رئيس جامعة دمياط يشهد فعاليات المبادرة الرئاسية تمكين لدعم ذوي الإعاقة    وكيل تعليم أسيوط يفاجئ 3 مدارس ويكرم مديرة "الفتح الإعدادية" لتميزها في الأداء    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    محافظ الغربية في جولة مفاجئة بمستشفى طنطا العام الجديد ومحور محلة منوف    اعتماد حركة قيادات الإدارة المحلية السنوية.. غداً    محافظ كفر الشيخ: أسواق اليوم الواحد تضمن وصول السلع للموطنين بأسعار مناسبة    مأساة السودان والجوع والرصاص!    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    مشاركة الخطيب منتدى مبادرة الاستثمار في السعودية    تأهيل ثنائي الزمالك المصاب في التدريبات    خدمة في الجول - اللجنة المنظمة لأمم إفريقيا تمنح تأشيرة المغرب للمصريين مجانا    رياح وشبورة وأجواء خريفية.. الأرصاد تكشف حالة الطقس غدًا الأربعاء    «بوابة أخبار اليوم» تطلق وثائقي «هدية مصر للعالم» احتفاءً بالمتحف المصري الكبير    متحدث الوزراء: 40 رئيسا وملكا ورئيس حكومة يشاركون بافتتاح المتحف الكبير    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    «كاميرات المراقبة تظهر لحظة وقوع زلزال باليكسير في تركيا».. حقيقة الفيديو المتداول    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    طرح أغنية كلكوا فلة ل بوسى والعسيلى من فيلم السادة الأفاضل    جوارديولا: مرموش تجاوز فترة صعبة.. وأحتاج منه شيئا واحدا    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    "المنشاوي" يشهد افتتاح فعاليات المؤتمر العلمي السنوي الثامن لجمعية أسيوط للصدر    وزير الرياضة يُهنئ النوساني بعد فوزه على اللاعب الإسرائيلي في بطولة كندا للإسكواش    إسلام عباس يكشف عن تمثال شخصية الملك لير ويؤكد: نال إعجاب يحيى الفخرانى    السياحة: استعدادات مكثفة داخل المتحف المصرى الكبير تمهيدا للافتتاح المرتقب    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    وجبة الإفطار مرآة جسمك.. ما لا يخبرك به فقدان الشهية الصباحية عن حالتك الهرمونية والنفسية    بعد وفاة طفل بسببها.. ما خطورة ذبابة الرمل السوداء والأمراض التي تسببها؟    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    مجلس الوزراء يعلن بدء العمل بالتوقيت الشتوي اعتبارا من الجمعة المقبل    بعد تسريب بيانات 183 مليون حساب.. تحذير عاجل من الهيئة القومية للأمن السيبراني لمستخدمي Gmail    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    «تعمير» تعلن عن شراكة استراتيجية مع «The GrEEK Campus» بمشروع «URBAN BUSINESS LANE»    ماليزيا تعلن استعدادها للانضمام إلى "بريكس" فور قبولها    روزاليوسف.. ساحة الاختلاف واحترام التنوع    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    فوزي إبراهيم بعد حلقة الحاجة نبيلة مع عمرو أديب: «المؤلفون والملحنون شاربين المر ومحدش بيذكر أسماءهم»    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    الداخلية تعلن البدء فى إجراء قرعة الحج بعدد من مديريات الأمن بالمحافظات    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    ضمن «صحح مفاهيمك».. واعظات «الأوقاف» يقدمن لقاءات توعوية لمكافحة العنف ضد الأطفال بشمال سيناء    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    مقتل ثلاثة أشخاص في جامايكا أثناء الاستعدادات لوصول إعصار ميليسا    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    طارق قنديل: ميزانية الأهلي تعبر عن قوة المؤسسة.. وسيتم إنشاء فرعين خارج القاهرة    خالد الجندي: في الطلاق رأيان.. اختر ما يريحك وما ضيّق الله على أحد    سعر سبيكة الذهب اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025 بعد الانخفاض.. كم تبلغ قيمة السبيكة ال5 جرامات؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فكرة الرعاية المشتركة للطفل
نشر في المصريون يوم 14 - 06 - 2018

إن الأمن والأسرة يكمل أحدهم الآخر ويوجد بينهما الترابط الوثيق، وذلك أنه لا حياة للأسرة إلا باستتباب الأمن، ولا يمكن للأمن أن يتحقق إلا في بيئة أسرية مترابطة، وجو اجتماعي نظيف، يسوده التعاطف والتآلف، والعمل على حب الخير بين أفراده، كل ذلك ضمن عقيدة إيمانية راسخة، واتباع منهج نبوي سديد، هذا الإيمان هو الكفيل بتحقيق الأمن الشامل والدائم، الذي يحمي المجتمع من المخاوف، ويبعده عن الانحراف، وارتكاب الجرائم. إن قانون الرعاية المشتركة للطفل هو الحل المثالي لإنقاذ الأسرة المصرية من الخلافات والصراعات المتزايدة بعد الطلاق، لان أزمات أطفال الشقاق كبيرة ولا يوجد مشروع قانون حاليًا يقدم حلولًا واقعية ومنطقية لها.
إن الأسرة التي نريدها هي الأسرة المتمسكة بعقيدتها الإسلامية السمحة قولاْ وسلوكا، المعتزة بانتمائها لأمتها الإسلامية، المستوعبة لأصول دينها والمحافظة على الالتزام به، المبتعدة عن ضعيفة، المنفتحة على العالم المعاصر بصدر رحب، وعقل ناضج، تفيد من تقدمه بما لا يتعارض مع عقيدتها وما تحمله من قيم نبيلة.
إن هذا الدور لا يتحقق إلا في ظل أسرة واعية تحقق في أبنائها الأمن النفسي، والجسدي، والغذائي، والعقدي، والاقتصادي، والصحي بما يشبع حاجاتهم النفسية والتي ستنعكس بالرغبة الأكيدة في بث الطمأنينة في كيان المجتمع كله وهذا ما سيعود على الجميع بالخير الوفير.
تربية الأبناء عمل صعب وشاق يحتاج إلى وقت وجهد مضاعفين من الوالدين، فالرجل والمرأة اللذان قررا الزواج والحياة تحت سقف واحد عليهما أن يعلما أنهما مشتركان في كل شيء في الحياة من خلال الاحترام والتوافق المتبادل، ومن ضمن هذه المهام تربية الأولاد، وهي تعدّ الشق الأهم والأصعب في الحياة الزوجية، لما فيها من صعوبات وتضحيات من جانب الطرفين، حيث يبذل كل طرف كل ما في وسعه لكي يحقق السعادة والأمان للأطفال ويوفر لهم كل متطلبات الحياة. فالمجتمع الشرقي ينظر إلى المرأة على أنها حجر الأساس في تربية الأبناء، على الرغم من أن دور الرجل لا يقل عنها أهمية،
حيث لا تقتصر مهمة الرجل على الذهاب كل يوم للعمل وتأمين لقمة العيش لعائلته، لكن يمكنه تقسيم وقته والاتفاق مع زوجته بتقسيم مسؤولية الأطفال بينهما، فمثلا يقوم بالتدريس للأطفال بعد عودته من العمل أو اللعب معهم، ومعرفة ما فعلوه خلال فترة النهار، فيجب أن يلجأ الوالدان إلى استخدام أسلوب الحوار مع الأطفال، وأن يبتعدا عن الضرب والعنف، كذلك يجب أن يكون العقاب المتخذ بسبب الخطأ موحدا من قبل الطرفين.
وتشير الإحصائيات العالمية إلى أن الأطفال الذين حظوا بوجود دور فعّال للأب في طفولتهم، كانت لديهم مشكلات سلوكية أقلّ من أقرانهم، وأنه ليس بالضرورة أن يعيش الأب في نفس المنزل مع الأطفال، فقد يكون الأبوان مطلّقين
لكن وجود الأب في حياة أبنائه يكون بشكل فعال، فالأبناء الذين يجدون آباءهم بجانبهم يتميزون اجتماعيا ودراسيا عمّن يفتقدون دور الأب في حياتهم، مؤكدين أن تواجد الأب في المنزل لكي يتقاسم مسؤولية تربية الأبناء مع زوجته يجعله يشكل قدوة لأولاده، بالإضافة إلى أنه سيكون موجودا ليراقب أبنائه، فلا يلقي اللوم على الأم ولا يحملها المسؤولية وحدها، لأن المهام والمسؤوليات مشتركة بينهما دائما.
وأثبتت الدراسات أن قيام الأمّ بمفردها بعملية تنشئة الأطفال ينعكس بالسلب على شخصية الطفل بسبب عدم توازنها، ويظهر ذلك في سلوكه وميله إلى الاعتماد على الآخرين والخضوع لهم، كما يتصف الطفل بالسلطوية.
المجتمع الشرقي ينظر إلى المرأة على أنها حجر الأساس في تربية الأبناء، على الرغم من أن دور الرجل لا يقل عنها أهمية، حيث لا تقتصر مهمة الرجل على الذهاب كل يوم للعمل وكشفت دراسة أجراها باحثون في جامعة ولاية جورجيا، على عينة مكونة من 487 أسرة، حول تقاسم الزوجين واجبات رعاية الأطفال، أن المشاركة في رعاية الأطفال، تترك قدرًا أكبر من الارتياح بين الزوجين.
وأظهرت الدراسة أن العائلات التي تؤدي فيها النساء أكثر من 60 بالمئة من رعاية الأبناء، خصوصاً فيما يتعلق بوضع القواعد والإشادة بالأطفال واللعب معهم، سجلت أقل درجة من الرضا في العلاقة الزوجية أو النزاعات بين الزوجين. وأكدت الدراسة أن الآباء يمكنهم بالفعل تولّي معظم أو جميع مسؤوليات رعاية الأبناء بدون أن يؤثّر ذلك سلبيا على جودة العلاقة بين الطرفين.
أن أغلب الرجال يلقون بمسؤولية تربية الأبناء كاملة على الأم بسبب انشغالهم بتوفير احتياجات المنزل، وهذا يعدّ جهلا منهم بأهمية دورهم في مراحل تربية الطفل، وما يخصهم في تربية شخصيتهم بشكل متوازن، لأن الأب هو القدوة بالنسبة إلى أبنائه، فالأطفال بحاجة إلى أن يشعروا أن هناك عناية وإرشادا يختلفان عما تقدمه الأم لهم، فوجود الأب كمعلم في حياة الطفل يعتبر من العوامل الأساسية لتربيته تربية سليمة.
أن الأب من شأنه أن يحقق التوازن الأسري داخل المنزل، من خلال اهتمامه بأبنائه ومصاحبتهم ومعرفة أفكارهم وميولهم وهواياتهم، ومشاركتهم في كل شيء.
أن دور الأب لا يتوقف عند حدّ معين فهو يماثل دور الأم تماما، بداية من الحمل وحتى بقية العمر، فعلى الأب أن يكون متواجدا بصفة دائمة في حياة الطفل، ولا تفوته أهم اللحظات في حياة ابنه، لأن ذلك يؤثر بشكل سلبي على حالته النفسية وبناء شخصيته، مؤكدين أن تكامل المسؤولية بين الأب والأم والطفل من خلال تدريبه على تحمل المسؤولية والمبادرة في كثير من الأعمال ينعكس على سلوك الطفل وشخصيته، فلا شك أن الأسرة تواجه مشكلة في تقسيم المسؤولية بسبب ضيق الوقت وصعوبات الحياة، لكن يجب العمل قدر المستطاع لتحقيق هذه المعادلة الصعبة، بما يضمن مستقبلا أفضل للأبناء.
تعد الأسرة هي المحضن الطبيعي الذي يتولى حماية الطفولة الناشئة ورعايتها وتنمية أجسادها وعقولها وأرواحها، وفي ظلها تتلقى مشاعر الحب والرحمة والتكافل، وتنطبع بالطابع الذي يلازمها مدى الحياة، وعلى هدي الأسرة وتوجيهها تتفتح، وتفسر معنى الحياة الإنسانية وأهدافها، وتعرف كيف تتعامل مع الأحياء.
إن مرحلة الطفولة هي فترة إعداد وتدريب للدور المطلوب من كل حي في مستقبل حياته، لأن وظيفة الإنسان هي أكبر وظيفة، ودوره الذي ينتظره أعظم الأدوار، لأنه سيحمل أمانة الاستخلاف ودور المبتلى الممتحن بأمانة الله الملقاة على عاتقه لذا كان إعداده وتدريبه للمستقبل أدق وأطول وأشق، ومن هذا المنطلق كانت حاجته لملازمة والديه أشد من حاجة أي طفل لنوع من الأحياء الأخرى. وقد أثبتت التجارب العملية أن أي مؤسسة أخرى غير مؤسسة الأسرة لا تعوض عنها ، ولا تقوم مقامها، وإن جادل الماديون في هذه الحقيقة وزعموا أن لا ضرورة للأسرة، وأن نشأة الطفل في محضن صناعي تساوي نشأته بين أبويه، بل يزيدون فيتحدثون عن إمكان صنع الأطفال بعيدا عن الأسرة وأعبائها الثقال، وكل ذلك مصادم للحقيقة والواقع، فالفطرة الإنسانية لا تقبل الزور، بل سرعان ما تنفضح الأنظمة المخادعة التي تشقي البشرية من حيث توهم إسعادها، فدور المحاضن والمدارس الداخلية لا توفر لكل طفل من العناية والرعاية ما توفره الأسرة لأفرادها تحت إشراف الأم ورعايتها، حنانا وحفاظا على جسده أولا ورفعا لمعنوياته ونفسياته ثانيا .
فالأسرة تعنى بولاية الطفل ورعايته، وتتعهده بما يغذيه وينميه ويؤدبه، ويحافظ على سلامته وأمنه من جميع الأخطار التي يمكن أن تحدق به،
إن الحفاظ على الطفل في صغره من كل أنواع المخاوف التي تسبب له الأذى كالهوام، والسقوط، والأدوات الحادة والجارحة، والنار وغيرها، من وظائف الأسرة نحوه، فالأبوان مسئولان عن حفظه والمحافظة عليه ماديا ومعنويا ، ومن ذلك الاهتمام بالعقبات التي تعترض سبيله، ومن أهمها الخوف الذي هو غريزة فطرية في الإنسان فلا بد من وجود الخوف باعتدال فيه، حتى تكون حياته آمنة ، لأن الطفل الذي لا يخاف أبدا لا بد أنه مصاب بانحراف في نفسه، فالخوف ضروري لبناء شخصية الطفل ووقايته من الحوادث ، والتعرض للمخاطر، كالابتعاد عن النار والآلات الجارحة ، والأدوات الكهربائية وغيرها .
ومن مهام الأسرة تدريب الطفل على الخوف من الله تعالى وتعليمه أن الضر والنفع لا يأتي إلا من الله، وإن أتى من غيره فيكون بتقدير من الله تعالى وبإذن منه. فتدربه الأسرة على العلاقة بينه وبين ربه ، وتخبره أن الله معه إن أحسن في عمله وحسّن خلقه مع الآخرين ، فالله يكافئه بالحسنات ويرفعه الدرجات العليا، وتغرس فيه المعية الإلهية، والحفظ الرباني له ، وإن أحس بخوف علّمه والداه الأدعية والأذكار التي تزيل عنه ذلك الخوف، وبذلك يرتبط بالإسلام منذ نعومة أظفاره ، ومن واجبات الأبوين نحو أطفالهما رعايتهم باستمرار، والاهتمام بطعامهم وشرابهم وألعابهم، وتوجيههم إلى ما يفيدهم من الألعاب دون إكراههم على شيء معين منها، لأنه بقليل من التوجيه يمكن أن يكون اللعب وسيلة ناجحة لغرس بعض الصفات الخلقية والسلوكية الهامة في الأطفال ذكورا كانوا أو إناثا .
تتوقف حياة الإنسان منذ أن يولد إلى أن يموت على ضروريات لا بد له منها وهي التي تتمثل في الغذاء والكساء والمقر، بالإضافة إلى ما يتبع ذلك من الحاجيات التي تحقق له نوعا من الراحة وتلبي له متطلبات غريزته مثل التداوي والتعليم.
إن مطالب الحياة تنقسم إلى الضرورية والحاجية والتحسينية، يهمنا هنا الأول منها ومنه نتناول دور الأسرة في تأمين الأمن الغذائي لأفرادها.
أن المولود أول أمر يحتاج إليه منذ ولادته هو التغذية، وأفضل غذاء له في الفترة الأولى من حياته هو لبن أمه الذي أودع الله فيه عناصر التغذية، والمواد النافعة للرضيع، فقد أمر الله الأم بإرضاع ولدها من لبنها لينتفع به ويستفيد منه قال تعالى:(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة.)
إن الطفل بأمس الحاجة في العامين الأولين من حياته إلى الغذاء عن طريق الرضاع الذي ينمي لحمه وينشذ عظمه، والأب هو المسئول الأول عن الطفل ومرضعته سواء كانت أمه أو غيرها، لأنها تغذي الصغير بلبنها، فوجب الإنفاق عليها لتتغذى وتغذي الصغير بدورها. فالله تعالى أوصاها في الآية السابقة برعاية جانب الطفل وتأمين الغذاء له، ذلك أن حضانة الطفل والسهر على مصلحته، والقيام بشئونه واجب على الأم، لأنها ذات قلب رقيق، وهي وحدها التي تطيق ذلك وتصبر عليه، ولهذا فالأم أحق بحضانة الطفل في حال انفصالها عن الأب لحنانها وعطفها وشفقتها على ولدها أكثر من غيرها حتى من الأب نفسه
قال تعالى:(. لا تضار والدة بولدها.) ولا شك أن لتأمين الرضاع للطفل أهمية بالغة في حياته النفسية والجسدية والأمنية والاجتماعية، حيث (أثبتت الأبحاث العلمية أن الطفل الذي يرضع من ثدي أمه، لا يرضع الحليب فقط، وإنما يرضع معه الحب والحنان، فيحس بدفء الأمومة وحنانها، وهذا يساعد الطفل على أن ينمو في صحة نفسية جيدة، ويكون بعيدا عن الإصابة بالأمراض النفسية في مراحل عمره اللاحقة).
كما أن للغذاء الذي يحصل عليه المولود عن طريق الرضاعة الطبيعية دور في سلوكياته في مستقبل حياته فقد بينت الدراسات التي أجريت على بعض محترفي الإجرام في العالم أن كثيرا منهم قد حرموا من الرضاعة الطبيعية في طفولتهم
وهكذا نجد أن تأمين الغذاء والرضاعة والحضانة من الأسرة لأفرادها له دور بارز في التنشئة السليمة البعيدة عن الانحراف والعنف والجريمة مما يترتب عليه إيجاد أفراد صالحين مستقيمين يكوّنون لبنات أساسية لمجتمع متماسك تقوم علاقاته على التآلف والمحبة.
وبالتالي يكون الأمن ضروريا للفرد والأسرة والمجتمع، على حد سواء، وبشكل لا يمكن الفصل بينهم، كما لا يمكن أن يشعر الإنسان بالأمن والطمأنينة في مجتمع تسوده الفوضى، وتنتشر فيه المخاوف، وترتكب فيه الجرائم، ذلك أنّ أمن المجتمع مرتبط بأمن الفرد الذي يعيش فيه، وهذا يفرض على الأسرة أن تتحمل جلّ المسئولية تجاه أمن المجتمع، بغرسه وتنميته في نفوس أفرادها وسيكون مردود ذلك وثمرته عليها وعلى المجتمع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.