أثار تقرير صحفي بريطاني جدلاً واسعاً في البلاد، واضطرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي إلى قراءته والتعليق عليه على الرغم من انشغالها في منتدى "دافوس" الاقتصادي، وذلك بعد أن كشف فضيحة تحرش جنسي غير مسبوقة في حفل خيري كبير كان مخصصاً للرجال فقط في أحد أفخم وأشهر فنادق العاصمة البريطانية لندن. وكشفت صحيفة " فايننشال تايمز" الفضيحة، حيث تبين أن الحفل، الذي شهد تحرشاً جنسياً واستغلالاً غير قانوني للعاملات، انعقد بمشاركة وحضور 360 شخصية من أرفع رجال الأعمال والسياسيين في البلاد، أما الضحايا فهن 130 مضيفة تم إجبارهن على ارتداء ملابس خاصة وتوقيعهن على تعهدات خطية بعدم إفشاء سر ما يجري داخل الحفل. وفي التفاصيل التي قرأتها "العربية.نت" بعناية من التحقيق الصحفي الذي نشرته "فايننشال تايمز" فإن الحفل نظمته جمعية "ذا بريزيدنتس كلوب" الخيرية التي أعلنت وقف نشاطها فور نشر التقرير، أما مكان الحفل فكان في فندق "دورتشستر" الشهير وسط لندن، فيما كان الحفل عبارة عن عشاء ومزاد خيري خاص، ويهدف في نهاية المطاف إلى جمع الأموال لتمويل بناء مستشفيات للأطفال. 130 مضيفة صدرت لهن تعليمات بارتداء ملابس قصيرة الصحافة فضحت التحرش واكتشفت "فايننشال تايمز" الفضيحة بعد أن نجحت الصحفية ماديسون ماريج في الدخول إلى المكان، كما أن الصحيفة أرسلت اثنتين من النساء تقدمن للعمل مع الجمعية الخيرية كمضيفات من ضمن ال130 فتاة، ومن ثم رصدن تفاصيل الحفل الذي أقيم في وسط لندن يوم الخميس، الثامن عشر من شهر يناير الحالي. ويقول التحقيق الصحفي إن العديد من المضيفات تعرضن للتحرش، سواء باللمس أو الكلام أو المضايقة أو محاولة الاستدراج من قبل المشاركين في الأمسية، مشيراً إلى أن من بينهن طالبات جئن للعمل من أجل تحصيل بعض المال لتغطية المصاريف الإضافية لهن. وأضافت الصحفية التي كتبت التحقيق: "طلب المنظمون من جميع السيدات والفتيات ارتداء ملابس سوداء مثيرة وأحذية ذات كعب عالٍ. وخلال الحفل تعرضت العديد من العاملات للتحرش". واستمر الحفل لست ساعات متواصلة في المساء، حيث تعرضت الفتيات خلاله لعمليات تحرش متكررة تضمنت الطلب منهن الانضمام إلى عشاء خاص في غرفة نوم بالفندق، فيما قالت العديد من المضيفات إن الرجال وضعوا أيديهم على أجسادهن خلال الحفل. المضيفات تلقين تحذيرا مسبقا وبحسب الشهادات التي أوردتها "فايننشال تايمز" فإن شركة متخصصة بتنظيم الحفلات، تديرها كارولين داندرج، هي التي قامت بتوظيف العاملات في الحفل وأبلغتهن بأنه "أحد أرقى المناسبات في بريطانيا"، أما اللافت في الأمر فهو أن الشركة التي استقطبت العاملات أبلغتهن بأن الحفل للرجال فقط وأنهن قد يتعرضن لشيء ما، كما أن الشركة نصحت إحدى المتقدمات للوظيفة بأن تكذب على صديقها ولا تقول له حقيقة الحفل الذي تذهب إليه. وخطفت هذه الفضيحة اهتمام رئيسة الحكومة البريطانية ماي التي أعربت عن صدمتها البالغة، وقالت على هامش مؤتمر "دافوس" الذي تشارك فيه: "شعرتُ بالصدمة حين قرأت المقال. كنتُ أحسب أن هذا النوع من السلوك الذي يقوم على تسليع النساء قد أصبح من الماضي". وأضافت: "لدينا الكثير من العمل، سأواصل العمل إلى أن نتمكن من القول إن النساء يُعاملن على قدم المساواة مع الرجال". ماي أعربت عن شعورها بالصدمة من التقرير وطالبت بالتوقف عن تحويل المرأة إلى سلعة ولاحقاً لتقرير "فايننشال تايمز"، وقع أكثر من 70 ألف شخص دعوى تطالب الحكومة البريطانية بتشديد الحماية القانونية للعاملات من التحرش الجنسي. تقليد منذ 33 عاما وأوردت الصحيفة البريطانية أسماء عدد كبير من كبريات الشركات والشخصيات ورجال الأعمال والمستثمرين الذين شاركوا في الحفل الخيري، ومن بينهم مدراء ومؤسسو صناديق استثمارية كبيرة ومشهورة، كما لفتت الصحيفة الى أن هذا الحفل السنوي الذي يقتصر على الرجال يُقام بشكل سنوي منذ 33 عاماً. وبحسب المراجعة التي أجرتها "العربية.نت" لأسماء الحاضرين في الحفل فمن بينهم شخصيتان عربيتان على الأقل، أحدهما مصرفي كبير. ديفيد ميلر نائب رئيس نادي "بريزيدنتس كلوب" استقال من لجنة تابعة لوزارة التربية إثر الكشف عن الفضيحة وتقوم فكرة الحفل على تنظيم مزاد خيري خاص لعدد من الأشياء الغريبة، ومن بين هذه الأشياء على سبيل المثال عشاء خاص مع وزير الخارجية بوريس جونسون، أو تناول فنجان من الشاي مع حاكم بنك انجلترا المركزي مارك كارني. وانتهى الحفل الذي استمر ست ساعات فقط بجمع مليوني جنيه إسترليني (2.8 مليون دولار) من المتبرعين الحاضرين، فيما تقول بيانات "فايننشال تايمز" إن منظمة "ذا بريزيدنت كلوب" الخيرية تمكنت من جمع أكثر من 20 مليون جنيه إسترليني خلال سنوات عملها ال33. يشار إلى أن الجمعية أعلنت فور نشر التقرير وقف أعمالها وسط حالة من الجدل التي سادت أوساط السياسيين ورجال الأعمال في بريطانيا.