أثارت الأرقام التي أشار إليها المستشار عبدالله الباجا رئيس محكمة الأسرة التي تفيد بأن حالات الطلاق في العشر سنوات الأخيرة منذ بداية قانون الخلع بلغت 4 ملايين حالة. بينما بلغ عدد الأطفال ضحايا الطلاق 7 ملايين طفل يعيشون في تفكك وآلام نفسية.. ومع بداية الاحتفال بأعياد الطفولة نتذكر هؤلاء الضحايا. لذلك حرصنا علي رصد أهم الآثار المترتبة علي هذا الطلاق بالنسبة للأطفال ورأي العلماء فيها في هذا التحقيق. لم تكن حداثة سنه وراء اندفاعه وقتل جدته لأمه بطعنها حتي الموت ولكن أحلامه التي فاقت قدرات خياله هي التي صوّرت له أنه يستطيع تحقيق المستحيل عندما يرتكب هذه الجريمة. فقد نفث الشيطان سمومه داخل "كربم" وأوهمه أن جدته تدخر مبالغ مالية طائلة بخلت بها علي نفسها وأولادها لتكون في النهاية من نصيبه هو.. إلا أن الأقدار لا تسير دائما وفق ما يجري في خيال المجرم. فقد كان مصيره الحبس الاحتياطي في انتظار حكم المحكمة. أشار كريم إلي أنه نشأ في أسرة مصرية بسيطة تعيش حياة سعيدة في حدائق المعادي حيث شقة والده الذي كان يعمل سائقاً بشركة بترول وكان دخله يوفر لنا حياة كريمة إلي أن عرفت المشاكل طريقها بين والدي ووالدتي ليقوم بتطليقها منذ 9 سنوات وتركنا أنا وشقيقتي الكبري مني -24 سنة- وخالد "21 سنة" دون أي مسكن ومأوي حيث لم يعط لأمي أياً من حقوقها الزوجية. وذهب ليتزوج من أخري. فانتقلنا أنا ووالدتي وشقيقاي لمسكن جدتي لأمي بمنطقة دار السلام حيث كانت لأمي شقة ورثتها في العقار. قضينا ليالي في الشقة لن أنساها في حياتي. وكنا ننام علي البلاط. واضطرت والدتي للعمل كوافيرة كي توفر لقمة العيش لنا. ورغم أن جدتي كانت تحصل علي دخل لا يقل عن 4 آلاف جنيه شهرياً كحصيلة معاشها لجدي وإيجارها للعقار إلا أنها كانت تبخل علينا بأي أموال في الوقت الذي كنت أكمل فيه دراستي. وأحاول جاهداً إنهاءها لمشاركة أمي في الأعباء التي كانت تثقل كاهلها ولم يفكر والدي في إرسال أي معونات لنا وغرق في نعيم الدنيا مع زوجته الأخري. أضاف: فكرت أمي في الزواج من شخص آخر كي يساندها علي أعباء الحياة إلا أن هذه الزيجة لم تستمر لأن أمي كانت تشعر بالضيق لرفضنا أن يمسها شخص آخر غير والدي. فضلاً عن إهانته المتكررة لها أمامنا. وبدأت الخلافات تدب من جديد بيننا وبين جدتنا التي كانت تكرهنا وتفضل علينا أبناء خالاتي الآخرين وتغدق عليهم بالنقود والأموال بينما كانت تكيل لي ولشقيقاي السباب واللعنات في كل مرة ترانا فيها. وأنهي كلامه: واستيقظت يوم الجريمة برأس مثقل وجسد متعب وكنت بمفردي بالشقة ولم أجد في جيبي أي جنيه أستطيع شراء المخدرات. وهنا وسوس الشيطان بداخلي للتخلص من جدتي التي تكنز الأموال. فدخلت عليها وطعنتها بكل ما يعتلج في صدري من ضيق وحقد وألم. علي الجانب الآخر فقد يؤدي التفكك الأسري للأغنياء غالباً إلي ارتكاب المخالفات الجسيمة وليس أدل علي هذا من قضية هبة ونادين اللتين تم قتلهما في شقة إحداهما التي تقع في أحد الأحياء الراقية تبين أن الحالتين ضحايا للتفكك الأسري والثراء. فقد تبين من خلال التحقيقات العثور علي زجاجات خمور فارغة وآثار لمواد مخدرة. وأن القتيلة كانت تستقبل عدداً كبيراً من الأصدقاء وزملائها في الجامعة. وأنها كانت تسافر دائماً بصحبة صديق لها. وكان يلازمها كثيرا في تحركاتها ويتردد عليها في شقتها. أوضحت دراسة حديثة قام بها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن هناك 2 مليون طفل مشرد في مصر. منهم 90 ألفاً في القاهرة فقط. وان التفكك الأسري نتيجة وفاة العائل أو وقوع الطلاق بين الوالدين واتجاه كل طرف إلي الزواج بآخر هو أهم الأسباب. خاصة طلاق الأسر الفقيرة حيث يتعرض الأبناء لمشاكل الطلاق. ولقد أشارت احدي الدراسات أن 90% من أطفال المشردين لديهم آباء وأمهات فهم ليسوا لقطاء وينقسمون إلي أطفال يعيشون بين الشارع والبيت وأطفال يشتغلون بالشوارع وأغلبهم يحققون دخلاً لا بأس به. وأطفال يتعرضون للاستغلال البشع من الشارع. إما عن طريق تشغيلهم في ظروف صعبة أو عن طريق الاستغلال الجسدي. الخلع والمجتمع أشارت د. عزة كريم -أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية إلي أن الخلع تسبب في زيادة حالات الانفصال الأسري عما كانت عليه قبل عشر سنوات حيث كان الزوج وحده هو الذي ينهي الزواج بالطلاق ثم أعطي الخلع للزوجة هذا الحق الذي له انعكاسات سلبية علي الأبناء. من جانبها تري دكتورة مها الكردي -أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية- أن الخلع يتناسب مع طبيعة المرأة القادرة مادياً. وتؤكد أن القانون طبقي جاء في مصلحة فئة معينة والفئة العظمي من المجتمع المصري غير قادرات. الآثار النفسية يري دكتور خالد عبدالوهاب -أستاذ علم النفس المساعد بآداب بني سويف- ان أهم آثار التفكك الأسري علي الأبناء هو فقدان الأمن ويعتبر من أهم الآثار النفسية للتفكك الأسري. فالأولاد لا يشعرون بالأمن. فقد تواجه الولد مشكلة لا يستطيع حلها ويفتش عن أبيه فلا يجده لأنه قد يكون في بيت آخر مع زوجته الأخري ويؤدي ذلك بالولد إلي فقدان القدوة والمثل الأعلي الذي يساعده في حل مشاكله. كذلك ضعف الجانب الاقتصادي. فالأطفال لا يجدون من يلبي طلباتهم وقد يؤدي ذلك بالأبناء إلي الانحراف حيث يتعلم من رفقاء السوء الطرق المحرمة للحصول علي لقمة العيش كأن يتعلم كيفية ارتكاب جريمة السرقة أو أن يمارس بعض الأعمال المحرمة في سبيل الحصول علي المال. كما يعتبر التفكك الأسري ضربة قاضية علي الاستقرار الأسري فتؤثر علي العلاقات الأسرية سواء كانت بين الزوجين أو بين الزوجين والأبناء. وفي حالة زواج الأب مع وجود الأولاد معه قد تخلق لهم مشاكل كثيرة وفي حالات كثيرة تكون زوجة الأب عامل تعذيب واضطهاد لهم. وكل تلك العوامل والضغوط النفسية قد تسبب انحراف الأبناء. وفي أحيان قليلة جدا قد يحدث العكس وتقوم زوجة الأب بالعطف علي الأبناء وتربيتهم تربية صالحة. يضيف: ان الطفل يعاني من صراعات داخلية فيحمل هذا الطفل دوافع عدوانية تجاه الأبوين وباقي أفراد المجتمع. وفي كثير من الحالات ينتقل الطفل من بيت الأسرة المتفككة ليعيش غريباً مع أبيه أو أمه فيواجه بذلك صعوبات كبيرة في التكيف مع زوجة الأب أو زوج الأم. وقد يقوم الطفل بعقد مقارنات بين والديه وبين الوالدين الجدد مما يجعله في حالة اضطراب نفسي مستمر. كما يعقد الطفل مقارنات مستمرة بين أسرته المفككة والحياة الأسرية التي يعيشها باقي الأطفال مما يولد لديه الشعور بالإحباط أو قد يكسبه اتجاها عدوانياً تجاه الجميع وبالأخص أطفال الأسر السليمة. وكثيراً ما يتعرض الطفل للاضطراب والقلق نتيجة عدم ادراكه للأهداف الكائنة وراء الصراع بين الوالدين أو أسباب استخدامه من قبل والديه في شن الهجوم علي بعضهما البعض واستخدامه كأداة لتحقيق النصر علي الطرف الآخر. يؤدي هذا الاضطراب في مرحلة الطفولة إلي اضطراب النمو الانفعالي والعقلي للطفل فيبرز للمجتمع فرد بشخصية مهزوزة أو معتلة يعود بالضرر علي المجتمع بأكمله. يوضح أن حرمانهم من النشأة الطبيعية وتركهم عند الأقارب الذين لا يحسنون رعايتهم يترتب علي ذلك عدم استقرارهم نفسيا إذ تنشأ عندهم روح النقمة بسبب إبعادهم عن أمهاتهم فيصابون بأقسي الحالات النفسية وذلك لتأثرهم بالجو العدائي المحيط بهم متمثلاً في خصام الوالدين وعراكهم المستمر تجعل مشاعره غير مستقرة ويكون الاضطراب في مثله العليا مصاحبا له وأيضا يمتد أثرها علي حياته الدراسية ويعتبر تصدع الأسرة سبباً هاماً في انحراف الأحداث وفي السلوك الإجرامي عامة. ويضيف أن من أبرز الآثار الناجمة عن التفكك الأسري علي الأولاد عندما تتزوج الأم بعد الانفصال ويتزوج الأب من أخري وبالتالي فقد يعيش الأولاد مع أبيهم أو مع أمهم وكلا المكانين يذوق فيهما الأولاد المرارة والعذاب غالباً. وقد تورث الأسرة المتفككة أجيالها الإصابة بالعقد النفسية والمشاكل العصبية وتستمر هذه العقد حتي أثناء تكوينهم لأسر حيث تؤكد الدراسات العلمية والطبية أن أبناء المطلقين والمطلقات يعانون من مشاكل نفسية وجسمية أكثر من الأبناء الذين يواصلون عيشهم تحت سقف بيت واحد مع والديهم. إضافة إلي أن أداءهم في المدرسة يكون أقل ثمانية أضعاف الأطفال الآخرين. أسباب الزيادة من جانبه يشير المستشار عبدالله الباجا -رئيس محكمة الأسرة إلي أن حالات الطلاق بلغت 4 ملايين حالة وذلك في الفترة من عام 2000 إلي 2010 وبلغ ضحايا الطلاق 7 ملايين طفل بينما بلغت حالات الطلاق في الفترة من 1990 إلي سنة 2000 مليون ونصف. أشار إلي أن قوانين الأحوال الشخصية حالياً تميل لصالح المرأة وأضعفت مركز الرجل حيث أعطت المرأة حق الحضانة والمسكن والولاية التعليمية والخلع وإجازة الجواز العرفي. إضافة إلي الاهتمام الزائد من جانب الجمعيات النسائية ودعاوي التحرر وتمكين المرأة لتحقيق مكاسب شخصية وأغفلنا أن المرأة والرجل قوام المجتمع ولا يجوز الاهتمام بطرف علي حساب الآخر. ولكن يمكن إحداث توازن بينهما. أكد أن الخلع وأشياء أخري منها الاستقلال الاقتصادي للمرأة وغياب مفهوم الزواج وقدسيته وتراجع الأخلاقيات وعدم الاختيار بشكل لائق أهم أسباب تزايد حالات الطلاق والخلع. حكم الشرع وفي النهاية تؤكد دكتورة إلهام شاهين -الأستاذ بجامعة الأزهر- أن الإسلام كفل حق الأبناء قبل الولادة وهم مازالوا أجنة في بطون أمهاتهم. فلهم حق الرعاية والإنفاق عليهم من خلال الأم برعاية الأم صحيا ونفسيا. فينفق عليها الأب حتي لو كانت مطلقة وبعد الولادة إذا كان هناك تنازع بين الوالدين. فإذا وقع الطلاق كانت الأم في الشريعة الإسلامية هي الأولي بالطفل لأنها هي الأكثر شفقة وحنانا من الرجل. فلها حق حضانة الصغير حتي لو كانت كتابية "أي من أهل الكتاب" فقد أتت امرأة إلي النبي. فقالت: يا رسول الله. إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له ثقاء وحِجري له حواء. وان أباه طلقني وأراد أن ينتزعه منّي. فقال رسول الله: "أنت أحق به ما لم تنكحي" فإذا تزوجت الأم بشخص قريب للطفل كأن يكون عمه أو ما شابه ذلك فلأن لها أيضاً أن تحتضنه ويظل معها. أما إذا تزوجت من شخص أجنبي عنه أو غير محرم منه. فإن الحضانة تنتقل إلي الجدة أم الأم ثم الجدة أم الأب ثم لأخوات الصغير ثم للخالات ثم للعمات. فكل هذا انتقال لصغير بين النساء القريبات منه والأرحم والأرفق به. فإذا كبر في السن وأصبح لديه وعي. فإن حضانته تكون للأحرص علي مصلحته والأنفع له والأقدر علي إحسان تربيته ورعايته سواء كان الأم أو الأب فقد تنازع أبوان صبياً عند بعض الحكام فخيّره بينهما فاختار الصبي أباه. فقالت أمه: اسأله لأي شيء اختار أباه. فسأله فقال الصبي: أمي تبعثني إلي الكتّاب كل يوم. والفقيه يضربني. وأبي يتركني ألعب مع الصبيان. فقضي القاضي به للأم. وقال: أنت أحق به. فمصلحة الأبناء وحسن تربيتهم ورعايتهم في الإسلام أهم وأولي ممن يقوم عليه. تضيف أيضاً أنه من حقوق الطفل في حال التنازع حق الإنفاق عليه. فالأب لابد أن ينفق عليه في أي مكان يكون فيه سواء كان في رحم أمه أو في حِجرها ترضعه أو في يدها تربية وذلك حتي يشب ويبلغ ويستطيع أن يكسب مالاً ينفق منه علي نفسه. والله تعالي يقول: "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلي المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفساً إلا وسعها". فنفقة الأبناء علي الآباء بنين وبنات حسب قدرتهم ومن فرط في ذ لك وأهمل فقد لزمه إثم كبير لقول رسول الله: "كفي بالمرء إثما أن يضيّع من يعول" أو من يقول فأفضل دينار وأفضل ما ينفقه الرجل في الأسلام هو ما ينفقه علي عياله هو الأعظم أجراً عند الله فأعالة الأولاد ورعايتهم والإنفاق عليهم إعالة إجبارية في الإسلام يتكفل بها الأب ويسأل عنها ويشمل ذلك أيضاً مراقبة السلوك والأخلاق والمتابعة.