معلوم أن الدستور هو أبو القوانين.. وعادة ما تناضل الشعوب من أجل دستور جيد ضمانًا للحريات وتأكيدًا على الحقوق والواجبات للأفراد والمؤسسات.. وكما يُعرّفه الفقه الدستورى؛ فهو القانون الأساسى الذى يبين شكل الدولة ونظام الحكم فيها، وينظم السلطات العامة من حيث تكوينها واختصاصاتها وعلاقاتها بعضها ببعض، ويقرر حقوق الأفراد وحرياتهم، ويضع الضمانات الأساسية لهذه الحقوق والحريات.. ونحن بلا شك فى حاجة ماسة إلى سرعة إصدار الدستور الجديد، دستور الثورة، الذى من المأمول أن يفتح الباب لانطلاقة تنموية وحضارية تناسب شعب مصر الذى فجر أعظم ثورة فى التاريخ.. ولا شك أن أى تأخر فى إنجاز الدستور يساعد عصابة المخلوع -التى تتآمر على الثورة وعلى الوطن- على حياكة المؤامرات ضد المؤسسات الشرعية المنتخبة بحجة عدم الدستورية!، على الرغم من أن الثورة أسقطت النظام ودستوره. ومشكلة مصر حاليًا تكمن فى سيطرة نظام المخلوع على مفاصل البلاد من خلال مَن زرعهم من المسئولين للمعاونة فى عملية التوريث وصاروا حجر عثرة أمام الثورة، ومعروف أن المخلوع لم يكن ليعين أحدًا فى منصب رفيع يخشاه مستقبلاً (خصوصًا المناصب التى تتمتع بالاستقلالية) إلا إذا كان ضامنًا ألا ينقلب عليه فى وقت من الأوقات.. وخير ضمان أن يمسك عليه (ذِلة) تكون سيفًا معلقًا على رأسه ليظل خاضعًا للنظام الطغيانى؛ حتى بعد سقوطه.. ويقال إن زوجة المخلوع لديها من الملفات والذّلات ما يمكنها من تحريك المؤامرات ضد النظام الثورى الجديد.. لذا فالسرعة مطلوبة لإنجاز الدستور، وتحقيق الاستقرار. ومن المشكلات التى سيواجهها واضعو الدستور الجديد مشكلة نسبة ال 50% للعمال والفلاحين، التى تمسك بها الطغاة جميعًا، ليس حبًا فى هذه الفئة المطحونة، ولكن ضمانًا لإبعاد أكبر عدد من النواب (المشاغبين)، المتعلمين والمثقفين وذوى الرأى، الذين يصرون على ممارسة الحق فى التمثيل النيابى الحقيقى.. ولا شك أن العمال والفلاحين سوف يتمسكون بهذه الميزة الكبرى التى تمنحهم الأولوية فى النجاح فى الانتخابات على حساب الفئات الأخرى، حيث ينجح الأقل فى الأصوات أو فى الترتيب إجباريًا لاستكمال هذه النسبة.. فالمجلس الحالى بغرفتيه يحتوى على أغلبية منهم.. والنقابات العمالية بدأت تتحرك للضغط فى اتجاه الإبقاء على هذه النسبة غير الطبيعية.. ومن المهم أن يراعى الدستور الجديد العدل بين طوائف الشعب وفئاته، فلا تطغى فئة على أخرى لأسباب غير منطقية.. وبلا شك فإن وجود كل المهن أمر محمود يساعد على التمثيل النيابى المتوازن، ويدعم اللجان البرلمانية المتخصصة بكل التخصصات.. فلا تحتاج لندب متخصصين غير منتخبين، وتمنع خداع أعضاء المجلس عند مناقشة أمور متخصصة أو معاهدات.. إلخ. لقد حان الوقت لوضع حل جذرى لهذه المشكلة الموروثة من الأنظمة الطغيانية، ونقترح حلاً لهذه المشكلة؛ أن يمنح الدستور الجديد الفرصة لتمثيل كل المهن طبقًا لعددها.. فلو ضربنا مثلاً بالدوائر الأساسية (المراكز) التى كانت تمثل باثنين أحدهما على الأقل من العمال والفلاحين: يتم تغيير النظام لينتخب المواطن اثنين؛ أحدهما يمثل دائرته الجغرافية (أيًا كانت مهنته)، والثانى يمثل مهنته (أيًا كانت دائرته الجغرافية)، طبقًا لبطاقة الرقم القومى.. ونظرًا لكثرة أعداد المهن، فيمكن ضم المهن المتشابهة فى مجموعات واحدة لتسهيل إجراء عمليات التصويت.. وبالطبع فسوف يكون للنقابات دور أساسى فى ترشيح أعضائها والتعريف بهم وببرامجهم؛ مما يدعم مبدأ الاهتمام بالبرامج والأفكار ويساعد فى القضاء على العصبيات القبلية والطائفية.. بهذه الطريقة نكون قد منحنا الفرصة لتمثيل جميع المهن تمثيلاً طبيعيًا دون طغيان فئة على أخرى، ووضعنا حلاً لمشكلة تمسك العمال والفلاحين بهذه الميزة.. لأنهم سيمنحون الفرصة ولكن طبقًا لأعدادهم الحقيقية. همسات: • الفلول يدفعون بسطاء الناس للتظاهر أمام القصر الجمهورى.. وهذا لا يليق بمصر الثورة، وينبغى سرعة تشخيص المشكلات الموروثة؛ وهى معروفة، وإعلان جدول زمنى لحلها ليهدأ الناس ويعودوا إلى أعمالهم. • رئيس الوزراء يحاول منع إسراف الحكومة فى استهلاك الكهرباء.. هل أدلك على أعمدة بالشوارع تعمل 24 ساعة دون توقف؟!.. المعلومات موجودة لمن يريد، ومثلها مياه تنزف 24 ساعة! • حان الوقت للتخلص من البيروقراطية والفوضى التى أورثها لنا المخلوع، ولنضرب بعض الأمثلة: - هندسة الرى والصرف بمدينة ديرب نجم (شرقية) تتبع مدينة ميت غمر (دقهلية) ومخصصة لسكانها البعيدين عنها.. أما سكان ديرب نجم فعليهم الذهاب إلى مدينة الإبراهيمية.. هل فهمت شيئًا؟! - لاستخراج رخصة مبانى، يخضع المواطن لعملية (كعب داير) على كل الإدارات.. وقد فوجئ صديقى بأن إدارة الطرق تنفرد بفرض رسوم كبيرة دون وجه حق، ودون تقديم خدمة مقابلة مثلاً، بل إنهم بالعكس يأخذون ولا يعطون، إذ يجبرونك على ترك 25 مترًا بينك وبين الطريق.. من الذى فرض هذه الرسوم المجحفة؟! - فى المدن الجديدة تفرض شركة المياه على المواطن الذى يبنى بيتًا تسديد رسوم استهلاك المياه بالسعر التجارى، وهذا يمكن احتماله.. ولكن لماذا تضيف الشركة (رسوم صرف صحى) رغم عدم وجود صرف، ورغم أن المياه تستخدم فى الإنشاءات؟! [email protected]