أعلن الأزهر، الحرب على المتحرشين، في أعقاب قيام أحد المتحرشين بقتل رجل دافع عن زوجته في أحد شواطئ الإسكندرية، بعدما أفتى بتحريم التحرش الجنسي، بغض النظر عن سلوك أو ملابس الفتاة، ووصفته ب"السلوك المنحرف"، داعيًا إلى تفعيل قانون تجريمه لمعاقبة مرتكبيه. وقال الأزهر في بيان، إنه تابع ما تداولته وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة من حوادث تحرش، وصل الأمر في بعضها إلى حد اعتداء المتحرش على من يتصدى له أو يحاول حماية المرأة المتحرش بها، فيما سعى البعض لجعل ملابس الفتاة أو سلوكها مبررًا يُسوغ للمتحرش جريمته النكراء، أو يجعل الفتاة شريكة له في الإثم. وأكد أن "التحرش - إشارة أو لفظًا أو فعلًا- هو تصرف محرم وسلوك منحرف، يأثم فاعله شرعًا، كما أنه فعلٌ تأنف منه النفوس السويّة وتترفع عنه، وتنبذ فاعله، وتجرمه كل القوانين والشرائع، يقول تعالى: «وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا» (الأحزاب: 58). واعتبر الأزهر أن "تجريم التحرش والمتحرِش يجب أن يكون مطلقًا ومجردًا من أي شرط أو سياق، فتبرير التحرش بسلوك أو ملابس الفتاة يعبر عن فهم مغلوط؛ لما في التحرش من اعتداء على خصوصية المرأة وحريتها وكرامتها، فضلًا عما تؤدي إليه انتشار هذه الظاهرة المنكرة من فقدان الإحساس بالأمن، والاعتداء على الأعراض والحرمات". وأشار إلى أن "تحضر المتجمعات ورقيها إنما يقاس بما تحظى به المرأة من احترام وتأدب في المعاملة، وبما تتمتع به من أمان واستقرار وتقدير ، فعندما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم التدليل على علو شأن الإسلام واستقرار أركانه، اتخذ من شعور النساء بالأمن مؤشرًا على ذلك، فجاء في الحديث الصحيح: "لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ (المرأة المسافرة) تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ (موضع قرب الكوفة)، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ". ودعا الأزهر إلى تفعيل القوانين التي تجرم التحرش وتعاقبه على فعله، كما يدعو المؤسسات المعنية إلى رفع الوعي المجتمعي بأشكال التحرش وخطورته، والتنفير من آثاره المدمرة على الأخلاق والحياء، خاصة التحرش بالأطفال، وتكثيف البرامج الإعلامية لتعريف المواطنين بما يجب عليهم من تصرُّفٍ حال وقوع حادثة تحرش، وبما يردع المتحرش ويوفر الحماية للمرأة أو الفتاة المتحرش بها، كما يطالب وسائل الإعلام بتجنب بث أي مواد تروج للتحرش أو تظهر المتحرش بأي شكل يشجع الآخرين على تقليده. من جهته، قال الدكتور محيي الدين عفيفي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية إن المجمع سيطلق حملة توعوية وذلك في إطار خطة المجمع التوعوية لمعالجة السلبيات والمشكلات المجتمعية التي تهدد استقرار الأسر وتفتح الطريق أمام الفتن والصراعات الداخلية وتنحرف بالشباب عن الأهداف الرئيسة التي تلبي آماله وطموحاته. وأضاف في بيان، أن الحملة تلقي الضوء على حرمة التحرش في الإسلام، ومخاطر هذه الظاهرة على جميع أفراد المجتمع؛ من ضياع للأمن والأمان والقيم والأخلاق، وكيفية مواجهة ظاهرة التحرش والمتحرشين ونبذ المجتمع لهم. وأوضح الأمين العام أن الحملة ستنتشر في مراكز الشباب والنوادي والمقاهي الثقافية وأقسام الشرطة بالإضافة إلى المساجد؛ للوصول إلى مختلف فئات وشرائح المجتمع لتحذيرهم من هذه الظاهرة الخطيرة. وفي تصريح إلى "المصريون"، قال الدكتور أحمد هارون، مستشار العلاج النفسي وعضو الجمعية العالمية للصحة النفسية، إن "التحرش ليس له علاقة بالجنس تماما، لأن لو كان له علاقة به ما كان الطفل البالغ من العمر 10 سنوات يتحرش، ولو كان متعلقًا بالمستوى التعليمي لما تحرش المدرس، ولو متعلق بالحالة الاجتماعية ما كان تحرش المتزوج، ولو متعلق بالحالة الأمنية ما كان تحرش الرجال بالنساء في ميدان التحرير". وأضاف هارون: "التحرش مرض ينقسم المصابون به إلى اثنين: مضطرب، وهو الشخصية السيكوباتية، وهذا الشخص معروف بأنه أناني شهواني سريع الغضب، والاستثارة لا يبالي بحقوق الآخرين ولا يحترم القواعد العامة ولا القوانين، متمرد وحاقد ويظهر بصورة عدائية في الإيذاء للناس بهذا التحرش". وتابع: "أما الشخصية الأخرى الشخص المندفع القهري الذي يرغب مثلاً بشد الطرحة للفتاة، لكن الأكثر انتشارًا في مصر النموذج السيكوباتي". وأشار إلى أنه "لابد من التوعية الأخلاقية من خلال المؤسسات الدينية، وتقديم برامج هادفة للحد من هذه الظاهرة مع عدم عرض وبث الأفلام والمسلسلات التي بها عري على الشاشات والتي تساهم في انتشار التحرش, وتعلم كيفية معاكسة الفتيات".