تراجع السفير الإثيوبي لدى السودان مولوجيتا زودي عن تصريحاته حول أن بلاده لن تقبل باعتماد اتفاقية مياه النيل الموقعة بين السودان ومصر عام 1959 باعتبارها مرجعية لمفاوضات سد النهضة بين الدول الثلاث. وقال "زودي"، إن "المفاوضات الثلاثية وصلت إلى حل جذرى سيتم الإعلان عنه خلال الفترة المقبلة، بعد إتمام المفاوضات التساعية الجارية خلال الفترة الأخيرة". وأضاف: "الحل تم التوصل إليه بالفعل خلال اجتماعات اللجنة التساعية بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، وهذا الاجتماع يعد امتدادًا لاجتماع العاصمة السودانية الخرطوم فى شهر مايو الماضى". ورأى خبراء، أن تصريح السفير الإثيوبى يمكن أن يمثل نقطة انطلاق جديدة للمفاوضات بين الدول الثلاث، بعد موجة من التصريحات العدائية من الجانب الإثيوبي، ومن ثم بدء مرحلة ما بعد حل الأزمة، خاصة وأن أديس أبابا مستمرة بالفعل فى بناء سد النهضة، الذى أصبح أمرًا واقعًا يجب التعامل معه، ودراسة تأثيراته بروية لأخذ قرارات على مستوى الرئاسة، خلال اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسى مع الرئيس السودانى عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبى آبي أحمد خلال القمة الإفريقية المقبلة. قال الدكتور عباس شراقى، رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، إن "تصريحات السفير الإثيوبى بالسودان لها دلالة كبرى فى المفاوضات حول سد النهضة، ورمزيتها أنها تأتى من سفير في دول السودان الطرف الثالث في المفاوضات الثلاثية، والتي لها دور كبير فيها وربما أكثر من إثيوبيا ومصر أنفسهما، بما أنها تقوم بدور الطرف والوسيط على حد سواء". وأضاف في تصريح إلى "المصريون": "يجب البناء على ما تقدم من تصريحات السفير الإثيوبي، خاصة وأن هناك مفاوضات جديدة ستجمع بين الأطراف الثلاثة في منتصف شهر يونيو الحالي، استكمالاً للمفاوضات التساعية المستمرة بين الأطراف الثلاثة". وتابع شراقى: "ما يجب أن تنتبه إليه الحكومة المصرية نفسها، هو الشفافية في عرض نتائج المفاوضات على المجتمع المصري، خاصة أنه من الملاحظ، خروج كافة التعليقات والمعلومات من قبل الجانب الإثيوبي فقط، وهو أمر غير مستحب بالمرة، أن يتلقى المصريون المعلومات بهذا الصدد من خلال جهات خارجية، بالتأكيد لها مصلحتها التي تتعارض مع مصالح الشعب المصري". من جهته، قال السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن "الفترة المقبلة ستشهد العديد من التطورات فيما يخص الموقف المصرى والإثيوبى فى مفاوضات سد النهضة، خاصة مع بداية المفاوضات التساعية بين الدول الثلاث، وهو الأمر الذى سمح لرؤساء المخابرات العامة بالمشاركة فيها". وأضاف ل"المصريون": "مشاركة رؤساء المخابرات العامة في المفاوضات، أتاح الفرصة لإزالة المخاوف بين المفاوضين، باعتبارها أكبر جهة سيادية يمكن أن يصدر عنها تصريح أو وعد دبلوماسي، ومن ثم وجب الإشادة بالقرار، الذي على الرغم من كونه أدى إلى زيادة رقعة المفاوضين على طاولة المفاوضات، إلا أنه سمح بدخول اللاعب المهم لحضورها". وشدد بيومى على أن التهدئة بين مصر وإثيوبيا تمثل مسألة مهمة للرئيس عبدالفتاح السيسي، والذى ينوى لقاء رئيس الوزراء الإثيوبي، بالإضافة إلى الرئيس السوداني خلال القمة الإفريقية العادية فى شهر يوليو المقبل. وتجرى العديد من جولة حول أزمة سد النهضة بين الدول الثلاث كان آخرها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 5 مايو الماضي. واستهدف الاجتماع حسم الخلافات المتعلق بالتقرير الاستهلالي الذي أعده المكتب الاستشاري الفرنسي حول الآثار السلبية لسد النهضة على مصر والسودان من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. لكن وزير الخارجية سامح شكري قال إن الاجتماع لم يتجاوز التعثر في مسار المفاوضات. وتخشى القاهرة من احتمال أن يؤثر السد سلبًا على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل، مصدر مصر الرئيسي للمياه. بينما تقول إثيوبيا إن السد سيحقق لها فوائد عديدة، لاسيما في إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يُضر بدولتي المصب، السودان ومصر. وتمنح الاتفاقية الموقعة بين مصر والسودان في 1959، القاهرة 55.5 مليار متر مكعب سنويًا من مياه نهر النيل، بينما تحصل الخرطوم على 18.5 مليار متر مكعب.