بعد إعلان انسحابه، أستاذ قانون يكشف مفاجأة: الدالي مستمر في انتخابات دائرة الجيزة بقوة القانون    رئيس جامعة كفر الشيخ يستقبل وفد إدارة جائزة التميز الحكومي    طرابلس.. تأسيس الهيئة العليا للرئاسات لتوحيد القرار الوطني الليبي    الخزانة الأمريكية: فرضنا عقوبات على أفراد وشركات لهم صلة بإيران    وزير الرياضة يلتقي أبو ريدة لدعم المنتخبات القومية والناشئين واكتشاف الموهوبين    5 أندية إنجليزية.. طريق عودة نيمار إلى البرازيل في كأس العالم    محمد منصور: لقب "سير" فخر لأي مصري مسلم والمال لا يصنع الإنسان    ياسمين عبد العزيز تحسم الجدل حول شائعات الزواج: لما أتجوز مش هقول    خبير دولي: قرار الأمم المتحدة انتصار رمزي للقضية الفلسطينية ويعكس الدعم المصري التاريخي    تطورات إصابة حسين الشحات في الأهلي    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن رسميا انطلاق التصويت بالخارج من دولة نيوزيلندا    حقيقة إلغاء انتخابات مجلس النواب وتأجيلها عام كامل؟.. مصطفى بكري يكشف الحقائق    ثلث القيمة يختفى فى أسابيع |انهيار قياسى للعملات المشفرة    حنان الصاوي تكتب : دورة عاشرة بروح عالمية.. مهرجان شرم الشيخ الدولي يزهر المسرح في سيناء    هل تؤثر عدم زيارة المدينة على صحة العمرة؟ أمين الفتوى يُجيب(فيديو)    هل يوجد عذاب للقبر؟.. أمين الفتوى يجيب    هل التأمين على الحياة حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يجيب    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    طبقا للطب الصينى.. تمارين ينصح بها للشعور بالدفء    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    مساعد وزير الخارجية يشيد ببرامج الاتحاد الأفريقي لإعادة إعمار الدول الخارجة من النزاعات    أول رد من عائلة محمد فوزي على إدعاء كريم الحو في «The Voice» | شاهد    سانوفي تطلق دواء "ساركليزا" في مصر لتمنح مرضى سرطان المايلوما المتعددة أملًا جديدًا في العلاج    محافظ الفيوم يوجه بسرعة رفع مخلفات الطبقة الأسفلتية القديمة بشارع عدلي يكن لتيسير الحركة المرورية    «سمات روايات الأطفال.. مؤتمر مركز بحوث أدب الطفل تناقش آفاق فهم البنية السردية وصور الفقد والبطل والفتاة في أدب اليافع    أشرف صبحي يلتقي رئيس مكتب دوري كرة السلة الأمريكي NBA بمصر    رئيس كوريا الجنوبية: أحب الحضارة المصرية وشعبنا يحبكم    محافظة الجيزة: غلق كلي بطريق امتداد محور 26 يوليو أمام جامعة النيل غدا الجمعة    الداخلية تضبط صاحب فيديو «عصا البلطجة» بالجيزة    وكالة الطاقة الذرية تدعو إلى مزيد من عمليات التفتيش على المواقع النووية الإيرانية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    الوكيل: تركيب وعاء أول مفاعل نووي ينقل مشروع الضبعة من مرحلة الإنشاءات إلى التركيبات    فقرة بدنية في مران الزمالك قبل مواجهة زيسكو    فوز القناة والبترول وأسوان وراية وهزيمة أبو قير من ديروط بدوري المحترفين    يونيفيل: استقرار هش على طول الخط الأزرق ونسير دوريات مع الجيش اللبناني    محافظ القليوبية يُهدي ماكينات خياطة ل 15 متدربة من خريجات دورات المهنة    إيقاف بسمة وهبة وياسمين الخطيب.. الأعلى للإعلام يقرر    شركة مياه القليوبية ترفع درجة الاستعداد للمرحلة الثانية من انتخابات النواب    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    النائب محمد إبراهيم موسى: تصنيف الإخوان إرهابية وCAIR خطوة حاسمة لمواجهة التطرف    مجلس الوزراء يُوافق على إصدار لائحة تنظيم التصوير الأجنبي داخل مصر    محافظ الأقصر يوجه بتحسين الخدمة بوحدة الغسيل الكلوى بمركزى طب أسرة الدير واصفون    أسهم الإسكندرية لتداول الحاويات تواصل الصعود وتقفز 7% بعد صفقة موانئ أبوظبي    الهلال الأحمر المصري يطلق «زاد العزة» ال77 محمّلة بأكثر من 11 ألف طن مساعدات    إيمان كريم: المجلس يضع حقوق الطفل ذوي الإعاقة في قلب برامجه وخطط عمله    التضامن: نخطط لتحويل العاصمة الجديدة إلى مدينة صديقة للأطفال    جثة طائرة من السماء.. مصرع شاب عثروا عليه ملقى بشوارع الحلمية    السبت المقبل.. «التضامن» تعلن أسعار برامج حج الجمعيات الأهلية    اسعار الأسمنت اليوم الخميس 20نوفمبر 2025 فى المنيا    والده ل في الجول: أشرف داري لا يفكر في الرحيل عن الأهلي    الرقابة المالية تصدر ضوابط عمل لجنة حماية المتعاملين وتسوية المنازعات في مجال التأمين    تموين القليوبية: جنح ضد سوبر ماركت ومخالفي الأسعار    نائب وزير الخارجية يجدد دعوة أبناء مصر بالخارج للتوجه إلى صناديق الاقتراع    سبورت بيلد: صلاح هو المشكلة الأكبر أمام تألق فيرتز في ليفربول    مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى: سنفرض عقوبات على عدد من الجهات السودانية    طقس الإسكندرية اليوم: ارتفاع تدريجي فى درجات الحرارة.. والعظمى 27 درجة مئوية    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب زيادة أمراض الدنيا
نشر في المصريون يوم 01 - 12 - 2019

أمراض الدنيا ، تنخر في كيانها، وتعمل فيه عمل الدَّاء في الأجساد، فَتُوهن من قوَّتها، وتُضعف من صلابتها ومقاوماتها، وأهمِّ هذه الأمراض وأعضلها، وأشدِّها خطرًا، وأبعَدِها أثرًا، هذا المرض الذي يُعتبر علةً لكلِّ تلك الأمراض وجرثومةً لها، هو مرض حبِّ الدنيا، "حبُّ الدُّنيا رأس كلِّ خطيئة
حبُّ الدُّنيا: أن تستولي الدُّنيا على قلبك، على تفكيرك، فتجعلها أكبر همِّك، ومبلغ علمك، وغاية اهتمامك، ومحور سعيك، فلا تعمل إلا لها، ولا تُفكِّر إلا فيها، ولا تحرص إلا عليها، ولا تسعى إلا إليها، ولا تفرح إلا بالحصول عليها، ولا تحزن إلا بفواتها، ولا تحبُّ ولا تكره، ولا تصل ولا تقطع، ولا توالي ولا تعادي، ولا تسالم أو تحارب، إلا من أجل الدنيا.
هذا هو معنى حبِّ الدُّنيا، أن تُسيطر الدُّنيا عليك، أن تتخذ الدُّنيا لك ربًّا، فتتَّخذها لك عبدًا، أن تعيش في الدنيا وكأنك مخلَّدٌ فيها، أن تحيا في هذه الدَّار وكأنَّها هي الدَّار الوحيدة، ألَّا تفكِّر في الموت وما بعد الموت، أن تعيش في الدنيا بهذه الرُّوح، بهذا التفكير، بهذا الاهتمام، هذا هو معنى حبِّ الدُّنيا.
لا شكّ بأنّ لأمراض الدنيا أسبابٌ؛ منها الفتن التي تُعرض على القلوب؛ فإن رفضها القلب فاز وأفلح، وإلّا خاب وانتكس، ومن الأسباب كذلك؛ الشهوات والمعاصي، والانشغال بالدنيا وملذاتها، والغفلة عن ذكر الله، واتّباع الهوى والشُبهات، وأكل ما حرّم الله من الربا والرشوة وغير ذلك تعتري قلب الإنسان أمراضٌ وعللٌ ذكرها الله في كتابه العزيز؛
يُذكر منها:[1] الإثم؛ قال تعالى: (وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ)،
[2] فالآثام من الأمراض التي تُسبّب الأذى للقلوب؛ وهي كلُّ ذنبٍ صغيرٍ أو كبيرٍ، وتبتدئ الآثام كما ذكر العلامة الشيخ ابن القيم من الخطرة، فإن لم تُدفع تحوّلت إلى وسوسةٍ، فإن لم تُدفع تحوّلت إلى شهوةٍ، فإن لم تُدفع تحوّلت إلى إرادةٍ، فإن لم تُدفع قويت فصارت عزيمةً على الفعل؛ فاستحال دفعها. الزيغ؛ وهو من أمراض القلوب،
ويعني الميل عن الهدى والاستقامة، والانحراف عنها إلى غيرها من وجوه الضلالة والعصيان. الغلّ؛ ويعني الحقد الكامن في النفس، والعداوة والضغينة، قال الله -تعالى- على لسان عباده المؤمنين: (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا).
[3] إباء القلب؛ ويعني رفض الإذعان للحقّ، ورفض الاستجابة لما أمر الله به من الإيمان، والركون إلى الكفر والفسوق والعصيان. الغلظة؛ وهي شدّة القلب وقسوته، وهي ضدُّ الرّقة واللين. النفاق؛ وهو من أخطر أمراض القلب؛ حيث يُؤدي إلى موتها إذا ما استفحل واستطال شرره، قال الله -تعالى- عن المنافقين: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا).
فإن الله جلت قدرته يبتلي عباده بما شاء من أنواع البلاء، قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35].
وعلى المؤمن أن يصبر ويرضى بأمر الله تعالى، وأن يبصر الرحمة من خلال البلاء، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط. رواه الترمذي وقال حديث حسن.
فالإيمان بقضاء الله تعالى -خيراً كان أو شراً- هو أحد أركان الإيمان وأسسه، فالإنسان قبل أن يؤمن به ويستسلم له لا يعد من المؤمنين، ولا يدخل في زمرتهم، وعندما يؤمن بقضاء الله تعالى وقدره ويستسلم له، مع إيمانه بباقي الأركان يصير من المؤمنين.
والله تبارك وتعالى عندما يجري على العبد قضاءه بما لا يرضاه العبد مثل: أن يحرمه من الولد، أو يبتليه بالفقر، أو الأمراض والآفات، فلا يعني ذلك أنه تعالى ساخط على ذلك العبد المبتلى، بل قد يكون ذلك لتكفير ومحو الذنوب التي لا ينفك عنها الإنسان غالباً.
قال تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ [الشورى:30].
كما أنه أيضاً يكون ابتلاء وامتحاناً من أجل إظهار صدق الصادقين في إيمانهم، وتبينه في واقع الأمر، وكشف كذب الكاذبين الذين يدعون الإيمان بالله تعالى وهم كافرون به.
قال تعالى: الم* أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ [العنكبوت:2].
وهذا استفهام استنكاري ومعناه: أن الله تعالى لا بد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان، كما جاء في الحديث الصحيح: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلباً اشتد به بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. أخرجه الإمام أحمد وغيره، وصححه الألباني.
وليعلم المسلم أن البلاء قد يكون:
1-لتكفير الخطايا، ومحو السيئات، كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ما يصيب المسلم من هم، ولا حزن، ولا وصب، ولا نصب، ولا أذى، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه. رواه مسلم.
2-وتارة يكون لرفع الدرجات، وزيادة الحسنات، كما هو الحال في ابتلاء الله لأنبيائه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل.... فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة. رواه البخاري.
قال العلماء: يبتلى الأنبياء لتضاعف أجورهم، وتتكامل فضائلهم، ويظهر للناس صبرهم ورضاهم ليقتدي بهم، وليس ذلك نقصاً ولا عذاباً.
3-وتارة يقع البلاء لتمحيص المؤمنين، وتمييزهم عن المنافقين، قال تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ [العنكبوت:3].
فيبتلي الله عباده ليتميز المؤمنون الصادقون عن غيرهم، وليعرف الصابرون على البلاء من غير الصابرين.
4-وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض الذنوب، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه، ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد العمر إلا البر. رواه أحمد والسيوطي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وحسنه السيوطي.
فعلى المؤمن أن يصبر على كل ما يصيبه من مصائب وبلايا لينال أجر الصابرين الشاكرين، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له. رواه مسلم.
فالمؤمن الذي تصيبه السراء والنعمة فيشكر ربه يحصل الخير، وذلك لأن الله يحب الشاكرين، ويزيدهم من نعمه، قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُم [إبراهيم:7].
والمؤمن الذي يصبر على الضراء ينال أجر الصابرين، كما قال الله تعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:157].
وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن من يصبر على فقد (موت) ولده ولا يجزع، بل يسترجع، ويحمد الله، أن الله يبني له بيتاً في الجنة جزاء على صبره وشكره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد. رواه الترمذي وقال حديث حسن.
ومعنى استرجع: قال "إنا لله وإنا إليه راجعون" فعلى المؤمن أن يقول ذلك إذا أصابته مصيبة من المصائب، وعليه أن يرجع إلى الله، وأن يكثر من ذكره ومن الصلاة، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر يفزع إلى الصلاة. ومعنى حزبه: نزل به أمر مهم.
ومن الأمور التي تهون المصائب: الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والوضوء، وتلاوة القرآن الكريم، وتوثيق الصلة بالله سبحانه، والتوبة من كبائر الذنوب....ألخ
وأخيراً على المبتلى أن يلجأ إلى الله في كربته، وأن يتضرع بين يديه لكشف بلواه، فالدعاء هو السلاح الذي يدفع به الضر والبلاء، ويواجه به ما لا قبل له به.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الدعاء سبب يدفع البلاء، فإذا كان أقوى منه دفعه، وإذا كان سبب البلاء أقوى لم يدفعه، لكن يخففه ويضعفه، ولهذا أمر عند الكسوف والآيات بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة.
وقد لجأ إليه أيوب عليه السلام في بلواه وضره فكشفه الله عنه سبحانه: وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ* فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [الأنبياء].
حبُّ الدنيا من أسباب الوقوع في المعاصي:
وحبُّ الدُّنيا هو وراء كلِّ ما نرى من مصائب وكوارث، حبُّ الدُّنيا هو الذي يجعل الإنسان يستحلُّ الحرام، يأكل المال بالباطل، لا يُبَالي ما دخل بطنه من طعام، ولا ما دخل جيبه من دراهم، أحلال هي أم من حرام، حرامٌ أكلناه، حرام أكلناه.
حبُّ الدُّنيا من أسباب العداوة بين النَّاس:
حبُّ الدُّنيا هو الذي يجعل النَّاس يخاصم بعضهم بعضًا، ويعادي بعضهم بعضًا، ويكيد بعضهم لبعض، ويمكر بعضهم ببعض، حبُّ الدُّنيا هو الذي يجعل الابن يكيد لأبيه، والأبُّ يجعل أعداءه من بنية، والأخ يمكر بأخيه، ويحقد على أخيه.
حبُّ الدنيا يمزق الأسرة الواحدة:
حبُّ الدنيا هو الذي يمزِّق الأسرة الواحدة، يجعل أبناء الأب الواحد، بل ربما كانوا أبناء أب واحد وأمٍّ واحدة، يكيد بعضهم لبعض، من أجل ميراث، من أجل دنيا، من أجل مال، من أجل أن كلَّ واحد يريد أن يكون أغنى من الآخر، حبُّ الدنيا هو الذي يُمزِّق الناس بعضهم من بعض، هذه هي الدنيا، هذا هو حبُّ الدنيا.
تهافت الناس على الحياة وراءه حبُّ الدنيا:
ما تراه من هذا التهافت على هذه الحياة، على المال، على الجاه، على المنصب، وراءه هذه الآفة الخطيرة، هذا الداء العضال، حبُّ الدنيا.
أحبَّ الناسُ الدنيا فرأيناهم هكذا يتعادوْن، هكذا يتهارشون تهارش الذئاب، ويتعاوَوْن تعاويَ الكلاب، وينطلقون إلى هذه الجيفة، يريد كلٌّ منهم أن ينهش أكثر مما ينهش الآخر، ثمَّ ماذا؟ ماذا بعد ذلك؟
الدُّنيا سريعة التغيُّر:
إذا نهشتَ من الدُّنيا ما نهشتَ، إذا جمعتَ منها ما جمعتَ، إذا بنيتَ منها القصور، إذا شيَّدتَ منها الصُّروح، إذا كان رصيدك بالملايين أو بالبلايين، ماذا تكون النتيجة؟ النتيجة: أنك أيُّها الشاب ستشيب، أيُّها الصحيح ستمرض، أيَّها الحيُّ ستموت، النتيجة هناك في وادي الموتى، في المقابر.
اذهبوا إلى المقابر، هل تجدوا فرقًا بين صاحب الملايين وصاحب الملاليم؟ بين مَن رصيده بالملايين، ومَن لا رصيد له في أيِّ بنك من البنوك؟ هل تجد فرقًا بين الوزير أو الأمير أو الملك أو صاحب الجلالة أو مَن يسمونه ما يسمُّونه، هل تجد فرقًا بين هذا وبين خفيره أو ناطوره أو أي إنسان يحتقره الناس ولا ينظرون إليه؟ هل فرقت المقابر؟
هل فرق الموت بين أصحاب الدنيا العتيقة، وبين مَن لا يملكون منها شيئًا؟ لا والله، ما فرَّق الموت بين أحد من هؤلاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.