أكد المحامي بالنقض عمرو عبد السلام رئيس منظمة العفو العربية تحت التأسيس أن إحالة أوراق المحكوم عليهم بالإعدام للمفتي هو إجراء قانوني وجوبي طبقا لنص المادة 381 فقرة 2 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تنص علي انه لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكما بالإعدام إلا بإجماع أراء أعضائها ويجب عليها قبل أن تصدر هذا الحكم أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية ويجب إرسال أوراق القضية إليه فإذا لم يصل رأيه إلي المحكمة خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه حكمت المحكمة في الدعوي وفي حالة خلو وظيفة المفتي او غيابه او قيام مانع لديه يندب وزير العدل بقرار منه من يقوم مقامه ) ومن ثم اشترط القانون لتوقيع عقوبة الإعدام علي المتهمين في قضايا القتل العمد أن تحال الأوراق للمفتي لاستطلاع رأيه الشرعي، على أن ينطق القاضي بحكم الإعدام بعد ورود تقرير المفتي وليس قبل ذلك وإلا يعتبر الحكم باطلا.لان استطلاع رأي مفتي الديار المصرية جزءا لايتجزء من إجراءات المحاكمة وبدونه يترتب عليه بطلان وإجراءات المحاكمة وأوضح عبد السلام إن نصوص قانون الإجراءات الجنائية عامة مجردة تخاطب الجميع وتطبق علي الكافة دون النظر إلي ديانتهم او معتقداتهم سواء كانوا مسلمين او مسيحيين او يهود او بدون ديانة. وكشف عبد السلام المراحل التي تمر بها أوراق الدعوي عقب صدور قرار المحكمة بإحالة أوراق القضية إلي مفتي الديار والحكمة من هذا القرار. حيث أوضح عمرو عبد السلام أن أوراق قضايا الإعدام تمر بثلاث مراحل داخل دار الإفتاء المصرية وهي: مرحلة الإحالة، ومرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، ثم مرحلة التكييف الشرعي والقانوني. وتتضمن مرحلة الإحالة، قيام دار الإفتاء بفحص القضية المحالة إليها ودراسة الأوراق منذ بدايتها، وذلك قبل النطق بالحكم، ثم تأتي مرحلة الدراسة والتأصيل الشرعي، وفيها تقوم دار الإفتاء بفحص القضية المحالة إليها والالتزام بعرض الواقعة والأدلة حسب ما تحمله أوراق القضية على الأدلة الشرعية بمعاييرها الموضوعية المقررة في الفقه الإسلامي، وتكييف الواقعة ذاتها وتوصيفها بأنها قتل عمد إذا تحققت فيها الأوصاف التي انتهى الفقه الإسلامي إلى تقريرها لهذا النوع من الجرائم. ويلي ذلك مرحلة التكييف الشرعي والقانوني، وفي هذه المرحلة يعاون المفتي هيئة مكونة من ثلاثة من المستشارين من رؤساء محاكم الاستئناف، تكون مهمتها دراسة ملف القضية لبيان ما إذا كان الجُرم الذي اقترفه المتهم يستوجب إنزال عقوبة القصاص حداً أو تعذيرا أو قصاصاً أو غير ذلك. كما من مهمة المفتي والهيئة المعاونة له في هذه المرحلة النظر في سؤال حول هل يستحق المتهم الإعدام أم لا وفقا للنصوص الشرعية. وتهدف هذه المرحلة لطمأنة القاضي إلى مشروعية حكمه، لأن هذه القضايا حساسة ويترتب عليها إزهاق روح، لذلك نصّ المشرع على أن يصدر حكم الإعدام بالإجماع، وذلك على عكس الأحكام الأخرى التي يمكن الاكتفاء فيها برأي الأغلبية فقط. كما أن أحكام الإعدام يجب أن تصدر من قبل أشخاص يتمتعون باستقرار نفسي وذهني، لذلك يتم إحالة القضية للمفتي لأخذ رأيه فيها. وعلي الرغم من ذلك فان رأي المفتي استشاري وليس ملزما بالنسبة للقاضي الذي يتخذ قراره بمنتهى الحرية على خلفية الرأي الشرعي الذي يصله من دار الإفتاء، لكن استشارة رأي المفتي لا تقلل من أهمية دوره، بل تميل المحكمة دائما إلى الأخذ برأيه، خاصة لو جاء تقريره قائما على أسانيد شرعية واضحة لتقوم المحكمة بتخفيف العقوبة من الإعدام إلي السجن المؤبد أو المشدد. وهذا ما حدث في 20 يونيو 2014 عندما قررت محكمة جنايات الجيزة إحالة أوراق محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين إلى مفتي الديار المصرية و13 من قيادات الإخوان في القضية المعروفة إعلاميا بأحداث مسجد الاستقامة، إلا أن المفتي رفض التصديق على الحكم، وقررت المحكمة إعادة إحالة الأوراق إليه مرة أخرى في 7 أغسطس من العام نفس، إلا أن الحكم النهائي في تلك القضية كان السجن المؤبد لبديع والبلتاجي وآخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بناءً على ورود تقرير دار الإفتاء المصرية.