(1) وثائق ويكيليكس التي أثارت العالم – ولم تهزه – هي أشبه ما تكون بصحيفة صفراء تعتمد على أخبار الفضائح : فهذا زعيم يعشق ممرضته الشقراء ، وآخر فاسد له علاقات بالمافيا ، وآخرون قلقون من برنامج إيران النووي ... لا جديد ، كلها أشياء نعرفها ، وتُقال كل يوم بشكل أو بآخر .. الفرق : أن بعضها كان يُقال بلغة سياسية ناعمة ، وعبر الوثائق قيلت بصراحة وجلافة دون أن تدهن بأي " كريم " سياسي ! وثائق ويكيليكس : سجادة مهترئة ! (2) الشيء الوحيد الذي وقفت عنده طويلاً – بين كل هذه الوثائق – هي هذه العبارة المدببة والفاتنة : ( أي ثقافة تصبر عدة سنوات لحياكة سجادة حريرية واحدة .. لديها ثقافة الصبر لصنع القنبلة النووية ! ) منطق سليم ، وموقف سليم ، طرح عبر عبارة سليمة جدا ً عبارة رائعة فيها شاعرية وحكمة .. وفيها إنصاف للخصم . لو كنت رئيس تحرير صحيفة إيرانية لوضعتها في اليوم التالي " مانشيت " في الصفحة الأولى ! عبارة الشيخ " محمد بن زايد " : سجادة فارسية . (3) لأستاذنا العزيز " سعيد السريحي " عبارة رائعة : ( الترجمة : سجادة مقلوبة !) هو هنا يتحدث عن ترجمة النص الإبداعي من لغته الأصلية إلى لغة أخرى ، تلك التي لا تستطيع أن تنقل روح النص والتي تبقى مخبأة في لغته الأصلية . النص السياسي لا يترجم من لغة إلى لغة .. بل من لغة إلى فعل . الترجمة عند الساسة : انقلاب ! (4) لا ينافس السجاد الفارسي سوى السجاد التركي الفاخر .. وكذلك الأمر في السياسة : ألا تلاحظون في الفترة الأخيرة أن " الطربوش " التركي صار أكثر جاذبية من " العمامة " الإيرانية ؟! وأين " الكوفية " العربية ؟ ما تزال تُُنسج في مصنع انجليزي للأشمغة الفاخرة ! (5) ما الحل ؟ قال الصوت الأول : علينا أن نعود لسجادة الصلاة . قال الآخر : علينا – قبل هذا – أن نصنع سجادة الصلاة . قال المشاكس : وعندما ننتهي من صناعتها .. من منكما سيكون " الإمام " ؟! أهم من السجادة .. السَجّاد . (6) السجادة – حتى وإن كانت فارسية فاخرة – في النهاية ستداس بالأقدام ! * ينشر بالتوافق مع " المدينة " السعودية . [email protected]