"الشرعية".. سلاحها من أجل المصالح الزعفرانى: تبحث عن حساباتها السياسية "الكتاتنى": فرق شاسع فكريًا وتخطيطيًا بين إخوان تركيا ومصر خبير بمركز الأهرام: مساندة "الإخوان" لأردوغان من أجل مصالحها خبير فى الشأن التركى بالمركز الإقليمى: "الإخوان" مصابون بحالة موت سريرى أستاذة علوم سياسية: تعاونوا مع "أردوغان" خدمة لشعبيته التى تنحصر بعد إعلان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة فى الرابع والعشرين من يونيو المقبل، حتى سارع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فى تركيا، بتأييد موقف الرئيس التركى، وهو الأمر الذى يفتح ملف تناقض موقف الجماعة من الانتخابات الرئاسية المبكرة فى مصر عن نظيرتها فى تركيا، وتمسكهم بما يسمى بالشرعية، على الرغم من أن أردوغان أقدم على خطوة الانتخابات المبكرة قبل موعدها بعام ونصف العام استجابة لمطالب المعارضة.
يقول خالد الزعفراني، الباحث بشئون الجماعات الإسلامية، عن دعم الإخوان للرئيس التركى "أردوغان": "الرئيس التركى أردوغان"، حدد قرار الانتخابات التركية بغير موعدها لأجل مصلحته الخاصة، مشيرًا إلى أن الأمر بأكمله له حسابات سياسية بحتة، لأن حزب العدالة الذى ينتمى له أردوغان، يرى أنه من الممكن أن يخسر فيها إذا أجريت فى المستقبل، نظرًا لأنه من الممكن أن يقدم على إجراءات تؤثر على شعبيته وتزيد الغضب الشعبى عليه، مما يؤدى إلى فقدان منصبة، لذلك قام بتغير موعدها. وأضاف الزعفرانى فى تصريحات خاصة ل«المصريون» قائلاً: "فيما يتعلق بموقف الإخوان فهم أيدوا هذا القرار على عكس رد فعلهم فى مصر، وهذا يرجعنا إلى النظرة الثابتة فى اعتقادهم بأنهم الأفضل، فالشعب المصرى بجميع طوائفه السياسية والدينية رفض حكم الجماعة من أول عام لها، وطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، بسبب الغضب الشعبى الهائل، خاصة وأن مرسى قد فاز بنسبة 51% من إجمالى أصوات الناخبين، أى أن هناك نسبة كبرى تعادل النصف رفضت الإخوان منذ البداية، ولكن أصبح الغضب الشعبى كبيرًا، فكان عليه أن يختار الطريق الديمقراطي، أى الانتخابات الرئاسية المبكرة، ولكن تعنتوا وأصروا على الاستمرار بهذه الطريقة، وكانوا يعلمون إنهم سيخسرون، ولكن أردوغان يعرف أنه سيفوز الآن وبكل ثقة وأريحية". وتابع قائلاً: "دعم القرار التركى من قبل الإخوان وتهليلهم له، فهذا يعود إلى المصلحة السياسية، فالجماعة ليست دينية بل هى جماعه سياسية، فهى تمارس السياسية بكل ألاعيبها، وما فيها من مصالح، ومن يتحدث عن وجود اختلاف بين إخوان مصر وتركيا، هذا خطأ كبير، فالإخوان كما قال "محمود حسين"، والذى يعد الآن أحد كوادر الإخوان الرئيسية، "الإخوان أقرب لأربكان من أردوغان"، ويعد "نجم الدين أربكان" هو المؤسس لحزب "السلامة الوطنى" التابع ل"اردوغان"، وهذا الحزب ليس له جماعة ولا يمارس الدعوة، ودائمًا يدعى العلمانية، أما الإخوان يرددون أنهم جماعة شاملة، سياسة ودعوية، وتمثل نفسها بأنها البديل للدولة". وأردف خبير الجماعات الإسلامية قائلاً: "الرئيس التركى لا يؤيد الإخوان لأنه إخوانى بل من باب المصالح والأساس القائم على المصلحة السياسية خاصة والإخوان يرون أن تركيا أشبه بما يريدوا أن يطبقوه، ويروا أنها دولة متقدمة اقتصاديًا وعسكريًا فى المنطقة، ويريدون أن يجعلوا لأنفسهم أذرعًا فى كل دولة يروا أنها مركزية وقوية ولها تأثير فى العالم، وعلى الجانب الآخر الجماعة كبيرة ولها تاريخ ومن الممكن أن تحكم فى يوم ما، فيجب أن يكون هناك حليف لها، ولكن فى النهاية الإيديولوجيات مختلفة" . ويوافقه فى الرأى إسلام الكتاتنى، أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المنشقين، والذى وصف أعضاء الجماعة، بأنهم يتسمون بالغباء السياسى المنقطع النظير، بالإضافة إلى أنهم متكبرون" . وأضاف الكتاتنى، فى تصريحات خاصة ل«المصريون» قائلاً: "عندما ترى ما يحدث من قيادات تركيا وتقارنه يما يحدث من قيادات الإخوان بمصر ترى أن هناك فرقًا شاسعًا فى الفكر والتخطيط والتنفيذ، فهم لم يتعلموا من "أردوغان" الذين يسكنون فى أرضه الآن". وتابع قائلاً: "الإخوان لم يفصلوا الحزب عن الدعوة، مثل أربكان، وعندما قرر أبوالفتوح أن يظهر بمنظور آخر كأنه مثل "أردوغان" انقلب عليه الرجل الحديدى بالجماعة خيرت الشاطر، وأطاح به من الجماعة، فى المقابل قاموا هم بالترشيح، فأخطأوا بشكل كبير، ودفعت ثمنه مصر بأكملها، ولم يعتذروا حتى الآن والأهم أنهم لم يروا أنفسهم خطأ". وأشار فى تصريحاته: "الإخوان لم يوافقوا على انتخابات رئاسية مبكرة، كما حدث فى تركيا وهللوا لها، لأنهم يمتلكون شزفرينيا فكرية، وأصروا على لفظ الشرعية وغيرها من الألفاظ، ولكن إذا كانوا أخذوا القرار وتم فرض رأى الشعب من خلال انتخابات كان الوضع تغير تمامًا". وعن الاختلاف بين إخوان تركيا وإخوان مصر أوضح: "القيادة هى الفرق بينهم وبين أخوان تركيا، بالإضافة إلى أن الإخوان لم يقوموا بعمل إجراءات لأى مراجعات فكرية، وإخوان تركيا يعلمون جيدًا ماذا يفعلون، ويسعون دائمًا إلى فصل الدعوة عن السياسية مما جعل الجميع متماسكًا فى تركيا". وفى نفس السياق، قال الدكتور بشير عبد الفتاح، الخبير بالشأن التركى فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن تأييد الشخصيات المحسوبة على جماعة الإخوان فى تركيا لقرارات الرئيس التركى، ينبع من علاقتهم الوثيقة بهذا النظام، وشعور الاحتضان التام الذى تمارسه تركيا معهم من بعد 3 يوليه 2013 وخروج الكثير من إخوان مصر إلى تركيا للاندماج مع إخوان تركيا . وأضاف عبد الفتاح، خلال تصريحات خاصة ل« المصريون»، أن الإخوان المتواجدين فى تركيا يشعرون بالاطمئنان التام لذلك يدعمون كل قرارات القيادة السياسية هناك، وبشكل خاص عزم أردوغان القيام بانتخابات رئاسية مبكرة لأنه إذا قام بعقدها فى ميعادها الأساسى بنهاية عام 2019 سيخسر شعبية كبيرة وتتراجع قيمة حزب العدالة والتنمية المحسوب عليه سياسيًا، وقد يؤثر ذلك على وضعهم فى تركيا. ويتابع الخبير بالشأن التركى: "كل شىء يصب فى مصلحة السلطة فى تركيا، ففى عهد أردوغان جماعة الإخوان تؤيده حتى وإن كان على باطل من أجل حماية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية". وعن موقف الجماعة المتناقض تجاه الفكرة التى اقترحتها المعارضة المصرية التى كانت متمثلة فى جبهة الإنقاذ قبل مظاهرات 30 يونيو 2013 بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، من أجل خروج الرئيس الأسبق محمد مرسى من الحكم، قال الخبير بالأهرام للدراسات السياسية، إن هذا الأمر معهود بالنسبة للجماعة عدم الثبات على المبدأ، فالمصالح السياسية والحسابات الأيديولوجية فقط التى تتحكم فيهم، فمن غير المنطقى الاستغناء عن الأمر، لذلك دفعوا الثمن كبيرًا خلال مواجهاتها مع الدولة وخاصة الطرف الذى تبنى سياسة العنف منهم. ويمضى كرم سعيد، الباحث فى الشأن التركى بالمركز الإقليمى للدراسات الإستراتيجية قائلاً: "جماعة الإخوان فى مصر لم تعد تمتلك من أمرها شيئًا وأصبحت مصابة بحالة الموت السريرى، وذلك لأن العنصر المسبب للعنف منها هو المتصدر للصورة وإن كانت فئات أخرى منهم وعددهم ليس بقليل لا تحمل أى تعاطف للدولة المصرية، ومنذ 3 يوليو تعيش أزمات كلية دنيوية وسياسية واقتصادية ". وعن توجهات جماعة الإخوان المتواجدة بتركيا، يشير الباحث بمركز الإقليمى، إلى أن الجماعة وراء المصلحة فى أى مكان ولم يجد إخوان مصر بعد 30 يونيو سوى قطروتركيا، للتوجه إليهما عازمين على الاستقرار بين يدى من استقبلوهم وبالتالى تتضح النظرية أنه لا يبدو أى مبدأ محدد أو رأى ثابت لهم على المستوى السياسى، فالإخوان فى مصر هم الإخوان فى تركيا بنفس الأيديولوجية ونفس الأهداف ولكن الحصول على الدعم والمساندة الخارجية تستلزم لهم التخلى عن الكثير مقابل ذلك. ويمضى سعيد، مستكملاً حديثه: "الإخوان تؤيد الرئيس التركى فى فكرته للانتخابات الرئاسية المبكرة، ودائمًا ما تناصره لأنه العامل الوحيد فى بقائهم فى تركيا ودعمهم إليه الخيار الوحيد لهم، أما فى نفس السياق هناك جانبان يجب الإشارة إليهما فى أن الانتخابات التركية توحى بحالة التماهى والاندماج السياسية والأيديولوجية بينهم وكذلك حالة الضعف والتوتر والاختلال، التى تصيب الجماعة هناك فى الفترة الحالية". الدكتورة يمن الحماقى، أستاذة العلوم السياسية بجامعة عين شمس، أكدت أن جماعة الإخوان دائمًا تطوع أيديولوجيتها الدينية لخدمة السياسة وهذا ما ظهر جليًا فى تعاملهم مع السلطة فى تركيا، حيث وافقوا الرئيس التركى على التخلى عن الشرعية التى دافعوا عنها فى مصر إبان الاحتجاجات الشعبية على حكمهم فى 2013 ورغم ذلك تبدلت الأمور ودعموه فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خدمة لشعبيته التى بدأت فى الانحصار ومن أجل التسبب فى إرباك لمطالب المعارضة التركية فضلاً، عن مشاركتهم هدف واحد فى إحياء الخلافة الإسلامية، إذن يحكمهم دائمًا المصلحة أينما تتحقق هم يتواجدون. وتضيف الخبيرة فى العلوم السياسية فى تصريحاتها ل« المصريون»، أن تغيير مبادئ الجماعة ليس بجديد فمنذ تأسيسها وهى تختل فى الثبات على خط سياسى واحد ومتغيرة المواقف أينما توفرت المصالح، فلكل حقبة حكم لها مميزات مختلفة عن الأخرى لديهم، فنجد أن تعاون الرئيس التركى معهم حقق لهم التقدم فى نقاط كثيرة سياسية واقتصادية وإعلامية لذلك من الطبيعى أن يحدث توافق كامل بينهم. وعن الأسباب الكامنة وراء إجراء الانتخابات الرئاسية التركية المبكرة تقول الحماقى: "الوضع الاقتصادى المتدهور للعملة التركية وانخفاض قيمتها بجانب المشاكل السياسية مع المعارضة ودخوله فى الحرب على الأراضى السورية استهلك الكثير من الأموال والذخائر وهذا ضد مصالح شعبه بشكل مباشر".