مؤيدون: قضيته لم تعد محلية.. معارضون: دعوة فجة للتدخل الأجنبي بعد أسابيع من تقدمه بطلب إلى المحكمة من أجل إخضاعه للكشف الطبي على نفقته الشخصية، عاد الجدل ليتفجر مجددًا حول ظروف احتجاز الرئيس الأسبق محمد مرسي في محبسه، بعد أن كشف النقاب يوم الثلاثاء الماضي عن تقدم لجنة تابعة لمجلس العموم البريطاني بطلب للسلطات المصرية لزيارته بمحبسه، للتحقيق في ظروف احتجازه. وتقدم فريق برلماني بريطاني بطلب إلى سفير مصر في لندن، ناصر كامل، لمساعدة اللجنة في ترتيب زيارة لرؤية مرسي، وذلك في أعقاب شكوى تقدم بها عبدالله مرسي، نجل الرئيس الأسبق الأصغر، حول معاناته بمحبسه، وطلب السفير مهلة 10 أيام للرد على الطلب. وتتشكل اللجنة من كل من عضو البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين كريسبين بلانت، رئيسًا، وعضو مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، ووزير الدولة السابق لشؤون العدل، اللورد إدوارد فولكس (المحامي)، وعضو البرلمان البريطاني عن حزب العمال، والطبيب الشرعي بالمؤسسة الطبية لرعاية ضحايا التعذيب، بول وليام، عضوين، والمستشار القانوني فيم مولوني (المحامي). وقال محمد الدماطي، محامي مرسي، إن فريق الدفاع عن الرئيس الأسبق ينتظر "تطورات كبرى"، مضيفًا: "الطلب يعتبر الأول من نوعه لجنة دولية بهذه القوة، وننتظر تطورات كبرى بها الخصوص خلال الفترة المقبلة". وتابع في تصريحات إلى "المصريون": "الطلب سيؤدي إلى رد العديد من الحقوق المسلوبة من الرئيس الأسبق، والمتعلقة بمكان احتجازه ومنع زيارته من قبل أسرته وفريق المحامين الموكل بالدفاع عنه". واستدرك الدماطي: "السفارة المصرية في بريطانيا أعطت مهلة 10أيام للرد على طلب اللجنة البرلمانية البريطانية بزيارة مرسي، والكشف عن مكان احتجازه وطرق معاملته". ومضى قائلاً: "بالتأكيد فإن الحكومة المصرية لن تستطيع رد طلب اللجنة البريطانية، لأنها موكلة من مجلس العموم البريطاني، ومن أقوى حزبين هناك: المحافظين والعموم، وبالتالي هناك إجماع على تعرض مرسي للتنكيل، ومن ثم فإن أي رفض للزيارة يمثل تأكيدًا لوجهة النظر السلبية". وأشار الدماطي إلى أنه قام برفع دعوى جديدة تتعلق بإلغاء قرار منع زيارة مرسي، "خاصة وأن فريق الدفاع عنه لم يتمكن من زيارته سوى مرة واحدة، وكذلك الأمر لأسرته، وهو ما يعني عدم تنفيذ القوانين الدولية والمحلية المتعلقة بحقوق السجناء السياسيين والتي توجب على الحكومات والأنظمة السماح بزيارة المساجين". في المقابل، رد أعضاء مجلس النواب والمجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر بالرفض على طلب أعضاء مجلس العموم البريطاني لزيارة مرسي للاطلاع على ظروف احتجازه بمحبسه. وقال النائب عاطف مخاليف، عضو لجنة حقوق الإنسان، إن "الدولة المصرية غير عابئة بمثل هذه الدعوات في ظل انشغال كافة المؤسسات الوطنية بالحرب على الإرهاب في شمال سيناء وفي كافة أنحاء الجمهورية، إلى جانب الاستعداد للانتخابات الرئاسية، التي تجرى في ظل أجواء سياسية مضغوطة، عبر حشد كافة القوى الشعبية للمشاركة فيها لمنع كافة المحاولات لإسقاط النظام". وفيما أبدى تعجبه من تقديم الطلب في هذا التوقيت، أضاف مخاليف في تصريح إلى "المصريون"، أن "لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب تفكر جديًا في مخاطبة مجلس الأمن والأممالمتحدة، خلال الفترة المقبلة، للإعراب عن رفضها لأية تدخلات في الشأن الداخلي المصري، على ضوء الطلب المقدم من أعضاء من مجلس العموم البريطاني بزيارة سجين في السجون المصرية، خاصة وأنه صادر ضده أحكام جنائية تصل إلى حد الإعدام، ومنها الخيانة العظمي، وهي أبرز الجرائم التي لا تتيح لأي متهم حقوقه الطبيعية". بدوره، عقد المجلس القومي لحقوق الإنسان، اجتماعًا انتقد فيه الطلب البريطاني. وقال صلاح سلام عضو المجلس، إن "الدول الكبرى لا تعلم أن الأمور في مصر تغيرت، وأصبح هنالك قائد ودولة قوية، ولا يمكنها أن ترضخ لمثل هذه الضغوطات، خاصة وأنها قادمة من مجلس نيابي يعلم قيمة الدولة، ويعرف المؤسسية التي تتميز بها مصر عن بقية الدول الأخرى، ومن ثم فإنه سيتم رفض الطلب في القريب العاجل". وأضاف سلام ل"المصريون": "الزيارات التي نظمها الرئيس الأسبق محمد مرسي لبعض من المسئولين في لجان حقوق الإنسان إبان حكم جماعة "الإخوان المسلمين"، جعلهم يظنون أن الأمر متاح في أي وقت، وهو أمر غير مقبول، وغير معتاد من مجلس العموم في بريطانيا، وإنما منوط به مجالس حقوق الإنسان في العالم، والتابعة لمجلس الأمن، أو الأممالمتحدة، ويتم مقابلته بشكل رسمي عن طريق وزارة الخارجية والمؤسسات الأمنية المختصة". ويقول رئيس اللجنة التي طلبت زيارة مرسي بمحبسه، إن "اللجنة سوف تحقق في ما إذا كانت المعاملة التي يلقاها مرسي تتوافر فيها المعايير الدولية والمصرية المطلوب توافرها في حالة اعتقال الأفراد وما إذا كان مرسي يحصل على العناية الطبية الكافية". وأوضح في رسالته إلى السفير المصري، أن اللجنة تم تشكيلها بمبادرة من مكتب المحاماة "آي تي إن" بالنيابة عن أفراد عائلة مرسي، وسوف تقوم اللجنة بإجراء تحقيق مستقل، وطلب منها التحقق من ظروف حبس الرئيس الأسبق وما يلقاه من معاملة منذ القبض عليه في عام 2013. ولم تقتصر موجة الجدل على طلب النواب البريطانيين بالتحقيق في ظروف احتجاز مرسي على جانب السلطة وأنصارها، بل إنها أثارت اعتراضات في أوساط المؤيدين للرئيس الأسبق على اللجوء لتدويل قضيته. ورد عبدالله نجل الرئيس الأسبق محمد مرسي ببيان تضمن هجومًا شديد اللهجة ردًا على على تلك الانتقادات، قائلاً إن "قضيته (والده) وحياته والانتهاكات التي يتعرض لها هي قضية العالم أجمع وليست فقط محلية". وأضاف: "الحديث عن الانتهاكات التي يتعرض لها الرئيس مرسي في محبسه تخطى حدود الانتهاك السياسي إلى الانتهاك الإنساني، وتخطى حدود الجغرافيا المصرية ليصل إلى كل أقطار العالم في ظل وسائل الإعلام العالمية والدولية". وبرر نجل مرسي، لجوءه إلى إثارة قضية والده خارج مصر بما يتعرض له خلال محاكمته، إذ "يتم منعه من الحديث أو مقابلة فريق دفاعه القانوني فضلاً عن منع زيارة الأهل علي مدار سنوات الاعتقال واعتقال نجله ومحاميه أسامة مرسي ومن قبله اعتقالي أنا أصغر أبنائه". وحصل مرسي على 3 زيارات في محبسه لأسرته ومحاميه، إحداها في عام 2013، والأخريين في 2017، بحسب أسرته. ووفق لائحة السجون المصرية من حق أي سجين أن يتمتع بزيارة مرة على الأقل كل شهر ميلادي، فيما قالت أسرة مرسي مرارًا أنها اعتادت أن يتم منعها من زيارته. وأبدى عبدالله، تعجبه من ردود فعل ساسة ونشطاء قال إنهم "يحاولون حصر قضية الرئيس (الأسبق) مرسي داخليًا وتركها تموت بين أروقة المحاكمات (...) التي يطعن فيها ولائيًا". وأشار إلى احتجاز والده في "زنزانة انفرادية معزولة عن العالم"، ما اعتبره بمثابة "قتل بطيء" له، عن طريق الإهمال الطبي المتعمد وسوء الرعاية والمعاملة والحصار الشديد. ومرسي محبوس منذ 3 يوليو 2013، حين أطاح به بعد عام واحد من فترته الرئاسية، إثر احتجاجات شعبية مليونية ضد حكم الإخوان، وصدر بحقه 4 أحكام في 6 قضايا، هي: الإدراج ضمن "قائمة الإرهاب"، والسجن 25 عامًا بقضية "التخابر مع قطر"، والسجن 20 عامًا بقضية "أحداث قصر الاتحادية" الرئاسي، والحبس 3 سنوات في "إهانة القضاء". ويعيد القضاء محاكمة مرسي في قضيتين، هما: "الهروب من السجون"، و"التخابر مع حركة حماس".