المسحولين أو المضروبين بالجزمة أو المعذبين في المعتقلات بضربه وفقا لمنهجه ودعوته ؟!هل يقولون إنه الإسلام المتطرف أم يقولون إنه الإرهاب الأعمى ؟ وهل يتذكرون ساعتئذ أنه هو الذي فتح المجال أمام العنف بكلامه الأحمق الفج ؟ لقد عرف الشعب المصري جلادين على مستوى الوحشية والخسة بدءا من الذي وقف أمام مجلس الشعب ليقول إنه قادر على إخراج الصحفيين بلابيص ، حتى ذلك الذي أعلن أنه سيثقب أجساد المعارضين ، مرورا بمن قال إنه سيضرب في سويداء القلب ، فضلا عن آخرين تصوروا أنهم آلهة لا يسألون عما يفعلون ، ولكن الله القوي العادل لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، وحاسب عليها ، وخاصة ما يتعلق بحقوق العباد . قال تعالى : " ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون ، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار . مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء " ( إبراهيم : 42-43). إن النائب الجلاد في لغته الفجة ، وحواره " الأعجر " يرد على القاضي ( ابن الناس) بمنطق عجيب وغريب ، من عينة : هل حررت محضرا بالواقعة ؟ هل أبلغت المسئولين ؟ هل ... وهو يعلم أن المسئولين ، ومن تحرر لديهم المحاضر ؛ لا يتحركون إلا لإيذاء الشرفاء والكرماء والأطهار الذين لا يوالون السلطة الغشوم ولا ينهبون الوطن ولا يقتلون المواطنين . وهو يعلم أن الدولة لم تحاسب المزورين في الانتخابات ، والجلادين الذين اعتدوا على القضاة حتى هذه اللحظة ، ويبدو أنها لن تفعل أبدا ، ولكنها بسرعة الصاروخ حاكمت القضاة الشرفاء الذين كشفوا التزوير ، وتعرضوا للإهانة والإيذاء من جانب الجلادين ! النائب الجلاد يعلم أن المسئولين لم يحاسبوا صاحب العبّارة الذي قتل أكثر من ألف مصري بائس ، وتركوه يخرج آمنا مطمئنا بما جمعه من أموال ، وفي الوقت نفسه يحاسبون المتظاهرين ، ويمددون لهم الحبس بعد تعذيبهم وإهدار آدميتهم وهتك أعراضهم ! النائب الجلاد يعلم كل شيء ، ويظن أن " أكاذيبه " ستبرئ نظامه البوليسي الفاشي.. ولكن الشعب له كلمته التي سيقولها يوما ما ، وستعيد الأمور إلى نصابها بإذن الله تعالى ، ولن تسمح لأمثاله أن يصلوا إلى المجالس النيابية والتشريع للناس .. وحتى ذلك الحين .. فيا ويلنا من النواب الجلادين ! [email protected]