أعلنت ما تعرف بقوات "المجلس الانتقالي الجنوبي" باليمن، اليوم الثلاثاء، سيطرتها على أغلب الأحياء والشوارع الرئيسية بالعاصمة المؤقتة عدن (جنوب). جاء هذا بعد يومين من المعارك ضد قوات الحماية الرئاسية الموالية للحكومة المعترف بها دوليا. وقال مصدر في قوات "الحزام الأمني" الموالية للمجلس، في تصريحات ل"الأناضول" مفضّلاً عدم الكشف عن هويته كونه غير مخول بالحديث للإعلام، إن "المجلس الانتقالي الجنوبي أحكم سيطرته على كامل المدينة". وتنتشر قوات "الحزام الأمني"، التي أنشئت منتصف يوليو 2015، في عدنوالمحافظات المحيطة بها، وتحظى بدعم من دولة الإمارات، ويقودها حاليا نائب رئيس "المجلس" الساعي للانفصال هاني بن بريك. وأضاف أن سيطرة قوات "المجلس" على المعسكرات التابعة لقوات "الحماية الرئاسية"، صباح اليوم، "توجت انتصار المقاومة الجنوبية في استعادة حقها الطبيعي من النضال، ولبّت مطالب الشعب الجنوبي". وأشار إلى أن معسكر "39 مدرع" الذي يقوده العميد عبدالله الصبيحي، في جبل حديد، ومعسكر "الصولبان" الذي تتمركز فيه القوات الخاصة ولواء الدفاع الساحلي، في الساحل البحري لخور مكسر، ما تزال ترفض الاستسلام. وتابع: "نتفاوض معهم من أجل الاستسلام". وانتشرت القوات التي ترفع العلم الذي يحوي المثلث الأزرق والنجمة الحمراء، الذي يشير إلى دولة الجنوب قبل توحيد البلاد عام 1990، في أغلب شوارع المدينة، بعد أن كانت ممزقة بين سيطرة الطرفين، في اليومين الماضيين. ويخشى السكان موجة عنف جديدة، رغم بدء عودة مظاهر الحياة إلى عدد من الأحياء، وفتح الطرقات المغلقة، في أحياء "الشيخ عثمان" و"المنصورة" و"التواهي" و"البريقة" و"المعلا". وقال عمار المحوري، وهو أحد السكان في حي "دار سعد" الذي ما يزال يشهد توتراً،: "نتمنى أن تتوقف المواجهات عند هذا الحد". وأضاف: "قُتل عدد من سكان قريتي في اليومين الماضيين، وفي النهاية لن ينتصر أي طرف، فالحرب تدور بين السكان أنفسهم، وهم من كانوا يقاتلون الحوثيين في صف واحد قبل أعوام في المدينة، أضحوا يتقاتلون اليوم فيما بينهم". لكن المصدر في قوات "الحزام"، شدد على أنه "لن يكون هناك قتال من جديد، نحن نعترف بشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي، وليست لدينا أطماع في الاستئثار بالحكم، رفعنا مطلبا واحدا، وهو إزاحة الحكومة". وفي 21 يناير الجاري، أعطى "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي تأسس في أبريل من العام الماضي، مهلة بأسبوع، للرئيس هادي من أجل إقالة حكومة أحمد بن دغر، وتعيين حكومة جديدة. وقال المصدر "خرج أبناء الجنوب للاحتجاج والاعتصام، لكنهم منعونا، مما أدى إلى اندلاع المواجهات". وعن مصير الحكومة، أفاد المصدر بأن الحكومة اليمنية برئاسة بن دغر ما تزال تعقد اجتماعها في قصر المعاشيق بكريتر، "وهي ليست هدفاً عسكرياً للمجلس، بل نطالب الرئيس هادي بإقالتها، لأنها حكومة فاسدة". ويقع قصر المعاشيق في موقع استراتيجي على منطقة جبلية في لسان بحري على ضفاف خليج عدن، جنوبيالمدينة، وتؤمّنه قوات من الحماية الرئاسية، وقوات إماراتية وسعودية، وفق المصدر. من جهة، قال وزير الدولة في حكومة بن دغر صلاح الصيادي، إن الحكومة مستمرة بعقد اجتماعاتها ونشاطاتها من مقرها في قصر المعاشيق بعدن. وذكر الصيادي في تدوينة على صفحته بموقع "فيسبوك"، "إن ما يحدث بدار سعد من اشتباكات وقتل بالهوية، فإن الحكومة تبذل جهودها لإيقاف ذلك". وأضاف "قبل قليل (الساعة ال6 بالتوقيت المحلي) قمت بجولة قصيرة في المناطق القريبة من معاشيق وحقات وصيرة وشرق وجنوب كريتر، وزرت نقاط ومواقع الحماية الرئاسية هناك، ومعنوياتهم عالية وملتزمين بوقف إطلاق النار وهدوء يسود عدن وعودة تدريجية للحياة والنشاط المعتاد". في السياق، أفضت وساطة عسكرية قادتها قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية وقيادات عسكرية يمنية، إلى تسليم معسكرات الحماية الرئاسية التي سيطرت عليها قوات "الانتقالي الجنوبي" إلى عناصر المقاومة. وقال مصدر عسكري في المقاومة، إن اللواء الأول عمالقة (وهو لواء يضم السلفيين الذين يقاتلون ضد الحوثيين، يقوده الشيخ حمدي شكري)، تسلّم معسكر قوات اللواء الرابع حماية رئاسية، في حي دار سعد. وأضاف "عاد الشيخ حمدي وقوات مرافقة له إلى عدن من مدينة المخا (شمال عدن)، وقاد مع آخرين وساطة تقضي بوقف القتال، وحتى اللحظة ما تزال مساعي التهدئة قائمة". ومنذ صباح أول أمس الأحد، تشهد عدن، اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة بين قوات الحماية الرئاسية، الموالية للحكومة، وقوات تابعة للمجلس الانتقالي للجنوبي، الذي يطالب بإقالة حكومة "بن دغر"، متهما إياها بالإخفاق في توفير الخدمات. وتهدد هذه الاشتباكات الجهود المشتركة للقوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي (يطالب بانفصال جنوب اليمن عن شماله) في قتال جماعة (الحوثيين)، المدعومة من إيران، التي تسيطر على محافظات، بينها صنعاء منذ عام 2014. ويفاقم القتال بين الحليفين من معاناة اليمنيين، الذي أدت الحرب المستمرة من أكثر من ثلاث سنوات إلى تردي أوضاعهم المعيشية والصحية، حتى بات معظم السكان بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بحسب الأممالمتحدة.