(1) يقول "رسول حمزاتوف" شاعر داغستان العظيم: (إن الإنسان بحاجة إلى سنتين لتعلم الكلام، وإلى ستين سنة ليتعلم الصمت). والكلمات - التى تعلمتها فى طفولتك - ليست بريئة: هى التى تحدد هويتك وانتماءك، وطريقة نطقك لها هى التى تحدد الجهة التى تعود إليها والقوم الذين تنتمى لهم.. والكلمات ليست بريئة، فيها تاريخ وأخلاق وصفات، تصبح مع الوقت جزءًا منك، وتشكلك بالشكل الذى تريده! (2) كلماتك تصنع طباعك.. أو طباعك تنتقى كلماتك المناسبة. أنت تشبه لغتك، ولغتك لها نفس ملامحك. (3) توارثت من الأسلاف الكلمات التى يرددونها.. كلمات محقونة ومُحملة بالمواقف تجاه الأشياء حولك: توارثت المواقف نفسها! كل كلمة جديدة تأتى ومعها علاقة جديدة ونظرة جديدة.. العقل التقليدى والمحافظ ينظر إلى كل كلمة جديدة و(غريبة) بريبة، ويتعامل معها - ومع من يرددها - كخصم! (4) لغة أهل البحر رطبة.. وكلمات أهل الحقل نديّة. وكلمات أهل الصحراء فيها الكثير من الجلافة.. وتتشاجر معك بعد جملتين! (5) بالضبط، أنت مثل الذى يمنحونه خريطة، ويؤشرون له على الطريق، ويمنحونه اللافتات والعلامات وأسماءها، ويقولون له: الرحلة تبدأ من هنا! ويملأون الزوادة بالكلمات المناسبة. لا خيار لك: لم ترسم الخارطة، ولم تشارك فى صنع الطريق، ولم تضع العلامات، ولم تختر الكلمات المناسبة وإيحاءاتها، وأى محاولة منك للخروج على نص الرحلة / رحلة النص، تعنى: ذهابك إلى المتاهة! جرّب أن تذهب إلى المتاهة.. لعلك تصبح "الدليل" لدرب جديد؟! انتفض على لغتك.. واصنع العبارة التى تشبهك. الذين يعتقلون لسانك هم - بشكل ما - يعتقلون عقلك! (6) أهل السلطة يخافون من الكلمات الحُرة التى تنتفض على اللغة السائدة.. التى صنعوا سيادتها. غوبلز - وزير إعلام هتلر - يقول: كلما سمعت كلمة "ثقافة" تحسّست مسدسى! (7) لغة الطغيان والاستبداد فى كل العالم: واحدة.. مهما اختلفت ألسن الطغاة. twitter | @alrotayyan